فيروس كورونا: تتعافى الأرض بينما نحن في منازلنا

هناك تطورٌ كبيرٌ وغير متوقع يحدث في أثناء مواصلتنا عملية التصدي لجائحة فيروس كورونا، ولا يمكننا إنكار أنَّه أمرٌ جيد، حيث يصنع التراجع الكبير في النشاط البشري المعجزات لبيئتنا، وليس من الصعب معرفة سبب ذلك. لذا تابع قراءة قادم السطور للحصول على بعض الأدلة القاطعة على أنَّ كوفيد-19 قد أصبح -وبشكلٍ غير متوقع- حليفاً للأرض.

Share your love

إنَّ جائحة فيروس كورونا قد أوقفت مسار العالم، إذ تطبِّق الدول عمليات إغلاقٍ صارمة للشركات والمصانع والمدارس وغيرها من المؤسسات، وذلك في محاولةٍ منها لوقف انتشار العدوى، حيث اتخذت حياة الإنسان -وبكلِّ المقاييس- منعطفاً حاداً. بيد أنَّ الأرض قد نالت فرصتها للتعافي.

لذا تابع قراءة قادم السطور للحصول على بعض الأدلة القاطعة على أنَّ كوفيد-19 قد أصبح -وبشكلٍ غير متوقع- حليفاً للأرض، وذلك من خلال:

1. انحفاض مستوى التلوث في الصين والعالم:

لقد كشفت صور الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا (NASA) عن انخفاضٍ حادٍ في مستوى التلوث في الصين، ولكنَّ العالم كلَّه يشهد شيئاً مشابهاً الآن.

عندما ظهر فيروس كورونا المستجد في مقاطعة ووهان في الصين في أوائل كانون الأول لعام 2020، استجابت البلاد بقوة، وأغلقت حدود مقاطعة هوبي، وأوقفت على الفور جميع الأنشطة غير الضرورية مع اقتراب عيد رأس السنة الصينية.

أغلقت المصانع والصناعات الرئيسة، ممَّا نتج عنه هواءٌ أنظف، وانخفاضٌ في الانبعاثات السامة. في الواقع، أظهرت صور الأقمار الصناعية بعد أشهرٍ فقط، انخفاضاً كبيراً في مستويات تلوث الهواء في جميع أرجاء الصين.

تحقق من صور الأقمار الصناعية التابعة لناسا (NASA) أدناه:

صور الأقمار الصناعية التابعة لناسا (NASA)

وفقاً لبياناتٍ جديدةٍ لوكالة ناسا (NASA)، والأقمار الصناعية لرصد التلوث في وكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، تُظهِر هذه الصور انخفاضاً كبيراً في كمية ثاني أكسيد النيتروجين (NO2)، وهو منتجٌ ثانويٌّ سامٌ ينتج عادةً من وسائط النقل ومحطات الطاقة والمصانع.

لكن الآن، وبعد أن تمكَّن الفيروس من الانتشار في 200 دولة، فإنَّ العالم أجمع يشهد تغيُّراً في نوعية الهواء، كما لوحظَ انخفاضٌ كبيرٌ في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين في جميع أنحاء أوروبا، وتختبر آسيا وكوريا الجنوبية -وهو بلدٌ من المعروف أنَّ لديه أساطيل كبيرةٌ من محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم- هذا الأمر أيضاً.

ومع ذلك، يحذر الخبراء من أنَّ هذه التغييرات قد تكون مؤقتةً وغير كافيةٍ للحدّ من تغيُّر المناخ بشكلٍ دائم، لكنَّ الطريقة التي يتعافى بها العالم من هذا الوباء ستحدِّد ما إذا كانت هذه التغيُّرات ستستمر أم لا.

توضح عالمة المناخ وناشطة العدالة البيئية، سارة ميهري (Sarah Myhre)، ذلك قائلة: “إذا استمرت الإجراءات المتبعة بحماية شركات الوقود الأحفوري والشركات المتعددة الجنسيات والبنوك، والاستثمار في البنية التحتية للوقود الأحفوري؛ فإنَّنا سنتسبَّب بهوةٍ أعمق وأكثر عنفاً وخطورة. أعتقد أنَّ هناك إمكانيةٌ لأن تصبح هذه الجائحة بمثابة اكتشافٍ جماعيٍّ لقدرتنا على التعاطف مع بعضنا بعضاً”.

شاهد بالفيديو: 8 حلول للحد من ظاهرة التلوث البيئي

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”640″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/_iusMUfqOj0?rel=0&hd=0″]

2. صفاء مياه قنوات البندقية، وتجوُّل الحيوانات بحريةٍ مع توقف السياحة:

حالياً، تشكِّل إيطاليا بؤرةً لتفشي جائحة كوفيد-19 في أوروبا، وتستمرّ هذه الدولة في النضال في محاولةٍ منها لاحتواء الفيروس؛ لذا أغلقت الحكومة الإيطالية كلَّ شيءٍ دفعةً واحدة، بما في ذلك السياحة التي تُقدَّر بمليارات الدولارات. لكن يبدو أنَّ للإغلاق تأثيراً سحرياً تقريباً على المواقع السياحية الأكثر ارتياداً في إيطاليا، إذ تُظهِر الصور ومقاطع الفيديو التي تُحمَّل من قبل السكان المحليين في البندقية، مياه القنوات الشهيرة صافيةً لأول مرةٍ منذ سنوات. المياه صافية جداً، بحيث يمكنك أن ترى القاع، وكيف أنَّ الأسماك قد بدأت تعود إليها أيضاً.

