سورة الكهف: قصصها،فضلها والفتن الأربع وقوارب النجاة

سورة الكهف: قصصها،فضلها والفتن الأربع وقوارب النجاة

سورة الكهف هي سورة مكية من القرآن الكريم ، تأتي بعد سورة الإسراء و تأتي بعدها سورة مريم، و ترتيبها السورة الثامنة عشرة في القرأن، و نزلت بعد 68 سورة، عدد أياتها 110، وعدد كلماتها 1583،  وعدد حروفها 6425 .

القصص المذكورة في سورة الكهف

  1. قصة أهل الكهف : هي قصة الفتيان الذين فروا ليحافظوا على دينهم من ملكهم الظالم، فلجاؤوا الى الكهف، و في الكهف بعث الله سبحانه و تعالى اليهم معجزة، فبقوا أحياء لثلاثمئة و تسع سنين، و حين أفاقوا وجدو القرية كلها على ديانة التوحيد، و قد قيل أن موقعة الكهف في الأردن.
  2. قصة صاحب الجنتين : وهي تتحدث عن رجل أعطاه الله مالا كثيرا فكفر بنعمة الله و تنكر للبعث فأهلك الله له الجنتين .
  3. قصة موسى مع الخضر : و قد كان سيدنا موسى يظنّ أنه أكثر أهل الأرض علما، فأوحى اليه الله سبحانه و تعالى بأنه يوجد من هو أكثر منه علما فهرع للقائه حتى يتعلم منه  و لكنه لم يصبر على ما كان يفعله الخضر و السبب عدم فهمه ما الحكمة في أفعاله .
  4. قصة ذي القرنين : الذي كان ملكاً عادلاً لديه العلم و ينتقل في الأرض ، يساعد الناس ويدعوهم إلى الله و ينشر الخير الى أن وصل إلى عين الحمئة و ساعد القوم الخائفين من هجوم يأجوج ومأجوج .
  5. قصة ابليس واستكباره عن السجود .

فضل وثواب سورة الكهف

عن أبي سعيد رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ”مَن قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاءَ له من النُّور ما بين الجُمُعَتَيْن”، رواه النسائي والبيهقي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

إنّ الله سبحانه وتعالى أكرم أمّة سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيوم الجمعة، وجعل لها فضائل جَمَّة، مَن استمسّك بها نال الأجر الكبير والدرجات العُلا، ومَن لَمْ يلتزِم بها فقد خابَ وخَسِر، وممّا ادّخره الله عزّ وجلّ لنا ثواب قراءة سورة الكهف مساء الخميس أو يوم الجمعة.
لقد جعل الله تعالى الثواب على سورة الكهف نوراً مُبِيناً، وهذا النُّور يوم القيامة، وطوله يُقدَّر بالمسافة الّتي بين قدَمَيِ القارئ ومكّة لِمَن قرأها في أيّ يوم من الأسبوع، أمّا مَن قرأها يوم الجمعة فيُقدَّر بالمسافة الّتي بين قدميه وعَنَان السَّماء، أي أنّ التّقدير إمّا بالامتداد الأفقي، وإمّا بالامتداد العمودي، وقد يكون المُراد عدم التّحديد، بل الإشارة إلى طول المسافة الّتي يَغمرها النُّور، الّذي ربّما يكون هو المشار إليه بقوله تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتُ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} الحديد:.12
والثواب الثاني لقارئ سورة الكهف يوم الجمعة هو مغفرة الذُّنوب الّتي وَقَعَت بين الجُمُعَتين، وهي الصغائر، ولعلّ هذا هو المراد بإضاءة النُّور ما بين الجمعتين، فنورُ الطاعة يمحو ظلام المعصية {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} هود: .114
إلاّ أنّ بعض العلماء أكّد على أنّ النُّور يكون في الدُّنيا كما في الآخرة، من حيث الفتوحات الّتي يفتح الله بها على عبده القارئ لسورة الكهف يوم الجمعة طيلة أيّام الأسبوع، من أداء الفرائض والنّوافل والذِّكر والصّلاة على الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم.

