عنزة “إسرائيل” التي طارت

عنزة إسرائيل التي طارت في تموزيوليو 2007 وصل الخلاف بين حركتي فتح وحماس حدا دفع الأخيرة إلى حسمهعسكريا لتبسط بعده سيطرتها الكاملة وبشكل منفرد على قطاع غزة هكذا انقسمالفلسطينيون أرضا وشعبا ودخل مصطلح الانقسام قاموسهم السياسي وعلى مدى سنواتأربع فشلت كل المحاولات التي جرت لرأب الصدع بين الأشقاء وتحقيق المصالح..

عنزة "إسرائيل" التي طارت

في تموز/يوليو 2007، وصل الخلاف بين حركتي “فتح” و”حماس” حداً دفع الأخيرة إلى حسمهعسكرياً، لتبسط بعده سيطرتها الكاملة وبشكل منفرد على قطاع غزة. هكذا انقسمالفلسطينيون، أرضاً وشعباً، ودخل مصطلح (الانقسام) قاموسهم السياسي. وعلى مدى سنواتأربع، فشلت كل المحاولات التي جرت لرأب الصدع بين “الأشقاء” وتحقيق المصالحة بينهم،الأمر الذي عاد على الشعب وقضيته الوطنية بأفدح الأضرار.

كانت أسباب الانقسام الذاتية كثيرة، لكن ما منع، بشكل أساسي، التوصل إلى اتفاق، تمثل في الدور الذي لعبه نظام حسني مبارك في مصر الذي كان يرى مصلحته في رضا الكيان الصهيوني عنه، على أساس أن هذا الرضا كان بمثابة بوابته إلى رضا الولايات المتحدة الأمريكية من أجل دعمها لنظامه وتوريث السلطة لابنه.

بعد “الحسم العسكري” الذي أقدمت عليه حركة “حماس”، أعلنت حكومة الكيان الصهيوني قطاع غزة “كياناً عدوانياً”، وفرضت عليه حصاراً برياً وبحرياً وجوياً بالتعاون مع نظام مبارك، واستطاعت أن تحصل على موافقة “المجتمع الدولي” على هذا الحصار الذي استمر حتى يوم 28 أيار/ مايو الماضي، عندما قررت “مصر الثورة” فتح معبر رفح بشكل دائم أمام الفلسطينيين من وإلى القطاع، وهو ما لم تتوقعه الأجهزة الاستخبارية “الإسرائيلية”، إذا صدقنا الصحف “الإسرائيلية”، بالرغم من أن الإعلان عن نية فتحه كان قد جاء على لسان وزير الخارجية المصري نبيل العربي قبل أكثر من شهر، والذي وصف موقف نظام مبارك من الحصار بأنه كان “موقفاً مخزياً”.

الموقف “الإسرائيلي” الرسمي كان غاضباً، دان الخطوة المصرية “أحادية الجانب” واعتبرها خرقاً لاتفاق المعبر لعام 2005، وفي حديثه أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، يوم 30/5/2011، حذر بنيامين نتنياهو من “سيطرة المنظمات الإرهابية العالمية” على سيناء، وادعى أن مصر تواجه صعوبة حقيقية في السيطرة على سيناء من خلال نشاط تلك المنظمات “بسبب العلاقة بين سيناء وقطاع غزة”. من جهته، كان نائب وزير الدفاع “الإسرائيلي”، ماتان فلنائي، قد دان الخطوة المصرية وقال للإذاعة “الإسرائيلية” (27/5/2011): “هذا القرار اتخذ في سياق اتفاق المصالحة بين (فتح) و(حماس)، مما سيخلق وضعاً إشكالياً للغاية”، من دون أن يدخل في التفاصيل. أما نائب رئيس الوزراء، سلفان شالوم، فحذا حذو رئيسه قائلاً للإذاعة “الإسرائيلية” (27/5/2011): “دون سيطرة محكمة وفعالة، سيسمح فتح معبر بتجارة الأسلحة ودخول إرهابيي القاعدة وإيران إلى قطاع غزة”.

