روح إسماعيل ياسين تُرفرف حول الكوميديا الأردنية

مَن كان لِيتَخيّل أن إسماعيل ياسين صاحب أكبر عدد أفلام تم تصويرها في عام واحد والتي فاقت الستة عشر فيلماً، كانت نهايته بائسة فنياً ومادياً ومعنوياً، صاحب &

Share your love

روح إسماعيل ياسين تُرفرف حول الكوميديا الأردنية

مَن كان لِيتَخيّل أن إسماعيل ياسين صاحب أكبر عدد أفلام تم تصويرها في عام واحد والتي فاقت الستة عشر فيلماً، كانت نهايته بائسة فنياً ومادياً ومعنوياً، صاحب “أبو ضحكة جنان” مات على سريره قهراً بعدما انحسرت عنه الأضواء وقد كان لم يبلغ الثانية والستين من عمره، وهو الذي اضطر في نهاية المشوار إلى العودة لغناء المونولوج في “الكاباريهات” التي بدأ بها مشواره كفنان مغمور حين أتى “لأم الدنيا” قادماً من مسقط رأسه “السويس” بعدما سرق جنيهات جدته القليلة لتعينه على مشقات الغربة في القاهرة.

أتحدث اليوم عن هذا الفنان الجماهيري الموهوب بالفطرة لأخذ العبرة من فكرة حبس الممثل الكوميدي لنفسه في قالب صغير، يَستَسهِل فكرة عدم الخروج منه، ليصبح هذا القالب مع الوقت تابوتاً لنجوميته، وبيتاً ضيقاً يمنع عنه فضاء التنوع والتجدد، اللذان يطيلان عمر الفنان في قلوب الجماهير.

عادل إمام مثلاً، اختلفنا معه جزئياً أم اتفقنا، فهو بلا شك صاحب أكبر رقم قياسي عالمي في التربع على عرش الكوميديا لمدة وصلت الآن لما يزيد عن النصف قرن،

ولا يزال لغاية كتابة هذه السطور الأعلى أجراً والأكثر مشاهدة. هل حبس هذا الرجل نفسه في قالب واحد ؟ بالتأكيد الجواب بالنفي، فمن يشاهد “ماهر السيد” في فيلم “المشبوه” استحالة أن يقول أنه هو نفس الممثل الذي أضحك العالم العربي كله حين أطل عليهم بثوب “بهجت الأباصيري” في مسرحية مدرسة المشاغبين، والأمثلة لهذا الفنان كثيرة ولا يتسع المجال لذكرها.

هل كان زهير النوباني ليكون بهذه القامة الشامخة عربياً (وليس فقط محلياً) لولا إصراره على التنوع والتجدد الدائم؟ وهل كان أسامة المشيني ليعيش في قلوب محبيه ليومنا هذا رغم رحيله عن هذا الدنيا منذ عقود لولا جديته ومثابرته وتجدده؟

إذن لماذا يصر ممثل ما على اختزال موهبته في سياق واحد، ولماذا تصر ممثلة ما على حبس طاقاتها في شكل تقليدي ممل، ليصبح مع الوقت ومع التكرار مُستهلكاً وغير مقبول؟

لماذا يطل علينا صُنّاع الكوميديا في الأردن لثلاث سنين على التوالي بنفس الشكل وبنفس الأعمال وبنفس الأسماء وبنفس المضامين وبنفس البؤس الفني رغم كثرة الانتقادات؟

هل هذا سببه الاستسهال أم سببه العقم، أم كلاهما معاً، من حقنا كمشاهدين وكمراقبين أن نسأل، ومن حقنا أن نعترض، ومن حقنا أن نُعلن عن عدم رضانا عن إشهار هذا الإفلاس الفني في وجوهنا كل مساء.

كل من تُسوّل له نفسه العمل بمواد فنية تخاطب الجماهير عليه أن يتقبل نقدها، وعليه أن يجيب على تساؤلاتها، وعليه أن يحترم عقلها ووقتها ووجدانها، وعليه أن يستمع جيداً للنقد الموضوعي، وإلا فمصير إسماعيل ياسين سيكون حاضرا في مَشهدهِ، شاء من شاء وأبى من أبى.

Source: khaberni.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!