‘);
}

الجنة

الجنة في اللغة تعني البستان الذي يستر ما بداخله، وهي مشتقة من مادة جنن؛ بمعنى الستر،
أما الجنة في الشرع: فهي دار الخلود التي أعدها الله -تعالى- لعباده المؤمنين، وفيها من أنواع النعيم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.[١]

صفات الجنة

إن للجنة صفات لا تحصى، وفيما يأتي ذكر بعضاً منها مما وردنا عن طريق الوحي:[٢]

  • بيوت الجنة: إن بيوت وقصور الجنة تختلف اختلافاً كاملاً عن بيوت الدنيا ولا تشبهها إلا في المسمّى، قال الرسول -عليه السلام- في وصفها: (الخَيْمَةُ دُرَّةٌ، مُجَوَّفَةٌ طُولُهَا في السَّمَاءِ ثَلَاثُونَ مِيلًا، في كُلِّ زَاوِيَةٍ منها لِلْمُؤْمِنِ أَهْلٌ لا يَرَاهُمُ الآخَرُونَ)،[٣] وهذه القصور تكون لمن قام بحق العبودية لله تعالى، من إطعام الطعام، وإفشاء السلام، وقيام الليل، و قراءة القرآن الكريم، وترك الجدال والمراء.
  • طعام الجنة وشرابها: إن طعام وشراب الدنيا فيه النافع والضار، وفيه ما يُشتهى وما لا يُشتهى، أما الجنة فشيءٌ آخر، قال الله تعالى: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ)،[٤] وقد روى الضحاك عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: في الخمر أربع صفات؛ وهي السكر والصداع والقيء والبول، أما خمر الجنة فمنزّه عن هذه الصفات، أما طعام الجنة ففيه ما تشتهيه الأنفس، قال تعالى: (وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ)،[٥] وأول طعام أهل الجنة زيادة كبد الحوت كما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام.
  • لباس الجنة وزينتها: يلبس أهل الجنة من اللباس الفاخر، ويتزيّنون من أجمل الحليّ المصنوعة من الذهب والفضة واللؤلؤ، قال الله تعالى: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ)،[٦] وهذه الثياب لا تبلى أبداً، وورد عن النبي -عليه السلام- أن ثياب أهل الجنة تخرج من أكمام شجرة مسيرة مائة عام، اسمها شجرة الطوبى.
  • نساء الجنة: وصف القرآن الكريم نساء الجنة بأعظم الأوصاف، ومن ذلك أنهنّ محوّرات العيون، أخّاذات بنظراتهنّ، عظيمات الحسن والجمال، طاهرات قاصرات بطرفهنّ، قال الله تعالى: (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ)،[٧] وقال نبيّنا الكريم في وصف جمال حور العين: (ولو أنَّ امرأةً منْ نساءِ أهلِ الجنةِ اطَّلعتْ إلى الأرضِ لأضاءتْ ما بينهُما ولملأَتٍ ما بينهما ريحًا ولنَصيفُها على رأسِها خيرٌ منَ الدّنيا وما فيها).[٨]
  • غلمان الجنة: قال الله -تعالى- في وصفهم: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا)،[٩] وهؤلاء الغلمان مخلّدون؛ أي لا يتغيّرون و يبقون على حالة واحدة، ووظيفتهم هي خدمة أهل الجنة وتنفيذ ما يطلبون منهم، وقد شبّههم الله -تعالى- في الآية الكريمة باللؤلؤ؛ وذلك لحسن خلقتهم، أما كلمة منثور فتدل على أنهم مفّرقون في أنحاء الجنة غير مجموعين عند فئة معينة من أهل الجنة، وأنهم دائما مشغولين غير عاطلين عن عملهم، واذا سأل سائلٌ فيمن يكون الغلمان؟ فجوابه: أن العلماء اختلفوا و لكلٍ منهم رأيه، فمنهم من قال أن غلمان الجنة هم أطفال المسلمين الذين يموتون دون سن التكليف، ومنهم من قال أنهم أطفال المشركين، ولكن كان لشيخ الاسلام ابن تيمية -رحمه الله- رأيٌ آخر ورجّحه على باقي الأقوال، وهو أن الله -تعالى- خلقهم وأنشأهم لخدمة أهل الجنة دون ولادة.
  • أصدقاء الجنة: إن رفاق الجنة لا يتكلّمون إلا الكلام الحسن والطيّب، لأن الله -تعالى- نزع الحقد من نفوس أهل الجنة، وأخرج الضغينة من قلوبهم، قال تعالى: (وَنَزَعنا ما في صُدورِهِم مِن غِلٍّ إِخوانًا عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلينَ).[١٠]
  • أبواب الجنة: الجنة التي أعدّها الله -تعالى- لعباده المؤمنين عرضها السماوات والأرض، لها ثمانية أبواب، يدخلون منها كل حسب عمله، وهناك من يدعى من أبواب الجنة كلها، ومنهم أبو بكر الصديق،[١١] قال رسولنا الكريم: (مَنْ أنفقَ زوْجينِ فِي سبيلِ اللهِ نودِيَ مِنْ أبْوابِ الجنَّةِ: يا عبدَ اللهِ هذَا خيرٌ، فمَنْ كانَ مِنْ أهلِ الصلاةِ، دُعِيَ مِنْ بابِ الصلاةِ، ومَنْ كان مِنْ أهلِ الجهادِ، دُعِيَ مِنْ بابِ الجهادِ، ومَنْ كانَ مِنْ أهلِ الصيامِ، دُعِيَ مِنْ بابِ الريانِ، ومَنْ كان مِنْ أهلِ الصدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بابِ الصدَقَةِ. قال أبو بكر: هل يُدْعَى أحدٌ مِنْ تِلْكَ الأبوابِ كلِّها؟ قال: نعم، وأرجو أنْ تكونَ منهم).[١٢]