كثيراً ما يرفض الأطفال الذهاب الى المدرسة وخاصة في بداية العام الدراسي، مما يتطلب توعية الأهل والعاملين في المدرسة حول كيفية التعامل معه لتجنب أية آثار سلبية قد تؤثر على سلوك الطفل ومدى تقبله للمدرسة والدراسة والمعلمين مستقبلاً.

عندما يرفض الطفل الذهاب إلى المدرسة يتسائل العديد من الآباء والأمهات حول الأخطاء التي ارتكبوها، تجدر الاشارة إلى أن 20% من الأطفال يرفضون الذهاب للمدرسة في وقت ما من المراحل الدراسية المختلفة، وتعتمد كيفية التعامل مع الطفل على العامل المسبب لرفضه ومدى التعاون بين ذوي الطفل والاختصاصيين داخل المدرسة وخارجها لتخطي هذه المشكلة.

ما هي أسباب رفض الطفل للمدرسة؟

قبل اختيار الخطة المناسبة لمساعدة الطفل للتغلب على رفضه للمدرسة، يجب تحديد السبب وراء ذلك الرفض. فقد عمل مركز الدراسات المتعلقة بالأطفال في جامعة نيويورك (NYU Child Study Center) على تحديد أربعة عوامل رئيسية كما يلي:

  • الابتعاد عن المشاعر السيئة، أي يتجنب الطفل أي عوامل تسبب له القلق المرضي أو الاكتئاب في المدرسة.
  • تجنب التفاعلات الاجتماعية أو التعرض لتقييم أو انتقاد الآخرين، حيث تتولد لدى الطفل مشاعر القلق والاضطراب في المواقف الاجتماعية أو صعوبة في التفاعل مع أقرانه.
  • لفت الأنظار، أي أن يكون ما يظهر على الطفل من نوبات غضب، أو تشبث بالوالدين، أو قلق من الانفصال عنهما أسلوباً للحصول على الاهتمام الذي يحتاج إليه.
  • التمكن من ممارسة النشاطات المسلية خارج المدرسة، أي مشاهدة التلفزيون أو اللعب بألعاب الفيديو.

تكمن الخطورة في رفض الطفل للمدرسة في كيفية التعامل بالشكل الصحيح مع الطفل، وبطريقة لا تتسبب في تعزيز هذا السلوك، وتعزيز السلوك لا يكون فقط بإعطاء الطفل الهدايا أو الجوائز. إذ أن حصول الطفل على ما يريده من تجنب للمواقف التي تسبب له الضيق، أو غير ذلك، يعد أيضا أحد الأشكال المهمة لتعزيز سلوكه.

على سبيل المثال، قد يكون سبب رفض أحد الأطفال للذهاب إلى المدرسة نابعاً من كرهه للحافلة، فإن نوبات الغضب تؤدى إما لعدم اللحاق بالحافلة أو البقاء في المنزل. وكلا النتيجتين تعدان تعزيزا سلبياً لهذا السلوك كون ذلك الطفل قد حصل على ما يريد، وهو عدم ركوب حافلة المدرسة، عبر إظهار غضبه.

كيفية التعامل مع الطفل الذي يرفض الذهاب للمدرسة

إليك النصائح التالية للتعامل مع طفلك الذي يرفض الذهاب للمدرسة:

  • التحدث مع طاقم المعلمين في مدرسة الطفل حول رفض الطفل للمدرسة للبحث في العوامل الداخلية أو الخارجية المتسببة بهذا السلوك، وتمكن الأهل من التعرف على سلوك الطفل بعد دخوله الحصص الصفية وفيما إذا كان رفضه مستمراً أيضاً.
  • عرض الطفل على طبيب الأطفال، فالعديد من الأطفال يكون لديهم أعراض جسدية اضافة الى الأعراض العاطفية. فمن المهم التأكد من أن هذه الأعراض وما يصاحبها من قلق واكتئاب ليست مرتبطة بمرض ما أو ناجمة عن سبب عضوي آخر. وبعد التأكد من ذلك، يصبح بالإمكان مناقشة الطبيب حول ما إن كان لا بد من الاستعانة باختصاصي أو مرشد نفسي كجزء من الفريق العلاجي للطفل
  • حفاظ ذوي الطفل على الهدوء والعقلانية خاصة إن كان سلوك الطفل يؤثر سلباً على بقية أفراد العائلة أو يتسبب بالمخاوف حول قوانين التغيب عن المدرسة، أو ما إن كانت الأم ستفقد وظيفتها في حالة قيامها بطلب الإجازات المتكرر لتجلس مع طفلها في المنزل.
  • ينصح بضرورة التقيد بقاعدة الذهاب الإلزامي للطفل إلى المدرسة، وأن يكون أمراً غير قابلاً للنقاش. ويذكر أن الخوض في جدل أو إعطاء الطفل (مكافأة) للذهاب إلى المدرسة لا يُعد حلاً للمشكلة .