أسباب النزول

عن ابن عباس ما قال : (بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة، فقالوا لهم: سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم علم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى قدما المدينة فسألوا أحبار يهود عن رسول الله ووصفوا لهم أمره وبعض قوله، وقالا: إنكم أهل التوراة، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا، قال، فقالت لهم: سلوه عن ثلاث نأمركم بهن، فإن أخبركم بهن، فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل، فالرجل متقول، فروا فيه رأيكم. سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم، فإنهم قد كان لهم شأن عجيب. وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه؟ وسألوه عن الروح ما هو؟ فإن أخبركم بذلك، فهو نبي فاتبعوه، وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم، فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش، فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور، فأخبروهم بها، فجاءوا إلى رسول الله فقالوا: يا محمد أخبرنا، فسألوه عما أمروهم به، فقال لهم رسول الله : أخبركم غدا عما سألتم عنه ولم يستثن، فانصرفوا عنه، ومكث رسول الله خمس عشرة ليلة لا يحدث الله له في ذلك وحيا، ولا يأتيه جبريل عليه الصلاة والسلام، حتى أرجف أهل مكة وقالوا: وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة ليلة، وقد أصبحنا فيها ولا يخبرنا بشيء عما سألناه، وحتى أحزن رسول الله مكث الوحي عنه، وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة، ثم جاءه جبريل عليه الصلاة والسلام من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية، والرجل الطواف، وقول الله عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ}، إلى آخر الآيات.)

الفتن الأربع في سورة الكهف وقوارب النجاة

ذكرت سورة الكهف أربع قصص وأربع فتن وأربعة قوارب نجاة وقد اجتمعت هذه الفتن في الدجال: فهو فتنة في الدين، إذ يدعو الناس إلى الشرك، وهو فتنة في المال إذ تتبعه الكنوز، وهو فتنة في العلم إذ يخبر الرجل عن أبيه وأمه، وهو في فتنة في السلطان، إذ يعبث  في الأرض فسادا، ويدخل البلاد إلا مكة والمدينة، وقراءة سورة الكهف تكون سببًا للنجاة من جميع الفتن.

  1. فتنة الدين: وفي ذلك اصحاب الكهف الذين تمسكوا بدينهم وخرجوا من طغيان قومهم الى الكهف. تعبدآ للُه قال تعالى(نحنُ نقُص عليكَ نبَئهُم بالحقَ انهُم فتيةُ امنٌو بربهم وزدناهٌم هٌدى)وقال تعالى(اذ قاموا فقالوا ربٌنا ربْ السمواتٍ والارض لنّ ندعٌو مٍنّ دونٍهٍ الـه لقدْ قٌلنا اذا شططا).
    1. أسباب النجاة من فتنة الدين: الثبات على المبدأ، وملازمة الصحبة الصالحة، ومجانبة أهل الغفلة، قال الله (تعالى): {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَع هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا * وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْل يشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا}·
  2. فتنة المال: قصة صاحب الجنتين الذي آتاه الله كل شيء فكفر بأنعم الله وأنكر البعث فأهلك الله تعالى الجنتين. قال الله تعالى: (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُكَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا) [الكهف:42].
    1. اسباب النجاة من فتنة المال: معرفة حقيقة الدنيا فتذكر قصة صاحب الجنتين، قال الله تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)[الكهف:45-46] .
  3. فتنة العلم: قصة موسى مع الخضر وكان موسى ظنّ أنه أعلم أهل الأرض فأوحى له الله تعالى بأن هناك من هو أعلم منه فذهب للقائه والتعلم منه فلم يصبر على ما فعله الخضر لأنه لم يفهم الحكمة في أفعاله وإنما أخذ بظاهرها فقط. قال الله (تعالى): {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)}·
    1. اسباب النجاة من فتنة العلم: بنسبته لله – تعالى- وبالتواضع الخلق، قال الله تعالى: (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَافَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) [الكهف:82]
      وقال: (قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) [الكهف:69].
  4. فتنة السلطة: قصة ذو القرنين الذي كان ملكاً عادلاً يمتلك العلم وينتقل من مشرق الأرض إلى مغربها عين الناس ويدعو إلى الله وينشر الخير حتى وصل لقوم خائفين من هجوم يأجوج ومأجوج فأعانهم على بناء سد لمنعهم عنهم وما زال السدّ قائماً إلى يومنا هذا. قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)} [الكهف: 83 – 88].
    1. أسباب النجاة من فتنة السلطة: الإخلاص: قال الله تعالى: ”قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا”110 الكهف.