غزة: إعلام غربي أعزل من السؤال الأخلاقي

غزة إعلام غربي أعزل من السؤال الأخلاقي يبدو أن محرر الأخبار في قنوات التلفزيون الأمريكية والبريطانية والفرنسية هو شخص واحد معظم الأخبار على القنوات الكبرى تقول إن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة مستمرة وإن عدد كذا من الأشخاص قد ماتوا! هكذا ماتوا دون أن يضيف المحرر أيا من اللواحق الرافعة للعتب مثل..

غزة: إعلام غربي أعزل من السؤال الأخلاقي

يبدو أن محرر الأخبار في قنوات التلفزيون الأمريكية والبريطانية والفرنسية هو شخص واحد. معظم الأخبار على القنوات الكبرى تقول: إن “العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة مستمرة… وإن عدد كذا من الأشخاص قد ماتوا”! هكذا. ماتوا. دون أن يضيف المحرر أياً من اللواحق الرافعة للعتب، مثل: “جراء القصف” أو “نتيجة لذلك”.

إذن هو ليس هجوماً. وهؤلاء ليسوا قتلى (ناهيك عن أن يكونوا شهداء). بل هي عملية، وأموات. أحداث على صعيد، ووفيات على صعيد آخر. ولا أتحدث هنا عن منطق الخبر، بل عما هو أبسط من ذلك.

لا أتحدث عن المنطق الكامن منذ عقود خلف خبر ما إن تسمعه حتى تفهم المقصود: ها هي “إسرائيل” الرصينة العقلانية تجد نفسها مجبرة مرة أخرى على أن ترد على الهجمات الاستفزازية. هي لا تبــدأ بالهجـوم أبــداً، بل ترد. البادئ هو الآخر.

ولا يخطر ببال أصحاب النيات الحسنة أنهم لو كانوا أوسع اطلاعاً، أو على الأقل أشد فضولاً، لاكتشفوا بسهولة أن التسلسل الزمني للوقائع يثبت هذه المرة، كما أثبت مرات ومرات، أن البدء إدمان إسرائيلي. ولكن ليست الغاية هنا أن أتحدث عن هذا المنطق الإخباري الذي كان إدوارد سعيد أبرز من تصدوا له بالفك والتحليل. بل إني أتحدث عما هو أبسط: أي اللغة.

لقد بلغ الأمر بالقنوات الكبرى أنها لم تعد تتحرج من أن يحاكي بعضها بعضاً حتى في العبارة والصياغة. أصبحت المؤسسات الإعلامية الغربية الموضوعية في كل الحالات، المحايدة إزاء جميع الصراعات خصوصاً إذا كانت بين البريء والمجرم، تتماثل وتتناسخ حتى في اللفظ والتركيب. تنقل أنباء العدوان الإسرائيلي كما تنقل أنباء الكوارث الطبيعية. فاعل مجهول. وضحايا غير مقصودين. صياغة إخبارية مجوفة معقمة ديدنها الفصل الجراحي بين الحروب العدوانية وإمكانية السؤال الأخلاقي.

صحيح أن هناك سؤالاً هنا وشبه سؤال هناك عن “التوقيت”، في إشارة إلى ما لا يتورع عنه السياسي الإسرائيلي من شن الحروب على سبيل تدشين الحملات الانتخابية. ولكن لا استنكار لهذا.

تماماً كما لم يستنكر أحد نتائج استطلاع الرأي الذي نشرته هآرتس أواخر الشهر الماضي وأثبت أن أغلبية الشعب الإسرائيلي تقر بوجود نظام أبارتهايد ضد العرب، بل إنها تطالب بتعزيزه على أساس أن التفرقة ضد العرب حق لليهودي الإسرائيلي، وواجب على دولته. لا يستنكر الإعلام الغربي ذهنية هذا الشعب الإسرائيلي الذي يعدّ التفرقة العنصرية ضرورة تبلغ حد الفضيلة!.

ولا يحق للمستغربين أن يستغربوا كيف أن هيئة الإذاعة البريطانية حاولت أقصى جهدها حتى الخميس تجاهل مقتل طفل أحد مصوريها، الفلسطيني جهاد المشهراوي في القصف الإسرائيلي. الطفل رضيع عمره أحد عشر شهراً. لم تذكر البي بي سي الخبر في نشرتها الرئيسية ليل الأربعاء-الخميس. ذكرت ضحايا بينهم أطفال ولكنها لم تقل إن أحدهم هو ابن مصور فلسطيني من موظفيها.

هذا قبل أن تستدرك الأمر من الغد، وتعرب عن الأسف الشديد لمقتل ابن المشهراوي وزوجة شقيقه وإصابة شقيقه وابنه الثاني. لهذا قارن الصحافي أسا ونستنلي بين هذا التجاهل (طيلة يوم كامل) وبين التغطية الاستثنائية التي سخرتها البي بي سي لاختطاف مراسلها آلن جونستون عام 2007، وتساءل: هل كانت المؤسسة ستتغافل عن مقتل ابن أحد موظفيها لو أنه أردي بنيران فلسطينية؟.

وقد (كانت) واشنطن بوست سباقة إلى نشر صورة الفلسطيني حاملا رفات ابنه الشهيد. أما ما يبعث على الأمل فهو أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قد شرح، بالعربية، على التلفزيون أن إسرائيل تفرق بين “الإرهابيين” وبين عموم الغزاويين الذين يريدون “الديمقراطية” والتقدم ويتوجهون بالآلاف إلى “إسرائيل” طلباً للعلاج في مستشفياتها.
 
ولأن الديمقراطية الفلسطينية مطلب عزيز على قلب “إسرائيل”، فإنها قررت الرد بكل حزم إذا الأمم المتحدة سولت لها نفسها أن تعلن نوعاً من الاعتراف بـ”دولة” رام الله.

هذا الرد هو إسقاط محمود عباس! إسقاطه… علماً أن لديه… سلطة! أما المسوغ الأخلاقي لهذه الديمقراطية الانقلابية فهو اليقين الإسرائيلي بأن “القلق ينتاب عباس من احتمال أن يلقى المصير الذي لقيه القذافي، ومبارك وبن علي”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 القدس العربي اللندنية
 

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!