‘);
}

خير نساء الأرض

جعل الله -تعالى- تقوى القلوب ميزان التفضيل بين الخلائق، وسبباً لعلوّ مكانتهم عنده، حيث قال: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)،[١] فإذا ورد حديث، أو قول في فضل أحد الناس، وفي جزائه العظيم عند الله سُبحانه؛ فإنّه ولا شكّ قد أدّى ما عليه ابتغاء مرضاة ربّه سُبحانه، ففاز بهذا المكان الرفيع، والأجر الجزيل، كما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قولاً في أفضل نساء أهل الجنة، وهو: (أفضلُ نساءِ أهلِ الجنةِ خديجةُ بنتُ خويلدٍ، وفاطمةُ بنتُ محمدٍ، ومريمُ بنتُ عمرانَ، وآسيةُ بنتُ مزاحمٍ امرأةُ فرعونَ)،[٢] حيث كان لكلّ واحدةٍ منهنّ تضحية، وعمل عظيم أدّته في سبيل دينها، ودعوتها حتى حازت هذه المنزلة الرفيعة عند الله تعالى، إذْ إنّهنّ لم يُبشرن بالجنة وحسب، بل رُفعن إلى حدّ الأفضلية المطلقة في الجنة.

خديجة بنت خويلد

خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية الأسديّة، وهي أمّ المؤمنين زوجة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كانت طاهرة، ترفّعت عن أفعال النساء أيّام الجاهليّة، ثمّ تزوّجها الرسول، فكانت نِعم الزوجة الهانئة له، وكانت أوّل من آمن وصدّق برسالته، وثبّتته، وشدّت من أزره في بداية الأمر، حين عاد خائفاً يوم نزول الوحي عليه، ثمّ تتابعت فضائلها معه، بتثبيته، وتأييده حين كذّبه أهله، واستهزؤوا به، ثمّ صبرت مع زوجها حين حُوصر مع من آمن معه في الشِعب، فأكلت أوراق الشجر، وكانت صابرةً مُحتسبةً، وتوفّيت في السنة التي انتهى فيها الحصار، فحزن عليها النبي حزناً شديداً، حيث كان يحبّها، ويلجأ إليها في كلّ مُصابٍ يمرّ به، حتى قالت فيها عائشة رضي الله عنها: (ما غِرت على أحدٍ من نساء النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ما غِرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يُكثر ذكرها).[٣]