يقول محمد لـ”سكاي نيوز عربية”، ” كنت أود قضاء ليلة رأس السنة، بمدينة ورزاوات المعروفة بأجوائها الهادئة، والتوقف قبل ذلك ليلة أو ليلتين حسب برنامج الرحلة في مدينة مراكش، لكن القرار الجديد، اضطرني لقضاء هذه الليلة في المنزل”.    

وكان المغرب قد حدد الساعة التاسعة مساء لفرض حضر التنقل الليلي، كإجراء للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد، تزامنا مع هذه الفترة من السنة التي تعرف باحتفالات رأس السنة الميلادية، يستمر إلى غاية 13 من يناير 2021.

كما قررت المملكة إغلاق المطاعم والمقاهي والمتاجر والمحلات التجارية الكبرى على الساعة الثامنة مساءا، مع إغلاق كلي للمطاعم بعدد من المدن الاقتصادية الكبرى والمدن السياحية في المملكة، مع منع التجمعات العامة والخاصة.

احتفال وأمنيات

” كانت هذه السنة صعبة على الجميع، لذلك لن أفوت فرصة الاحتفال بالسنة الجديدة في المنزل أمام تعذر السفر” يقول الشاب الثلاثيني محمد، ويضيف ” سنقيم احتفالا بسيطا ونحضر مائدة طعام تتوسطها الكعكة ونحن نتابع السهرة الفنية التي تبث بهذه المناسبة”.

وعن أمنيته للسنة الجديدة، يقول محمد الذي فقد فردا عزيزا من عائلته بسبب إصابته بكورونا، “أتمنى أن تنطلق عملية تلقيح المغاربة في أقرب وقت، وأن يشمل التلقيح كل سكان العالم، حتى نتمكن من السفر والعمل والعودة إلى حياتنا الطبيعية كما كانت قبل الجائحة”.

لا تختلف إيمان بلغيثي، كثيرا عن محمد، وتقول ” تعودت منذ سنوات على قضاء هذه الفترة من العام والاحتفال برأس السنة في إحدى فنادق مراكش أو أغادير رفقة العائلة، إلا أن الظروف فرضت علينا المكوث في المنزل هذا العام”.

تتابع الشابة العشرينية من مدينة الرباط: ” لدى قررت هذه السنة أن أعد بنفسي كعكة للاحتفال بالمناسبة، شبيهة بالتالي نشتريها من المخابز أو التي تقدم في الفنادق، حيث شاهدت العديد من الفيديوهات تبين طرقة إعداد عكك خاص بليلة راس السنة، وأعتقد أنني سأنجح في المهمة”. 

تتحدث إيمان عن أمنيتها للعام 2021 مبتسمة، ” لقد تمكنت على الأقل هذه السنة وبفضل الحجر الصحي من ادخار بعض المال، الذي سيمكنني من السفر خلال السنة الجديدة إلى جزيرة بالي السياحية، لدى أتمنى أن تعود الحياة إلى طبيعتها وتفتح الحدود دون شروط أو اجراءات استثنائية”     

” إنها فرصة للقاء العائلة، لكن الظروف الحالية تمنع علينا التنقل، لذلك سنكتفي بالتواصل عبر فيديو جماعي مع أفراد من العائلة، لتوديع هذه السنة معا ونستقبل سنة أخرى بكثير من التفاؤل والإيجابية” تقول زهراء جابور من الدارالبيضاء.

تتابع زهراء “سمعت عن ظهور سلالة جديدة من كوفيد-19 أتمنى هذه السنة الجديدة أن لا نعود لنعيش نفس السيناريو السابق، وأن يكون اللقاح فعالا ضد الفيروس وسلالته الجديدة”

ثقافة الاحتفال

يتقاسم محمد وإيمان وزهراء أمنياتهم مع العديد من المغاربة اللذين يقضون ليلة رأس السنة، هذا العام داخل منازلهم، بعيدا عن عائلتهم الكبيرة وأصدقائهم، على أمل توديع الوباء قريبا والاجتماع في المناسبات القادمة.

يقول أستاذ علم النفس الاجتماعي، محسن بنزاكور، في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، أن مفهوم الظاهرة الاحتفالية هو جزء لا يتجزأ من الثقافة الشعبية المغربية، حيث يحرص المغاربة على استغلال جميع المناسبات ومن ضمنها مناسبة رأس السنة، للاحتفال والتعبير عن الفرح.

ويشير الأستاذ الجامعي، إلى أن إقبال المغاربة على الاحتفال بصفة عامة يتجسد في تخصيص القرى المغربية، ساحاتها كمكان ورمز للاحتفالية التي تجمع النساء والرجال لغرض الرقص والغناء دون حواجز أو تفرقة، وفي حدود الاحترام، وهو ما يشكل امتدادا للثقافة المغربية القديمة.  

وانطلاقا من ذلك يشير محسن بنزاكور، إلى أن الاحتفال برأس السنة الميلادية في المغرب، لايحمل أي بعد ديني، بل يعود إلى الظاهرة الاحتفالية التي يعرف بها المغاربة، مشددا على ضرورة عدم ربطه التأويلات الايديولوجية لبعض الأشخاص اللذين يحرمون الاحتفال بهذه المناسبة، التي تبقى مشتركا إنسانيا.

وكل مظاهر الاحتفال لدى المغاربة خلال هذه المناسبة سواء في أماكن عامة أو داخل منازلهم، نابعة حسب بنزاكور، من انفتاح المجتمع المغربي على الآخر، وتمتعه بحرية التعبير عن الفرح و الحب، بعيدا عن أحكام القيمة المسبقة، في احتفالية ذات بعد جماعي. 

يقول الباحث في علم النفس الاجتماعي، “المغاربة يحتفلون أيضا بالتاريخ الميلادي الذي يعتمده العالم، وبسنة جديدة في العمل والدراسة والحياة يستبشرون منها خيرا، وهي المناسبة التي يستغلها أيضا العاملون في بعض القطاعات لترويج تجارتهم”. 

وفي ظل الحجر الصحي ومنع الاحتفالات والتجمعات، يقول محسن بنزاكور، أنه رغم هذه الإجراءات هناك من سيتشبث بالاحتفال عبر الوسائل الممكنة، محذرا من مغبة تكرار سيناريو عيد الأضحى، الذي ارتفعت بعده حالات الإصابة بفيروس كورنا في المغرب.

ويشير المتحدث في الوقت ذاته إلى أن هذه الظروف لن تمنع عددا من المغاربة من الاحتفال داخل بيوتهم، خاصة في ظل إغلاق المطاعم ومنع الاحتفالات في الفنادق والأماكن العامة.