وفي الوقت نفسه، شُوهِدت الدلافين وهي تسبح بحريةٍ على طول ميناء كالغاري (Calgary)، أحد أكثر الموانئ الإيطالية ازدحاماً. وعلى الرغم من السوء الذي يتسبَّب به تفشي فيروس كورونا، إلَّا أنَّه يُظهِر حقاً تأثير البشر على البيئة، فقد عادت الحيوانات المائية إلى المياه التي هجرتها من قبل، حتَّى أنَّ المياه في البندقية الآن نظيفةٌ وصافية.

لقد منح هذا الفيروس العالمَ فرصةً ليتنفس ويشفي نفسه.

3. تجوُّل الحيوانات بحريّة في المدن عبر العالم:

الآن، تُرَى الحيوانات وهي تتجوَّل في المدن الكبرى حول العالم، لكنَّ الإجماع حول ما إذا كان هذا أمراً جيداً أم لا، ما يزال أمراً جدلياً؛ ففي أحد مقاطع الفيديو التي جرى نشرها خلال انتشار جائحة كورونا، شُوهدِت القردة تتجوَّل في ساحة مدينة تايلاند؛ لكنَّها بدت مضطربةً ويائسةً من أجل الحصول على طعام، إذ عادةً ما يطعمها السياح. وحينما رأت شيئاً ما يُلقَى بينها، قامت بافتعال شجارٍ للحصول عليه.

في الواقع، تتغذَّى أعدادٌ كبيرةٌ من الحيوانات في جميع أنحاء العالم بهذه الطريقة، وفي العديد من الأماكن السياحية -خاصةً في آسيا- يُقدَّمُ الطعام إلى العديد من الحيوانات كهديةٍ من البشر. ولأنَّ هذا الوباء العالمي قد حدَّ من السفر، وتراجعت السياحة بشكلٍ ملحوظ؛ فإنَّ الكثير من هذه الحيوانات قد تُرِكَ بدون ما يكفيه من الإمدادات الغذائية.

وجرى حدثٌ مماثلٌ بالقرب من حديقة نارا (NARA PARK) الشهيرة في اليابان، موطن حوالي 1000 من الغزلان، بعد أن فرضت الحكومة اليابانية قيوداً على السفر، إذ بدأت قطعانٌ مؤلفةٌ من 10 إلى 15 من الغزلان بالتجوُّل في المدينة بحثاً عن الطعام.

ولكن هل ذلك أمرٌ سيءٌ حقاً؟ ربَّما لا. فمن المعروف أنَّ معظم الحيوانات البرية تصبح أكثر تكيفاً وقدرةً على الصمود والتكاثر عندما تُطلَق لوحدها.

وفقاً لعالِم البيئة المدنية، الدكتور كريستوفر شيل (Dr. Christopher Schell): “أفضل ما يمكننا القيام به من أجل هذه الحيوانات: تركهم وشأنهم. معظم الحيوانات التي تعيش في بيئاتٍ مدنيَّةٍ لديها بالفعل أنظمةٌ غذائيةٌ مرنة؛ لذا فإنَّ هنالك فرصاً جيدةً ليكون الكثير من هذه الحيوانات على ما يرام”.

الخلاصة:

ربَّما نناضل جميعاً لأنَّنا نمرّ بتغيراتٍ جذريةٍ في حياتنا اليومية بسبب انتشار جائحة فيروس كورونا، ولكن لا يمكننا أن نُنْكِر أنَّ البيئة تستفيد إلى حدٍّ كبيرٍ من قلَّة النشاط البشري.

إنَّ الانخفاض في حركة السفر جواً وبراً وبحراً، يسبِّب انخفاضاً كبيراً في انبعاثات غاز الكربون، إذ يساهم السفر الجوي -على وجه الخصوص- بزيادةٍ قدرها 2٪ من انبعاثات غاز الكربون في العالم.

هذا التفشِّي الفيروسي درسٌ بأنَّه لا يمكننا الاستمرار في تخريب الموارد البيئية واستغلال الطبيعة والحياة البرية بالوتيرة السريعة التي نعمل بها. وعمليات الإغلاق البشرية دليلٌ على أنًّه يمكننا الحدُّ من بصمتنا الكربونية بتكلفةٍ منخفضةٍ نسبياً على وسائل الراحة الشخصية والكماليات.

كلُّ هذا عبارةٌ عن جوانب مشرقة لا يمكن تجاهلها؛ وتذكيرٌ لابدَّ منه بأنَّ التغيير ممكنٌ حدوثه إن جدَّ الجِّد.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!