عينية أبي ذؤيب الهذلي
Share your love
‘);
}
عينية أبي ذؤيب الهذلي
قصيدته العينية من القصائد المميزة التي حازت على اهتمام كبير، قال أبو زيد عمر بن شبه: تقدم أبو ذؤيب جميع شعراء هذيل بقصيدته العينية التي يرثي فيها بنيه، وهذه يقولها في بنين له خمسة أصيبوا في عام واحد بالطاعون.[١]
وتمتاز قصيدته العينية ببناء لم يُعرف له مثيل من قبل ، ومع أنها قيلت في الرثاء الذي هو موضوع مشهور في الشعر العربي القديم، فإنها تتميز عن القصائد التي سبقتها في هذا الاختصاص تميزاً يستدعي الوقوف عندها والتأمل فيها .[١]
حيث أن أبا ذؤيب لا يذكر رثائه لأبنائه فقط ؛ وإنما يتحدث عن مشكلة أشمل التي هي من أعظم المشاكل التي تواجه الإنسان، وهي مشكلة الموت، وحديثه ليس حديث الفيلسوف، وإنما هي حديث الإنسان المتألم الذي يعبر بكل شفافية عن آلامنا جميعاً.[١]
‘);
}
كلمات القصيدة العينية
وفيما يلي قصيدة ابي ذؤيب الهذلي العينية :[٢]
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
-
-
- وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
-
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً
-
-
- مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
-
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً
-
-
- إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
-
فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ
-
-
- أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
-
أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني غُصَّةً
-
-
- بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
-
سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ
-
-
- فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
-
فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ
-
-
- وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ
-
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ
-
-
- فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
-
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها
-
-
- أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
-
فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها
-
-
- سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
-
حَتّى كَأَنّي لِلحَوادِثِ مَروَةٌ
-
-
- بِصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
-
لا بُدَّ مِن تَلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر
-
-
- أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ
-
وَلَقَد أَرى أَنَّ البُكاءَ سَفاهَةٌ
-
-
- وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ
-
وَليَأتِيَنَّ عَلَيكَ يَومٌ مَرَّةً
-
-
- يُبكى عَلَيكَ مُقَنَّعاً لا تَسمَعُ
-
وَتَجَلُّدي لِلشامِتينَ أُريهِمُ
-
-
- أَنّي لَرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
-
وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها
-
-
- فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ
-
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَوى
-
-
- باتوا بِعَيشٍ ناعِمٍ فَتَصَدَّعوا
-
فَلَئِن بِهِم فَجَعَ الزَمانُ وَرَيبُهُ
-
-
- إِنّي بِأَهلِ مَوَدَّتي لَمُفَجَّعُ
-
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
-
-
- في رَأسِ شاهِقَةٍ أَعَزُّ مُمَنَّعُ
-
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
-
