قرار تحويل “آيا صوفيا” إلى مسجد .. سيادة تركية أم ورقة انتخابية؟

أعرب بابا الفاتيكان فرنسيس، اليوم الأحد، عن "حزنه الشديد" لقرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحويل آيا صوفيا إلى مسجد...

قرار تحويل “آيا صوفيا” إلى مسجد .. سيادة تركية أم ورقة انتخابية؟

قرار تحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد .. سيادة تركية أم ورقة انتخابية؟

أعرب بابا الفاتيكان فرنسيس، اليوم الأحد، عن “حزنه الشديد” لقرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، مضيفا بالقول “إن تفكيري يذهب إلى اسطنبول، أفكّر بآيا صوفيا. إنني حزين جداً”، وذلك خلال خروجه عن النص المعدّ مسبقاً خلال “صلاة التبشير”.

بدوره عبّر المجلس العالمي للكنائس، الذي يضم 350 كنيسة مسيحية غير كاثوليكية من جميع أنحاء العالم، السبت، عن “ألمه واستيائه” إزاء قرار تحويل كنيسة آيا صوفيا في إسطنبول إلى مسجد، الذي أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة الماضي.

وقال الأمين العام للمجلس العالمي يوان ساوكا، في رسالة موجهة إلى الرئيس التركي، إنه منذ عام 1934 كانت آيا صوفيا “موقعا للانفتاح واللقاء ومصدر إلهام لأشخاص من جميع الدول والعقائد”، مؤكدا أن آيا صوفيا “كانت مثالا على التزام تركيا بالعلمانية والاندماج والرغبة في ترك نزاعات الماضي”.

وآيا صوفيا تحفة معمارية شيدها البيزنطيون في القرن السادس، وكانوا يتوّجون أباطرتهم فيها؛ وقد أدرجت على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، وتعد واحدة من أهم الوجهات السياحية في إسطنبول، حيث استقبلت 3.8 ملايين زائر عام 2019.

وبعد سيطرة العثمانيين على القسطنطينية سنة 1453 وتغييرهم اسم العاصمة السابقة للإمبراطورية البيزنطية إلى إسطنبول، حوّلوا الكاتدرائية مسجدا في العام نفسه، وبقيت كذلك حتى العام 1935، حين أصبحت متحفاً بقرار من رئيس الجمهورية التركية الفتية آنذاك مصطفى كمال (أتاتورك)؛ وذلك بهدف “إهدائها إلى الإنسانية”.

وأشار الروائي التركي أورخان باموق، الحائز على جائزة نوبل، لهيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”، إلى إن تحويل المبنى التاريخي “لمسجد مرة أخرى يعني القول لبقية العالم للأسف لم نعد علمانيين”، مضيفا أن “هناك ملايين الأتراك العلمانيين يصرخون مثلي ضد هذا التحويل، لكن لا تجد أصواتهم آذانا صاغية”.

من جهته رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت الإدانات الدولية لقراره تحويل كاتدرائية آيا صوفيا السابقة في إسطنبول مسجدا، معتبرا أن ذلك من “الحقوق السيادية” لبلاده.

وقال إردوغان خلال حفل افتراضي: “الذين لا يحركون ساكنا في بلدانهم حيال معاداة الإسلام (…) ينتقدون رغبة تركيا في استخدام حقوقها السيادية”، مضيفا: “اتخذنا هذا القرار ليس استنادا إلى ما سيقوله الآخرون، بل في ضوء حقوقنا كما فعلنا في سوريا وليبيا وأي بلد آخر”.

ووافق مجلس الدولة التركي الجمعة على طلبات قدمتها منظمات عدة بإبطال قرار حكومي يعود للعام 1934 ينص على جعل الموقع متحفا، وإثر ذلك أعلن أردوغان أن الكاتدرائية البيزنطية السابقة في القسطنطينية ستفتح أمام المسلمين للصلاة فيها في 24 يوليوز.

وحذرت دول عدة، خاصة روسيا واليونان، الحريصتين على الحفاظ على التراث البيزنطي في تركيا، وكذلك الولايات المتحدة وفرنسا، أنقرة من تحويل آيا صوفيا مسجدا؛ وهي خطوة يحاول إردوغان المنتمي إلى حزب إسلامي محافظ اتخاذها منذ سنوات.

واعتبرت اليونان على لسان وزيرتها للثقافة لينا مندوني أن القرار التركي “استفزاز للعالم المتحضّر”، وأن النزعة “القومية التي يبديها الرئيس أردوغان تعيد بلاده ستة قرون إلى الوراء”.

بدوره قال رئيس حزب “اليونان – الطريق البديل”، العضو في البرلمان الأوروبي، نوتيس مارياس، في حديث لوكالة “نوفوستي” الروسية: “قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن “آيا صوفيا” ينتهك قرار اليونيسكو الذي أعلن الكاتدرائية موقعا للتراث العالمي”، وأضاف: “آيا صوفيا ليست غنيمة أردوغان، إنها ملك للبشرية جمعاء”.

وتابع السياسي اليوناني قائلا: “هي رمز للمسيحية، وبتحويلها إلى مسجد يستفز أردوغان ويهين ليس المسيحيين فحسب، بل البشرية كلها”.

وتزايدت الأنشطة الإسلامية داخل آيا صوفيا منذ وصول أردوغان إلى السلطة عام 2003، وشملت خصوصا جلسات تلاوة للقرآن وصلوات جماعية في ساحة المعلم.

وأغلق الموقع السبت، وأقامت الشرطة حواجز حوله. وقال السائح الإيطالي رينيتو دايو: “أردنا (…) زيارة متحف آيا صوفيا.. للأسف علمنا أنه مغلق اعتبارا من اليوم”.

وقالت كسينيا بيسونوفا، وهي روسية مقيمة في تركيا كانت برفقة ابنتها الرضيعة وزوجها، إن زيارة آيا صوفيا “كانت حلمنا الصغير، لأنه منذ ولادة ابنتنا لم نستطع المجيء، لهذا أشعر بالحزن”.

ورغم أن تحويل المعلم مسجدا لا يمنع السياح على اختلافهم من زيارته -وكثر منهم يزورون الجامع الأزرق المجاور- إلاّ أنه كان متوقعا أن يثير تغيير صبغة المعلم المفعم بالرمزية التاريخية ردود فعل خارجية غاضبة.

لكن الرئيس التركي الذي يحنّ إلى الإمبراطورية العثمانية يسعى اليوم إلى الحصول على دعم الناخبين المحافظين في ظل الأزمة الاقتصادية الناتجة من فيروس كورونا المستجد والوضع الإقليمي المتوتر.

من جهته، قال أوموت كاغري، القاطن في إسطنبول: “هذا قرار أنتظره منذ أعوام.. من العار أنه لم يتخذ سابقا، لذلك أنا سعيد جدا”.

أما مدير مكتب أنقرة في صندوق مارشال الألماني أوزغور أونليساركيلي، فقال لوكالة فرانس برس السبت إن القرار يمكن أن يضمن لأردوغان دعم عدد مهم من مواطنيه لأسباب ترتبط بـ”المشاعر الدينية والقومية (…) هذا نقاش لا يمكن أن يخسره الرئيس أردوغان ولا يمكن أن تربحه المعارضة”.

Source: Hespress.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!