سبب نزول سورة الحجر

سبب نزول سورة الحجر

بواسطة:
محمد شودب
– آخر تحديث:
١١:٥٥ ، ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٠
سبب نزول سورة الحجر

‘);
}

سبب نزول سورة الحجر

تعدّ سورة الحجر من السور المكيّة، وهي من السور المئين، وهي السورة الخامسة عشرة بحسب ترتيب السور في القرآن الكريم، ويبلغ عدد آياتها تسع وتسعون،[١] أمّا فيما يخصُّ سبب نزول سورة الحجر يوجد أسباب لنزول آيات محدّدة هي كالآتي:

‘);
}

سبب نزول آية: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين

جاء سبب نزول الآية السابقة كما أورده أهل التفسير كالبغوي والطبري وابن عربيّ وابن عاشور وابن عطيّة وابن كثير وغيرهم في حديثٍ لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول فيه: كانت امرأةٌ حسناءُ تُصلِّي خلفَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال: فكان بعض القوم يستقدم في الصّف الأوّل لئلّا يراها ويستأخر بعضُهم حتّى يكون في الصّف المؤخًّر فإذا ركع نظرَ من تحت إبطيه فأنزل الله في شأنها: {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين}”،[٢] وقد بيّن الطبريُّ بعد حديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه من الممكن أن تكون قد نزلت لشأن المستأخرين والمستقدمين في صفوف الصلاة من أجل النساء، ثمّ عُمِّمت على جميع الخلق.[٣]

وبذلك انقسم المفسرون إلى طائفتين، فبعضهم رفض أن يكون الحديث سببًا لنزول الآية لما يحمل في طيّاته طعنًا في أصحاب رسول الله، فمن غير الممكن وصفهم بذلك وهم على مرتبةٍ رفيعةٍ من العلو والشرف والأخلاق، فمن غير الممكن وصفهم بتلك الأوصاف وهم بين يديِّ الله تعالى-وفي حضرته، وهم راكعون وساجدون، كما رُفِض ذلك السبب لأنَّ سياق الآية السابقة لتلك الآية: {وإنّا لَنحنُ نُحيي ونُميتُ ونحنُ الوارثون}،[٤] والآية التالية لها: {وإنَّ ربَّكَ هو يحشُرُهم إنّهُ حكيمٌ عليم}،[٥] فكانت الآيات تدور حول الموت والحشر، ولا علاقة لها بجموع المصلين، والطائفة الأخرى وجدت أنَّ حديث رسول الله هو سببٌ ممكن لنزول الآية، والله أعلم.[٦]

وقد جاء في كتاب أسباب النزول أنَّ الربيع بن أنس ذكر سببًا آخر لنزول لآية هو أنَّ رسول الله قد شجَّع على الصلاة في الصّفِّ الأول، وكانت بيوت بني عذرة بمكانٍ بعيد عن المسجد، فقرروا أن يشتروا بيوتًا أقرب إليه، فنزلت الآية السابقة، والله أعلم.[٧]

سبب نزول آية: ونزعنا ما في صدورهم

أمّا فيما يخصّ سبب نزول آية: {ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ}،[٨] فورد عن علي بن الحسين أنَّ تلك الآية نزلت بأبي بكر الصديق والصحابي الجليل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم، والمقصود هنا بالغلِّ هو غلّ الجاهليّة، الذي كان في صدورهم قبل إسلامهم جميعًا، فقد كان بين القبائل الثلاث: بني تيم وعدي وبني هاشم غلٌّ وحقد، وبعد إسلامهم نزع الله ما في قلوبهم من الغلِّ والحقد، وزرع فيها المحبة والإخاء والتعاون،[٩] وكان دليل ذلك أن جاءت أبا بكر الخاصرة، فقام علي -رضي الله عنه- بتدفئة يده، ووضعها فوق خاصرة أبي بكر -رضي الله عنه- ليخفّف عن الوجع، فنزلت الآية في ذلك.[١٠]

سبب نزول آية: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم

ومن آيات سورة الحجر الآية: {نبِّئ عبادِي أنِّي أنا الغفورُ الرحيم}،[١١] وورد في سبب تنزيلها حديثٌ عن رسول الله حيث قال: “مرَّ رسولُ الله -صلّى الله عليه وسلّم- على ناسٍ من أصحابه يضحكون، فقال: اذكروا الجنّة، واذكروا النّار، فنزلت: نبّئ عبادي أنّي أنا الغفورُ الرحيم”،[١٢] وهو حديثٌ مرسل ضعفّه العلماء.[١٣]