-
- جَونُ السَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ
-
صَخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ
-
-
- عَبدٌ لِآلِ أَبي رَبيعَةَ مُسبَعُ
-
أَكَلَ الجَميمَ وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ
-
-
- مِثلُ القَناةِ وَأَزعَلَتهُ الأَمرُعُُ
-
بِقَرارِ قيعانٍ سَقاها وابِلٌ
-
-
- واهٍ فَأَثجَمَ بُرهَةً لا يُقلِعُ
-
فَلَبِثنَ حيناً يَعتَلِجنَ بِرَوضَةٍ
-
-
- فَيَجِدُّ حيناً في العِلاجِ وَيَشمَعُ
-
حَتّى إِذا جَزَرَت مِياهُ رُزونِهِ
-
-
- وَبِأَيِّ حينِ مِلاوَةٍ تَتَقَطَّعُ
-
ذَكَرَ الوُرودَ بِها وَشاقى أَمرَهُ
-
-
- شُؤمٌ وَأَقبَلَ حَينُهُ يَتَتَبَّعُ
-
فَاِفتَنَّهُنَّ مِن السَواءِ وَماؤُهُ
-
-
- بِثرٌ وَعانَدَهُ طَريقٌ مَهيَعُ
-
فَكَأَنَّها بِالجِزعِ بَينَ يُنابِعٍ
-
-
- وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ مُجمَعُ
-
وَكَأَنَّهُنَّ رَبابَةٌ وَكَأَنَّهُ
-
-
- يَسَرٌ يُفيضُ عَلى القِداحِ وَيَصدَعُ
-
وَكَأَنَّما هُوَ مِدوَسٌ مُتَقَلِّبٌ
-
-
- في الكَفِّ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَضلَعُ
-
فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ الض
-
-
- ضُرَباءِ فَوقَ النَظمِ لا يَتَتَلَّعُ
-
فَشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ بارِدٍ
-
-
- حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ الأَكرُعُ
-
فَشَرِبنَ ثُمَّ سَمِعنَ حِسّاً دونَهُ
-
-
- شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ يُقرَعُ
-
وَنَميمَةً مِن قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ
-
-
- في كَفِّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وَأَقطُعُ
-
فَنَكِرنَهُ فَنَفَرنَ وَاِمتَرَسَت بِهِ
-
-
- سَطعاءُ هادِيَةٌ وَهادٍ جُرشُعُ
-
فَرَمى فَأَنفَذَ مِن نَجودٍ عائِطٍ
-
-
- سَهماً فَخَرَّ وَريشُهُ مُتَصَمِّعُ
-
فَبَدا لَهُ أَقرابُ هذا رائِغاً
-
-
- عَجِلاً فَعَيَّثَ في الكِنانَةِ يُرجِعُ
-
فَرَمى فَأَلحَقَ صاعِدِيّاً مِطحَراً
-
-
- بِالكَشحِ فَاِشتَمَّلَت عَلَيهِ الأَضلُعُ
-
فَأَبَدَّهُنَّ حُتوفَهُنَّ فَهارِبٌ
-
-
- بِذَمائِهِ أَو بارِكٌ مُتَجَعجِعُ
-
يَعثُرنَ في حَدِّ الظُباتِ كَأَنَّما
-
-
- كُسِيَت بُرودَ بَني يَزيدَ الأَذرُعُ
-
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
-
-
- شَبَبٌ أَفَزَّتهُ الكِلابُ مُرَوَّعُ
-
شَعَفَ الكِلابُ الضارِياتُ فُؤادَهُ
-
-
- فَإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ يَفزَعُ
-
وَيَعوذُ بِالأَرطى إِذا ما شَفَّهُ
-
-
- قَطرٌ وَراحَتهُ بَلِيلٌ زَعزَعُ
-
يَرمي بِعَينَيهِ الغُيوبَ وَطَرفُهُ
-
-
- مُغضٍ يُصَدِّقُ طَرفُهُ ما يَسمَعُ
-
فَغَدا يُشَرِّقُ مَتنَهُ فَبَدا لَهُ
-
-
- أَولى سَوابِقَها قَريباً توزَعُ
-
فَاِهتاجَ مِن فَزَعٍ وَسَدَّ فُروجَهُ
-
-
- غُبرٌ ضَوارٍ وافِيانِ وَأَجدَعُ
-
يَنهَشنَهُ وَيَذُبُّهُنَّ وَيَحتَمي
-
-
- عَبلُ الشَوى بِالطُرَّتَينِ مُوَلَّعُ
-
فَنَحا لَها بِمُذَلَّقَينِ كَأَنَّما
-
-
- بِهِما مِنَ النَضحِ المُجَدَّحِ أَيدَعُ
-
فَكَأَنَّ سَفّودَينِ لَمّا يُقتَرا
-
-
- عَجِلا لَهُ بِشَواءِ شَربٍ يُنزَعُ
-
فَصَرَعنَهُ تَحتَ الغُبارِ وَجَنبُهُ
-
-
- مُتَتَرِّبٌ وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
-
حَتّى إِذا اِرتَدَّت وَأَقصَدَ عُصبَةً
-
-
- مِنها وَقامَ شَريدُها يَتَضَرَّعُ
-
فَبَدا لَهُ رَبُّ الكِلابِ بِكَفِّهِ
