ست حروب وثلث سلام

ست حروب وثلث سلام حين يقال إن عدد الحروب التي دارت بين العرب وإسرائيل منذ تأسيسها هو ست حروب فقط فذلك ليس أكثر من خضوع منهجي لتعريف الحرب بالمفهوم الكلاسيكي وعلى سبيل المثال شهدت الضفة الغربية وقطاع غزة قبل احتلالهما في حرب يونيوحزيران عام 1967 وعلى مدى عشرين عاما أكثر من تسعين عدوانا كان آخرها قبل تلك الحرب..

ست حروب وثلث سلام

حين يقال إن عدد الحروب التي دارت بين العرب و”إسرائيل” منذ تأسيسها هو ست حروب فقط، فذلك ليس أكثر من خضوع منهجي لتعريف الحرب بالمفهوم الكلاسيكي.

وعلى سبيل المثال، شهدت الضفة الغربية وقطاع غزة قبل احتلالهما في حرب يونيو/حزيران عام 1967 وعلى مدى عشرين عاماً أكثر من تسعين عدواناً، كان آخرها قبل تلك الحرب الحزيرانية العدوان الشهير على قرية الشموع، وسواء كانت تلك الحروب عشراً أو مئة، فإن الحاسوب المنوط به إحصاؤها يخضع بدوره لرياضيات سياسية وعسكرية تبعاً لكل طرف.

ما أعنيه بثلث سلام فقط ، هو أن ما تحقق للدولة العبرية من معاهدات سلام مع العرب وهي ثلاث حتى الآن، لم تقدم للطرف المعتدي والظافر في تلك الحروب الضمانات الكافية لاطمئنانه، ولتعامله مع السلام المتحقق أو ما تيسر منه على أنه جدي وقابل للنمو والحياة.

ففي الأيديولوجيا الصهيونية ثمة بُعدان زمنيان نادراً ما يتطرق إليهما من يتصدون لأطروحة السلام الناقص، أحدهما ماضويّ يتعلق بالذاكرة العربية الإسلامية والآخر مستقبلي يتعلق بالأجيال القادمة، ولأن هذه الأيديولوجيا غيبية في معظمها ومضادة للتاريخ ومجراه المنطقي، فإن الرغبة في استكمال السلام مع الماضي الذي يمثله الموتى والمستقبل الذي يجسده من لم يولدوا بعد هي رغبة مجنونة وغير قابلة للتحقق والإشباع، لهذا فهي بمرور الوقت تزداد تصاعداً، وتصل إلى حدّ ما يسمى الشبق السياسي، فالخوف في هذه الحالة مزدوج، خوف من الذاكرة وما تعج به من وقائع وروايات، وخوف من المستقبل الذي لا يمكن استباقه بالتدجين.

الخوف من الماضي أو من الذاكرة المضادة سبق أن عبرت عنه وبالتفصيل يائيل دايان ابنة الجنرال موشي دايان التي كانت لفترة عضواً في الكنيست، كان ذلك في روايتها الشهيرة “طوبى للخائفين”، حيث انتهت إلى أن الإلحاح على عدم الخوف يتحول إلى فوبيا لا يمكن التحرر منها، وانعكس هذا بوضوح على جيل الشباب من اليهود حيث تتفاقم نسبة من يتمردون على الخدمة العسكرية ومن يتعاطون المخدرات إضافة إلى من ينتحرون.

أما الخوف الآخر، وهو من المستقبل، فإن الدولة العبرية تراه من نافذة أخرى بدءاً من قناعة تاريخية بأنه ما من معاهدات مقدسة، أو غير قابلة للمس.

لهذا فإن الإلحاح الثقافي على التطبيع، وبالتالي تدجين النصوص المقررة في المناهج الدراسية هو من إفرازات هذا الخوف، حيث يبدو المستقبل كما لو أنه كمين يمكن السقوط فيه، وبالطبع ما من معاهدات يمكن أن تعقد مع الماضي من خلال الموتى أو مع المستقبل من خلال الذين لم يولدوا بعد، وليست هذه المتوالية من رفض التنازلات التي يقدمها المهزومون إلا تعبيراً عن خوف مزدوج، لكن هذه المسألة لا تُقرأ سياسياً بل من الناحية السيكولوجية فقط، لأنه ما من سارق يطمئن إلى المسروق خصوصاً إذا كان فقدان التوازن في القوة هو ما يدفع المسروق والمعتدى عليه إلى قبول الأمر الواقع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدستور الأردنية
 

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!