‘);
}

الهجرة النبوية

اجتمع فتيان قريش وشبابها في الليلة التي حدّدوها لتنفيذ مؤامرتهم التي تقتضي أن يضرب الرسولَ -صلى الله عليه وسلم- مجموعةٌ من شباب قريش بسيوفهم ضربة رجل واحد فيتفرّق دمه بين القبائل، ووقفوا أمام بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- ينتظرون خروجه لينفّذوا خطّتهم، فكان على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخرج من بين هذه الجموع المراقبة له، ويضلّلهم حتى لا يتّبعوه ويفسدوا عليه خطته، فأمر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن ينام في فراشه، ويتغطّى ببردته، فلمّا نظر المشركون من فتحة الباب اطمأنّوا على سلامة خطّتهم، لكن حدث في ذلك الوقت إحدى المعجزات، بأن أخذ الله أبصارهم، وضرب على قلوبهم حتى خرج عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- دون أن يروه، وأخذ حفنة من تراب فجعلها على رؤوسهم، فلم يبق واحدٌ منهم إلا وقد وصل التراب إلى رأسه.[١]

صفات المهاجرين

المهاجرون والأنصار هم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ورفقائه، وهم أفضل الخلق بعد الأنبياء والرسل، وهم أفضل أمّة محمد صلى الله عليه وسلم، ودليل ذلك قوله صلوات الله عليه: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)،[٢] فقد امتلأت قلوبهم بمحبة الله تعالى ورسوله، والإيمان به، وتصديقه، ونصره والدفاع عنه لنشر هذا الدين، فلم ولن يوجد في الناس من هم أفضل منهم إيماناً، ولا أحسن منهم أخلاقاً، فالمهاجرين هم الذين أسلموا قبل فتح مكة وهاجروا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة وسكنوا فيها، وتركوا مكة المكرمة وفيها أهلهم وأموالهم، كلّ ذلك في سبيل نيل رضا الله -تعالى- ورغبةً فيما عنده، ونصرةً لهذا الدين، لذلك عدَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- حبّهم من الإيمان، وكرههم من النفاق، واستحقّوا أن يمدحهم الله -تعالى- في كثيرٍ من آيات القرآن الكريم،[٣] منها قوله تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ أُولَـئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)،[٤] فهذه الآية تبيّن فضل المهاجرين،[٥] وتذكر صفاتهم التي سيتم بيانها فيما يأتي:[٦]