تحتفل الأمم المتحدة باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة في الثالث من كانون الأول منذ عام 1992 بهدف رفع مستوى الوعي وحشد الدعم لنحو مليار شخص يعيشون مع الإعاقة، والذين يشكلون واحدة من أكثر الفئات المهمشة في العالم، ويقدر بأن واحدا من بين كل سبعة أشخاص في العالم يعاني من إعاقة، وتعيش الغالبية العظمى منهم في البلدان النامية. ويعتبر أكثر من 80 في المائة من ذوي الإعاقة فقراء، وذلك لأن الإعاقة تؤثر على كسبهم للعيش إن لم تتوفر لديهم التسهيلات اللازمة.

ويقدر بأن 7-10%من الاعاقات ناتجة عن الأمراض النفسية الشديدة وخصوصا إذا تأخرنا في اكتشافها وعلاجها واكتفينا بعلاجها الدوائي دون تأهيل والإعاقة النفسية غير مرئية مما يجعل التعاطف معها قليلا فالناس قد يبدون بعض التفهم لإنسان مقعد لا يشارك في العمل المنزلي ولكنهم يصفون من يعاني من الفصام بالكسل والبلادة إن لم يستطع أن يساهم في في البيت.

ومفهوم الإعاقة مفهوم مركب وغير ثابت ينتج عن تفاعل بين الوضع الصحي والعوامل الشخصية والعوامل البيئية ولايزال المفهوم خاضعا للتطور.

للمزيد: كيف تتعامل الأسرة مع ولادة طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة؟

 

إن اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تم اعتمادها في عام 2006، أحدثت تغييرا كبيرا في مفهوم الإعاقة بحيث حولته من نهج خيري طبي إلى منظور قائم على حقوق الإنسان وتبنت الاتفاقية النموذج الاجتماعي القائم على المشاركة، التمكين، والمساواة وعدم التمييز. فحيث تحترم حقوق الانسان ويتوفر الرفاه الاجتماعي تقل وطأة الإصابة بالإعاقة ويتمتع الاشخاص ذوي الاعاقة مع الآخرين باحترام الكرامة الإنسانية المتأصلة، وحيث تغيب حقوق الانسان والخدمات والتسهيلات في حالات الإصابة الحركية وحيث نفتقر الى طرق التواصل للصم والمكفوفين وحيث تغيب الخدمات التأهيلية للأشخاص الذين يعانون من إصابة ذهنية ونفسية غير مرئية، تزيد مستويات الإعاقة. والمفروض علينا الأخذ باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بعين الاعتبار عند صياغة القوانين وتقديم الخدمات الخاصة بالمرضى النفسيين وكذلك اعتبار الخدمات التأهيلية كجزء لا يتجزأ من تقديم خدمات الصحة النفسية.

شعار هذا العام لليوم الدولي هو “التحول نحو مجتمع مرن ومستدام للجميع” وهذا يعني مجتمع شامل يدافع عن حقوق وكرامة كل مواطن، ويعمل على تمكين كل امرأة ورجل في المشاركة الكاملة في كل من الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.

 للمزيد: كيف اكتشف مبكراً أن طفلي من ذوي الاحتياجات الخاصة؟

 

في 2 نيسان / أبريل 2014، وقعت دولة فلسطين اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إلا أننا مازلنا نواجه تحديات متعددة في مجال تطبيق الاتفاقية الدولية في الجوانب التشريعية والتوعوية والمالية والفنية والبيئية وقبل كل شيء، التأكيد على الموقف المهذب تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة

حدثني زميل بأنه لم يجتز الامتحانات البريطانية لمهنة الطب لأنه تحدث مع مريض على كرسي متحرك وهو واقف دون أن يقرفص إلى مستوى الكرسي ويحافظ على الاتصال العيني، ذكرني حديثه بخبرة لي عندما كنت حديثة العهد بمهنتي في الطب النفسي، حيث كتبت مقالا بمجلة طبية، ذكرت فيها “المريض الفصامي” أكثر من مرة، فرد علي المحرر قائلا، المقال ممتاز، ولكننا لا نقبل اختزال هوية المريض على أنه فصامي، فهو شخص كامل يعاني من الفصام.

إن منزلة أي مجتمع تتحدد بكيفية تعامله مع أضعف مواطنيه. إن تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وتأمين حقوقهم سينهض بالمجتمع بأسره، فبناء فلسطين التي حول الاحتلال كثيرا من أبنائها إلى معاقين بشكل دائم يتطلب تفعيل دور الأشخاص ذوي الإعاقة والمشاركة الكاملة لكل المواطنين.

وفيما نتطلع إلى المستقبل، يتعين علينا تعزيز السياسات والممارسات الإنمائية لضمان أن تكون إتاحة التسهيلات للأشخاص ذوي الإعاقة جزءا من التنمية المستدامة الشاملة ويتطلب ذلك مراعاة الإحتياجات الخاصة وأن نحسن معرفتنا بالبيانات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، وأن يكفل تمكين ذوي الإعاقة خلق فرص عمل واستغلال قدراتهم بالشكل الأمثل.