‘);
}

شروط إحرام المرأة للعمرة

اشترط الفقهاءُ شرْطَيْن أساسِيّيْن حتى يكون الإحرام صحيحاً؛ وهما: الإسلام والنيّة، وزاد فقهاء المذهب الحنفيّ شرطاً آخر؛ وهو شرط التّلْبية أو ما يقوم مقامه،[١] إلا أن جمهور الفقهاء يروْن أن التلبية ليست شرطاً من شروط صحة الإحرام؛ فالمالكيّة يعتبرون التّلبية واجبةً في أصلها، واقترانها مع الإحرام سنّة، أما فقهاء المذهب الشافعي والمذهب الحنبلي يروْن أن التلبية سنّةٌ مطلقاً،[٢] وتفصيل ذلك فيما يأتي:

  • المذهب الحنفي: النية هي قصد القلب في الدخول بعمرةٍ أو حجٍّ، بدليل حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)،[٣] ويقترن بالنيّة الذكر؛ وهو التلبية وتعظيم الله -عزّ وجل-، أو الخصوصيّة؛ أي ما يقوم مقام التلبيّة كالإتيان بالهدي، وتجدر الإشارة إلى أن فقهاء المذهب الحنفي يرون استحباب التلفّظ بالنية، كقول: “نويت الحجّ وأحرمت به لله -تعالى-“، ويُستحبّ أن تقترن النيّة بالدعاء، كأن يقول المحرم: “اللّهم إني أُريد الحجّ، فيسّره لي، وتقبّله مِنّي”، كما يُستحبّ أن يذكر المُحرِم ما نواه أثناء التلبية، بدليل قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا، لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا).[٤][٢][٥]
  • المذهب المالكي: تكمن حقيقة الإحرام في نيّة الدخول بالنسك مع قولٍ أو فعلٍ يتعلّقان به، كالسير على الطريق لأداء النسك أو التلبية.[٦]
  • المذهب الشافعي: تعني النيّة قصد القلب في الدخول بالحج أو العمرة أو كليهما معاً، ويجب أن يتم التعيين فيها، فإن كانت نية الإحرام دون تعيينٍ في أشهر الحج؛ صُرف الإحرام إلى الحج أو العمرة أو لهما معاً، فإذا فات وقت الحج يُصرف الإحرام للعمرة، ويكون الصرف بانعقاد النية لا باللفظ، ويجب أن يكون العمل بعدها، فالطواف أو السعي لا يعتدّ به إذا كان قبل النية، ويُستحبّ التلفّظ بالنّية، كقول: “نويت الحج أو العمرة، وأحرمت به لله -تعالى-“، وإن كان النّسك عن الغير يقول: “نويت الحج أو العمرة عن فلان، وأحرمت به لله -تعالى-“، ويصحّ الاقتداء بإحرام الغير، بدليل ما رواه الصحابي أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: (قَدِمْتُ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو مُنِيخٌ بالبَطْحَاءِ، فَقالَ لِي: أَحَجَجْتَ؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، فَقالَ: بمَ أَهْلَلْتَ؟ قالَ قُلتُ: لَبَّيْكَ، بإهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: فقَدْ أَحْسَنْتَ).[٧][٨]
  • المذهب الحنبلي: لا بد من النية للدّخول في النّسك، ولا يكفي التلبية أو التجرّد من ثياب المخيط بدون نية الدخول، كما لا يُشترط معها شيءٌ آخر، وتجدر الإشارة إلى أنه يصحّ الاشتراط بالإحرام عند الحنابلة والشافعية، كأن يقول المُحرِم: “اللهم إنّي أريد نُسُكَ كذا فيسِّره لي، وإن حبَسني حابسٌ فمَحِلِّي حيث حبسْتني”، بدليل ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (دَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى ضُبَاعَةَ بنْتِ الزُّبَيْرِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أُرِيدُ الحَجَّ، وَأَنَا شَاكِيَةٌ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: حُجِّي، وَاشْتَرِطِي أنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي)،[٩] وتكمُن فائدة الاشتراط بأن المُحرِم لو منعه مانعٌ عن النّسك بعذر؛ حلَّ من إحرامه، ولا يترتّب عليه عندئذٍ صومٌ، ولا قضاءٌ، ولا كفارة، ولا هدي.[١٠][١١]