بعد أخذ النقاط السابقة بعين الاعتبار، تهدف الخطوات التالية الى إعادة الطفل إلى المدرسة والسعي لإيجاد حل للسبب الكامن لهذه المشكلة. وعادة ما يتطلب العلاج مرشداً نفسياً من خارج المدرسة، سواء أكان السبب ناجماً عن إصابة الطفل بالاكتئاب، أو القلق، أو اضطراب العناد المتحدي، أو غير ذلك من الأمراض والاضطرابات النفسية. أما إعادة الطفل إلى المدرسة، فتتطلب تعاوناً من جهة المدرسة أيضاً.

للمزيد: العلاج النفسي للطفل من خلال اللعب

دور العائلة في التعامل مع مشكلة رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة

فور تأسيس العلاقة مع المدرسة ومع مرشد نفسي خارجي، يكون الوقت قد حان لمعرفة دور الأهل في حل هذه المشكلة وإعادة الطفل إلى المدرسة. يجب هنا القيام بإعادة تقييم الأولويات عند التعامل مع طفل يرفض الذهاب إلى المدرسة. فعلى سبيل المثال، إن كان طفلك يرفض ارتداء زي المدرسة، فعليك القيام بموازنة أهمية ارتداء طفلك لهذا الزي وبين ذهابه إلى المدرسة بحد ذاته.

تتضمن الأمور الأخرى التي بإمكان الوالدين القيام بها لمساعدة طفلهم ما يلي:

  • التأكد بداية من أن الطفل لا يتعرض التنمر والإعتداء في المدرسة. سواء كان الاعتداء لفظي أو جسدي.
  • تجنب استخدام مبدأ الثواب والعقاب وربط المكافئة بذهابه إلى المدرسة، لذلك ينصح بالحوار مع الطفل والاستماع إلى خوف الطفل من الذهاب الى المدرسة، ومساعدته على حصر المشكلة، ودعمه نفسيا لتجاوزها.
  • تعليم الطفل أساليب الاسترخاء، والتي تتضمن التنفس بعمق، ومهارات أخرى للسيطرة على الضغوطات النفسية.
  • السماح للطفل بالاتصال بالأم أو الأب في وقت محدد يومياً.
  • أخبار الطفل من قبل الأبوين بأنهم سيكونون بانتظاره في الوقت المحدد عند عودته من المدرسة.
  • تحفيز الطفل من خلال الكلام والأنشطة عن متعة الذهاب إلى المدرسة، وربط معنى المدرسة بكمية من الأفكار الإيجابية والمحفزة له.
  • التعاون مع المدرسة لمكافأة الطفل عند إجابته عن سؤال معين، أو عند مبادرته للقيام بعمل معين، فذلك يعزز الشعور الإيجابي المرتبط بالمدرسة عند الطفل.

للمزيد: هل طفلي ضحية للتنمر؟

دور المدرسة في التعامل مع مشكلة رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة

هناك العديد من الأساليب المختلفة التي بالإمكان التعاون فيها مع المدرسة للتغلب على رفض الطفل إلى الذهاب إليها:

  • الطلب من المدرسة الاستغناء عن أو التقليل من الأعمال الإضافية التي يجب على الطفل القيام بها للحاق بزملائه.
  • زيادة الدعم للطلاب المعرضين للرفض المدرسي في بداية الفصل الدراسي، أو في المراحل الانتقالية.
  • إنشاء خطة لانتقال الطفل من السيارة إلى المدرسة. فإن كان الطفل مصاباً بمشاكل متعلقة بالانفصال مثل قلق الانفصال (بالانجليزية:Separation Anxiety)، فعندها يمكن الطلب من المدرس أو المدرسة استقبال الطفل في موقف السيارات التابع للمدرسة، وذلك ليقوم بمرافقة الطفل ومن يوصله إلى المدرسة سواء أكان الأب أو الأم إلى المدرسة. وفي حالات أخرى، قد يكتفى بوجود شخص يستقبل الطفل على باب المدرسة.
  • محاورة المسؤولين في المدرسة حول إمكانية إقامة برنامج جزئي للعمل على انتظام الطفل في المدرسة، فإن كان رفض الطفل للمدرسة شديداً فعندها يجب البداية ببناء توقعات بسيطة، إذ يعد دخول الطفل للمدرسة بداية جيدة بعد ذلك، يصبح بالإمكان القيام بالبناء على ذلك وزيادة المدة التي يقضيها الطفل في المدرسة ساعة بعد ساعة إلى أن يقضي الوقت كاملاً مثل بقية زملائه.
  • توفير المدرسة بيئة مدرسية آمنة خالية من عنف الأطفال في المدارس، ووضع قوانين حازمة لتوعية الطلاب بأهمية احترامهم لبعضهم البعض، ومنع اعتداء أي طالب على زملائه.

سواء كان الطفل يعاني من رفض الالتحاق بالمدرسة في المرحلة الابتدائية أو حتى في المرحلة المتوسطة أو الثانوية من المهم أن يتم الاهتمام سريعاً لفهم سبب رفض الطفل للمدرسة، وأن تقدم أدوات للمساعدة له لقبول المدرسة والتكيف للبقاء مع زملائه، ومساعدته على تجاوز هذه الصعوبة. إذ أنه كلما طال أمد رفض المدرسة، زادت المشكلة تعقيداً وكما هو متوقع، زادت صعوبة تصحيحها.

للمزيد: رُهاب المدرسة ظاهرة تقلق الأبوين