‘);
}

القتال في الإسلام

شُرع القتال في الإسلام لحماية دار الإسلام، وردع المعتدين، وصدّ عدوانهم وفسادهم عن المسلمين، ولضمان وصول دعوة الله -تعالى- إلى الناس جميعاً، من خلال إزالة الحواجز والمعيقات من طريقها، ومن الجدير بالذكر أنّ الحروب والمعارك التي خاضها المسلمون لم تكن عدوانيةً، ولا همجيةً، وإنّما كانت تقع بهدف حماية الدين والبلاد، ورفع الظلم عن المستضعفين من المسلمين في كلّ مكانٍ، وإيصال الإسلام إلى شعوب العالم لإنقاذهم من التعاسة والشقاء، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ الجهاد يمثّل الحصن الذي يحفظ هوية الأمة وكيانها، ولا بديل عنه لنجاح الدعوة التي كلّف الله -تعالى- بها الأمة الإسلامية، ولإقامة العدل، وإنشاء الحضارة الإنسانية، وقد خاض رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الغزوات العديدة، ولم يكن هدفه في أي واحدةٍ منها مالاً، ولا زعامةً، أو طلباً للدنيا، وإنّما كان هدفه رفع الظلم، ودعوة الناس للحقّ، وتحرير عقولهم، وصلتهم برب العالمين، إذ لم يشهد العالم مثيلاً لما حصل في حروب النبي -عليه الصلاة والسلام- من حقنٍ للدماء، وحفظٍ للأنفس، فخلال تسعة أعوامٍ من المعارك والحروب، وكانت نتيجة ذلك نشر الأمن، والطمأنينة، والسلام في أنحاء الجزيرة العربية، بينما بلغ عدد القتلى في الحرب العالمية الأولى ما يقارب الستة ملايين إنسان، وفي الحرب العالمية الثانية ما بين الخمسة والثلاثين إلى الستين مليون نسمةً، ولم ينتج عنها إلّا الدمار والخراب.[١]

عدد غزوات الرسول

هناك خلافٌ في عدد غزوات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فثمة قول بأنّه غزا تسع عشرة غزوةً، فقد رُوي في الصحيحين عن أبي إسحاق السبيعيّ، أنّه قال: (لقيت زيد بن أرقم -رضي الله عنه- فقالت له: كم غزا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ فقال: تسعَ عشرةً، فقالت: كم غزوتَ أنت معه؟ قال: سبعَ عشرةَ غزوةً، فقالت: فما أولُ غزوةٍ غزاها؟ قال: ذاتُ العُسَيرِ أو العُشَيرِ)،[٢] وروى الإمام مسلم بسندٍ صحيحٍ عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه، أنّه قال: (غزا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تسعَ عشرةَ غزوةً، قاتلَ في ثمانٍ منهن)،[٣] والقول الآخر أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- غزا إحدى وعشرين غزوةً، كما روى الإمام مسلم بسندٍ صحيحٍ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أنّه قال: (غزوتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تسعَ عشرةَ غزوةً، قال جابر: لم أشهد بدراً ولا أحداً، منعني أبي، فلما قُتل عبدُ اللهِ يومَ أُحُدٍ، لم أتخلَّفْ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غزوةٍ قطُّ)،[٤] ويرجع السبب في الخلاف في العدد بين ما رُوي عن جابر، وما رُوي عن زيد، وعن بُريدة رضي الله عنهما، أنّ زيداً غفل عن ذكر غزوتين كانتا قبل غزوة العشيرة، بسبب صغر سنّه وقت وقوعهما، وربما نسي بريدة ذكرهما، ومن الجدير بالذكر أنّ ابن إسحاق قد وضّح في سيرته أنّ عدد غزوات النبي -عليه الصلاة والسلام- سبع وعشرون غزوةً، حيث قال: (وكان جميع ما غزا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بنفسه سبعا وعشرين غزوة)، وذكر أنّها وقعت على النحو الآتلي: أولها كانت غزوة الأبواء، ثمّ غزوة بواط، ثمّ غزوة العشيرة، ثمّ غزوة بدر الأولى، ثمّ بدر الكبرى، ثمّ غزوة بني سليم، ثمّ غزوة أحد، ثمّ حمراء الأسد، ثمّ غزوة بني النضير، ثمّ ذات الرقاع، ثمّ غزوة بدر الأخرة، ثمّ دومة الجندل، ثمّ غزوة الخندق، ثمّ بني قريظة، ثمّ غزوة بني لحيان، ثمّ الحديبية، وآخرها غزوة تبوك، وقاتل الرسول -عليه الصلاة والسلام- بنفسه في تسع غزواتٍ، وهي: بدر، وأحد، والخندق، وبني قريظة، وبني المصطلق، والفتح، وحنين، والطائف.[٥]