-
-
- بيضٌ رِهافٌ ريشُهُنَّ مُقَزَّعُ
-
فَرَمى لِيُنقِذَ فَرَّها فَهَوى لَهُ
-
-
- سَهمٌ فَأَنفَذَ طُرَّتَيهِ المِنزَعُ
-
فَكَبا كَما يَكبو فِنيقٌ تارِزٌ
-
-
- بِالخُبتِ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَبرَعُ
-
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
-
-
- مُستَشعِرٌ حَلَقَ الحَديدِ مُقَنَّعُ
-
حَمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى وَجهُهُ
-
-
- مِن حَرِّها يَومَ الكَريهَةِ أَسفَعُ
-
تَعدو بِهِ خَوصاءُ يَفصِمُ جَريُها
-
-
- حَلَقَ الرِحالَةِ فَهِيَ رِخوٌ تَمزَعُ
-
قَصَرَ الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ لَحمَها
-
-
- بِالنَيِّ فَهِيَ تَثوخُ فيها الإِصبَعُ
-
مُتَفَلِّقٌ أَنساؤُها عَن قانِيٍ
-
-
- كَالقُرطِ صاوٍ غُبرُهُ لا يُرضَعُ
-
تَأبى بِدُرَّتِها إِذا ما اِستُكرِهَت
-
-
- إِلّا الحَميمَ فَإِنَّهُ يَتَبَضَّعُ
-
بَينَنا تَعَنُّقِهِ الكُماةَ وَرَوغِهِ
-
-
- يَوماً أُتيحَ لَهُ جَرىءٌ سَلفَعُ
-
يَعدو بِهِ نَهِشُ المُشاشِ كَأَنّهُ
-
-
- صَدَعٌ سَليمٌ رَجعُهُ لا يَظلَعُ
-
فَتَنادَيا وَتَواقَفَت خَيلاهُما
-
-
- وَكِلاهُما بَطَلُ اللِقاءِ مُخَدَّعُ
-
مُتَحامِيَينِ المَجدَ كُلٌّ واثِقٌ
-
-
- بِبَلائِهِ وَاليَومُ يَومٌ أَشنَعُ
-
وَعَلَيهِما مَسرودَتانِ قَضاهُما
-
-
- داودٌ أَو صَنَعُ السَوابِغِ تُبَّعُ
-
وَكِلاهُما في كَفِّهِ يَزَنِيَّةٌ
-
-
- فيها سِنانٌ كَالمَنارَةِ أَصلَعُ
-
وَكِلاهُما مُتَوَشِّحٌ ذا رَونَقٍ
-
-
- عَضباً إِذا مَسَّ الضَريبَةَ يَقطَعُ
-
فَتَخالَسا نَفسَيهِما بِنَوافِذٍ
-
-
- كَنَوافِذِ العُبُطِ الَّتي لا تُرقَعُ
-
وَكِلاهُما قَد عاشَ عيشَةَ ماجِدٍ
-
-
- وَجَنى العَلاءَ لَو أَنَّ شَيئاً يَنفَعُ
-
أبو ذؤيب الهذلي
وهو خويلد بن خالد ينتهي نسبه إلى هذيل بن مدركة بن إلياس ابن مضر بن نزار، وهو أحد الشعراء المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، وكان شاعراً فحلاً؛ حيث جعله ابن سلام الجمحي في الطبقة الثانية من طبقات فحول الجاهلية.[١]
وقال عنه ابن سلام: إنه كان شاعراً فحلاً لا غميزة فيه ولا وهن، قال أبو عمرو بن العلاء: سئل حسان: من أشعر الناس؟ قال: حياً أو رجلاً؟ قال: حياً، قال: أشعر الناس حياً هذيل، وأشعر هذيل غير مدافع أبو ذؤيب.[١]
لغة الشاعر
إن جمال هذه القصيدة لا يتجسد فقط فيما يفرغه الشاعر من مشاعر وأحاسيس جياشة ؛ فالألفاظ الرزينة وحسن تركيبها خلقت لأبي ذؤيب الهذلي مركزاً تشهد له بالبراعة والتقدم شعراء هذيل ، و لقد توجّه الشاعر في عينيته إلى استعمال المصطلحات غريبة اللفظ ، مما يجعل القارئ مضطرً إلى الرجوع دائمًا إلى المعاجم اللغوية لاستشارتها بقصد فهم معانيها.[٣]
الرثاء
الرثاء هو المجال الذي اشُتهر وعُرف به أبو ذؤيب ، فهو المغزى الرئيسي الذي أُنشئت عليه قصيدته العينية، ولم ينشئها إلا من أجل الرثاء؛ فالحالة النفسية التي مرَّ بها الشاعر وشدَّة الألم والتوجع، جعل عواطفه واحاسيسه المحرك الفاعل في إعداد هذه القصيدة.[٣]
المراجع
- ^أبتثجد.عدنان أحمد (12/10/2008)، “قراءة في عينية أبي ذؤيب الهُذلي “، منتديات ستار تايمز، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022. بتصرّف.
- ↑“أمن المنون وريبها تتوجع”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022.
- ^أبمحمد الثاني (13/2/2020)، “بنية القصيدة العينية لأبي ذؤيب الهذلي”، فيلادلفيا المعرفة، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022. بتصرّف.