‘);
}

دعاء كفارة المجلس

كثيراً ما يحصل في المجالس نوعٌ من الغيبة، أو النميمة، أو الخلط في الحديث، أو الكلام الذي لا فائدة فيه دون قصد من الجالس، فيحتاج إلى ما يمحو به الذنوب التي قد يكتسبها من ذلك المجلس، فيُسَّن له عند القيام من المجلس أن يذكر الله -تعالى-، ويدعو بدعاء كفّارة المجلس الذي ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ قال: (من جلس في مجلسٍ فكثُرَ فيه لَغطُه فقال قبل أن يقومَ من مجلسِه ذلك سبحانك اللهمَّ وبحمدك أشهدُ أن لا إله إلا أنت أستغفرُك وأتوبُ إليك إلا غُفِرَ له ما كان في مجلسِه ذلك)،[١][٢] ويُعَدّ هذا الدعاء ماسحاً للذنوب التي قد يتلفّظ بها المسلم في مجلسه دون تعمُّد منه، ومنها ما قد يكون مُتجاوزاً الحَدّ بقولها، فيذكر الله -تعالى-؛ بقَصد تكفير الذنوب، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إنّ ما يُميّز هذا الدعاء اشتماله على توحيد الله -تعالى-، واستغفاره، وقال العالم القاري -رحمه الله- في شرح الدعاء إنّ ممّا يُميّز هذا الدعاء اشتماله على إقرار من العبد بتوحيد الألوهيّة، واعترافه بتقصيره في عبادة الله -تعالى-.[٣]

والخوض في الكلام في المجالس ثمّ ذِكر الدعاء لا يغفر للمُتكلِّم كلّ ما كان في مجلسه؛ لأنّ بعض الذنوب، كالغيبة، والنميمة، وقول السوء، لا يكفي لها مُجرَّد النطق بهذا الذِّكر، بل يجب الاستسماح من أصحابها،[٤] وقد روى جماعة من الصحابة -رضوان الله عليهم- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يختم مجالسه بدعاء كفّارة المجلس، وأمر أن تُختَم المجالس به، حتى لو كان ذلك المجلس مجلس ذِكر، أو قرآن، أو بعد الصلاة، أو مجلس مع الأهل، أو مجلس صُلح؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- إذ قالت: (ما جلَس رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم مجلِسًا، ولا تلا قُرْآنًا، ولا صلَّى صلاةً، إلَّا ختَم ذلكَ بكلِماتٍ، قالَتْ: فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أراك ما تجلِسُ مجلِسًا ولا تتلو قُرْآنًا، ولا تُصلِّي صلاةً، إلَّا ختَمْتَ بهؤلاءِ الكلِماتِ، قال: نَعم، مَن قال خيرًا خُتِمَ له طابَعٌ على ذلكَ الخيرِ، ومَن قال شرًّا، كُنَّ له كفَّارةً: سُبحانَكَ وبحمدِكَ، لا إلهَ إلَّا أنتَ، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليكَ).[٥][٤]