وأورد بعضهم أنَّها سبب نزول الآية السابقة، ولا يمكن القطع في ذلك، كما ورد عن ابن جريرٍ في سنده حادثةٌ أخرى عن سبب نزول تلك الآية، وهي أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- رأى بعضًا من أصحابه يضحكون قال لهم: أراكم تضحكون، فجاءه جبريل بعد ذلك ونقل له قول الله تعالى: لمَ تقنط عبادي؟، ونزلت الآية، والله أعلم.[١]

سبب نزول آية: ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم

ورد عن ابن الجوزي أنَّ سبب نزولها هو أنّ المسلمين تمنوا أن يبعث الله لهم أموالًا لينفقوها في سبيله، وذلك بعد رؤيتهم لسبع قوافل آتية من البصرة وأُرسلت ليهود قريظة وبني النضير في يومٍ واحد، فأنزل الله قوله: {ولقد آتيناكَ سبعًا من المثاني والقرآنِ العظيم}،[١٤] وقيل إنَّ الدليل على صحّة هذا التفسير الآية التي جاءت بعدها وهي قوله تعالى: {لا تمُدَّنَّ عينيكَ إلى ما متّعْنا بهِ أزواجًا منهم}،[١٥] ومعناها: لقد أعطيتُكم سبع آيات أفضل وأجلُّ من تلك القوافل المُحمّلة بالأموال والمؤن،[١٦] ولكنَّ الحسن بن الفضل ضعَّف ذلك السبب لأنَّ سورة الحجر سورةٌ مكيّةٌ بالإجماع، ويهود قريظة وبني النضير كانوا في المدينة.[١٦]

وقد اختلفت الأقاويل في المقصود من السبع المثاني فمنهم مَن قال المقصود هو سورة الفاتحة، والدليل على ذلك ما جاء في حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بوصف سورة الفاتحة: “الحمد لله ربُّ العالمين أمُّ القرآنِ، وأمُّ الكتابِ، والسّبعُ المثاني”،[١٧] ومنهم مَن قال المقصود السور الطوال السبع وهي: سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف، وبعضهم قال إنّها السور المئين التي هي دون الطوال وفوق المفصّل، ومنهم مَن قال إنّ المقصود منها القرآن الكريم بمجمله، والله أعلم.[١٦]

سبب تسمية سورة الحجر بهذا الاسم

سمِّيَت سورة الحجر بهذا الاسم لأنَّ في غالبيّتها تتحدّث عن أصحاب الحجر، وهم قوم ثمود، الذين عُرفوا بكفرهم وتكذيبهم لما بُعِث به رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ودين الإسلام، أمّا معنى الحِجر: فهو اسم مكانٍ، وهو عبارةٌ عن وادٍ يقع بين المدينة المنوّرة والشام، وكان يقطنه قوم ثمود فلذلك سمّوا بأصحاب الحجر، نسبةً للمكان الشي سكنوا فيه،[١٨] وقوم ثمود هم قوم صالح عليه الصلاة والسلام، و الحجر الآن بجوار محافظة العلا.[١٩]

المراجع[+]

  1. ^أبسعيد حوّى ، الأساس في التفسير، صفحة 2855. بتصرّف.
  2. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:278، صحيح.
  3. خالد المزيني، كتاب المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة، صفحة 647-648. بتصرّف.
  4. سورة الحجر ، آية:23
  5. سورة الحجر، آية:25
  6. خالد المزيني، المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة، صفحة 647-650. بتصرّف.
  7. أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، أسباب النزول، صفحة 276. بتصرّف.
  8. سورة الحجر، آية:47
  9. أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي (1421)، أسباب النزول، صفحة 144، جزء 1. بتصرّف.
  10. أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، أسباب النزول، صفحة 276. بتصرّف.
  11. سورة الحجر، آية:49
  12. رواه ابن كثير ، في تفسير القرآن، عن مصعب بن ثابت ، الصفحة أو الرقم:458، مرسل.
  13. سعيد حوّى، الأساس في التفسير، صفحة 2893. بتصرّف.
  14. سورة الحجر، آية:87
  15. سورة الحجر، آية:88
  16. ^أبتعلاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيحي أبو الحسن ، تفسير الخازن لباب التأويل في معاني التنزيل، صفحة 61-62. بتصرّف.
  17. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1457، صحيح.
  18. عفيف عبد الفتّاح طبّاره (1998)، روح القرآن (الطبعة 1)، بيروت-لبنان:دار العلم للملايين، صفحة 5. بتصرّف.
  19. أبو هاشم صالح بن عوّاد بن صالح المغامسي ، تأملات قرآنية، صفحة 5. بتصرّف.
Source: sotor.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!