لقد بررت السلطات “الإسرائيلية” الحصار على قطاع غزة بحجج أمنية، كما تبرر دائماً كل سياساتها العدوانية والاستيطانية، بل واحتلالها أيضاً، بالحجج الأمنية ذاتها. ولقد لجأت إلى الحرب أكثر من مرة للإبقاء على الحصار، ولم تكن لتفكر في رفعه أو تخفيفه لو بقي عشرات السنين قبل أن تحقق ما تريد منه، خصوصاً أنه كان أنجع (آلية) للإبقاء على الانقسام الفلسطيني وتبعاته. لكن، وعندما أقدمت ثورة 25 يناير المجيدة على فتح المعبر من دون الاستئذان من نتنياهو أو التنسيق معه، أصبح فتح المعبر في نظر القيادة “الإسرائيلية” غير ذي بال بل ومفيداً لها، كما حاولت الصحافة “الإسرائيلية” أن تقنعنا! فمن جهة، أصبح فتح المعبر لن يغير من حياة الغزيين ولن يغير كثيراً من الواقع على الأرض. ذلك لأن فتح المعبر، كما يقولون، لن يتيح للفلسطينيين أن يفعلوا ما لم يكونوا يفعلونه عن طريق الأنفاق بدءاً من تهريب البضائع بما في ذلك تهريب السلاح، إلى تهريب “المخربين” للقيام بهجماتهم ضد المستوطنات “الإسرائيلية”.

صحيفة (هآرتس- 29/5/2011) رأت أن سياسة الإغلاق كانت ضارة بالكيان إذ جعلت من غزة السجن الأكبر في العالم، وأدت إلى مآس إنسانية وأساءت إلى العلاقات “الإسرائيلية” مع دول العالم وخصوصاً مع تركيا. أما المراسل العسكري للصحيفة، أليكس فيكشمان (27/5/2011) فقال في مقال له: “في جهاز الأمن في “إسرائيل” يعربون، على نحو مليء بالمفارقة، عن رضاهم عن فتح مصر معبر رفح، في المداولات الداخلية على أعلى المستويات في الجهاز العسكري والسياسي في وزارة الدفاع ثمة إحساس بالرضا عن الخطوة المصرية أحادية الجانب. يحتمل جداً، كما يقولون هنا، إننا نسير أخيراً نحو فك ارتباط كامل عن قطاع غزة”. ويرى فيكشمان أن “الاتفاق الذي لم يعد قائماً في السنوات الأربع الأخيرة، أصبح غير ذي صلة..”، وليس لخرقه “أي معنى أمني من ناحية “إسرائيل””. أكثر من ذلك، يرى فيكشمان، ويعكس طبعاً رؤية الجهاز الأمني الذي ينقل عنه، أن مصر بفتحها المعبر أعلنت “بحكم الأمر الواقع عن تحمل المسؤولية عن السكان في غزة. و”إسرائيل” التي تتعرض اليوم لهجمة نزع شرعية عالمية بسبب الإغلاق، يمكنها أن تعرض على أمم العالم أنه لم يعد هناك إغلاق”. وينتهي فيكشمان إلى القول: “المصريون، بضعفهم، أدخلوا هدفاً ذاتياً في مرماهم”.

سبحان الله! هكذا يتصرف كل من تتملكه الغطرسة وعجرفة القوة عندما يجد نفسه مهزوماً، يكابر ويعاند ولا يعترف بهزيمته. فما دام المعبر لا قيمة أمنية له بالنسبة للكيان الصهيوني، وما دام فتحه لن يغير من حياة الغزيين بشكل دراماتيكي، بل وما دام إنهاء الإغلاق مفيداً لهذه الدرجة للكيان، فلماذا مانعت القيادة “الإسرائيلية” وظلت تمانع حتى فتحته ثورة 25 يناير رغما عنها؟ أم أنها المكابرة والغطرسة اللتان تصران على أنها “عنزة ولو طارت”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخليج الإماراتية
Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!