عمان- _- صدر عن وزارة الثقافة كتاب بعنوان “القبيلة والنص: تحولات البداوة في الرواية العربية”، للقاص والكاتب ربيع محمود ربيع ضمن إصدارات المدن الثقافية.
يتناول الكتاب ظاهرة تحولات البداوة في الرواية العربية بالدرس والتحليل، وأخذ نماذج روائية تعرضت بشكل مباشر لموضوع التحولات وجعلت منها متناً رئيسياً طغى على هذه النماذج وهي رواية “زنوج وبدو وفلاحون”، للروائي الأردني غالب هلسا، ورواية “فرس العائلة” للقاص والروائي الفلسطيني محمود شقير، ورواية “الفاعل”، للروائي المصري حمدي أبو جليل، ورواية “فخاخ الرائحة”، للروائي السعودي يوسف المحيميد.
في مقدمة الكتاب، يوضح المؤلف أن اختيار هذه الروايات يأتي من ثلاث زوايا هي: جغرافية هذه الروايات كونها تغطي منطقة واسعة، فهي تشمل شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر. ولكونها منطقة متقاربة من حيث الأخلاق والقيم والعادات البدوية، حيث كانت منطقة تنقل دائم للقبائل البدوية قبل قيام الحدود والدولة الحديثة.
أما الزاوية المهمة فهي، قدرة هذه الروايات على طرح قضية التحولات بجرأة ترتبط بذكر أدق التفاصيل التي طرأت على الشخصية البدوية، وبشكل قادر على استيعاب هذه التحولات وتأثيرها في البداوة على الصعيدين السلوكي والباطني الذي يمس روح البداوة.
كما يشير المؤلف في المقدمة إلى الزاوية الفنية في هذه الرواية؛ إذ إن روايتي غالب هلسا ومحمود شقير تنتميان -كما يوضح في الفصل الأخير- إلى مدرسة الرواية الحديثة، بينما تنتمي روايتا حمدي أبو جليل ويوسف المحيميد إلى مدرسة الرواية الجديدة؛ ما أتاح لهذه الدراسة القدرة على رصد هذه التحولات، وعلى استكشاف الأفق الذي تسير فيه كل مدرسة.
ربيع يبين في تصريح صحفي لـ”الغد”، أن الكتاب بالأصل هو رسالة ماجستير، و”أثناء قراءتي لكتب علم الاجتماع العربي، كان هناك سؤال يلح عليه وهو: هل رصدت الرواية العربية التحوّلات التي طرأت على البداوة في القرن العشرين مثلما فعل علم الاجتماع؟ وفي المقابل كان أمامي رأي شبه متفق عليه في الساحة النقدية العربية يقول إن أي ناقد يريد أن يدرس البداوة عليه أن يتوجه إلى أعمال عبد الرحمن منيف أو إبراهيم الكوني، وكأن البداوة والصحراء مختزلتان فيما أنتج هذان الكاتبان على الرغم من أهميته”.
ويتابع ربيع “شرعت في البحث عن روايات أخرى تناولت البداوة وتحوّلاتها؛ فوجدت روايات أكثر جرأة وقدرة على التعبير عن البداوة من روايات منيف التي اشتغلت على البداوة من زاوية سياسية، في حين قامت هذه الروايات بمعالجة البداوة وتقديم قراءاتها بين جميع المستويات الفنية والاجتماعية والسياسية بدون تغليب لمستوى على آخر”.
ويشير ربيع الى أنه أثناء العمل على الكتاب تولّد لديه سؤال يتعلّق بتأثير البداوة في النّص الروائي؛ وهل كان للبداوة تأثير في صياغة النّص الروائي الذي عالج موضوعها؟ وما هي الفروقات الفنيّة بين رواية المدينة ورواية البداوة؟ وما هو أثر توجهات الكاتب في صناعة الرؤية الفنيّة للرواية؟ وذلك فيما إذا كان الكاتب صاحب رؤية حداثية مثل غالب هلسا ومحمود شقير أو ما بعد حداثية مثل حمدي أو جليل ويوسف المحيميد.
يسعى هذا البحث لدراسة التحولات التي طرأت على البداوة نتيجة تعرضها لصدمة الحداثة التي تمثلت بالدولة الحديثة والمظاهر المتفرعة عنها، كما رصدتها الرواية العربية.
ينقسم الكتاب كما جاء في مقدمته إلى ثلاثة فصول ومقدمة وتمهيد وخاتمة، يقدم التمهيد إجابة حول مفهوم البداوة التي عالجتها الروايات الأربعة السابقة، الفصل الأول يقدم إجابة على السؤال المتعلق بأسباب التحولات التي طرأت على شخصية البدوي، من خلال ثلاثة محاور رئيسية وهي: رسم صورة مكتملة للشخصية البدوية قبل التحول، بينما يقدم المحور الثاني الصورة الجديدة للبدوي، ليظهر أنها صورة مناقضة للصورة الأولى، أما مناقشة أسباب التحولات ونتائجها فجاءت في المحور الثالث.
ويناقش الفصل الثاني السؤال الخاص بتحولات علاقة البدوي مع المكان من خلال محورين وهما: تصور طبيعة العلاقة بين البدوي والمكان كما كانت في السابق. ويحلل المحور الثاني علاقة البدوي الجديدة بالمكان، بتحولاتها ونتائجها. ودراسة هذه العلاقة -قبل التحول وبعده- وتطلب ذلك دراسة تراعي الاشتباكات الزمنية بين البدوي والمكان، أي دراسة البدوي وفعله في المكان، بعيداً عن دراسة المكان بمعزل عن الزمن.
أما الفصل الثالث فقد تخصص للإجابة عن الأسئلة الفنية المتعلقة بمدى تأثير الموضوع -البداوة- في تشكيل النص الروائي وبنائه، فيما يخص نوعي الرواية: الحديثة والجديدة؛ مشيراً إلى أن السؤال الرئيسي الذي تحاول هذه الدراسة أن تجيب عنه هو “هل من الممكن تأسيس رواية تعتمد البداوة كبنية نصية بدلاً من المدينة التي تعد بمثابة البنية شبه الثابتة للرواية؟!”. ويبين ربيع أن هذه الدراسة تسعى إلى تقصي غاية النص في كل رواية من الروايات -موضع البحث- والمرتبطة بالرؤية التي يحاول تقديمها، وعلاقة ذلك بنوع المدرسة التي تنتمي لها الرواية: حديثة أم جديدة؟
ربيع محمود ربيع هو كاتب وقاص أردني، حاصل على بكالوريس محاسبة، يكتب في الصحف الأردنية والعربية، صدرت له مجموعة قصصية بعنوان “الذاكرة لا تعشق” العام 2011.