قصة لم يعمل خيرا قط : من القصص النبوي والعبر المستوحاة منها

قصة لم يعمل خيرا قط : من القصص النبوي والعبر المستوحاة منها

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ( قال رجل لم يعمل خيرا قط : فإذا مات فحرقوه ، واذروا نصفه في البر ، ونصفه في البحر ، فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين ، فأمر الله البحر فجمع ما فيه ، وأمر البر فجمع ما فيه ، ثم قال : لم فعلت ؟ ، قال من خشيتك وأنت أعلم ، فغفر له ) متفق عليه .

وفي رواية للبخاري : ( أن رجلا كان قبلكم رغسه الله مالا ، فقال لبنيه لما حضر : أي أب كنت لكم ؟ قالوا : خير أب ، قال : فإني لم أعمل خيرا قط ) . وفي رواية أخرى : ( فإنه لم يبتئر عند الله خيرا) .

شرح قصة لم يعمل خيرا قط

تدور احداث القصة عن رجل كان قد  أنعم الله عليه بالمال الوفير، وبدلاً من شكر هذه النعمة واستخدامها فيما يُرضيه عزّ وجل، جعل يبعثرها في شهوات نفسه ورغبات أهوائه، حتى لم يترك باباً من أبواب المعاصي إلا ولجه، فكانت صفحات حياته سوداء مظلمة ليس فيها بارق خير.

وتمرّ الأيام وتتعاقب السنون، والرجل سادرٌ في غيّه وطغيانه، وعندما أوشكت النهاية، استعرض الرّجل حياته، فلم يجد فيها ما يسرّ الحال، فدبّ الخوف في نفسه، واستعظم أن يقابل الله جلّ وعلا بهذا الكمّ الهائل من الذنوب، وتفكّر فيما ينتظره من أهوال القيامة وشدائدها، وعذاب النار وسعيرها.

وظلّ الرّجل يؤرّقه هذا الخاطر، ويفكّر في طريق الخلاص، حتى اهتدى إلى فكرة عجيبة، ما أن استقرّ عليها حتى جمع أولاده بين يديه، ثم قال لهم : ( أي أب كنت لكم ؟ ) فقالوا : ( خير أب ) ، عندها ألقى عليهم وصيّته الأخيرة : ( إذا أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح ) ، وجاء في رواية أخرى للحديث قوله : ( ثم اذروا نصفي في البحر ونصفي في البرّ، فإني لم أعمل خيراً قط ) .

ونسي الرّجل في غمرة خوفه أن الذي خلق السماوات والأرض، وما فيهما من النجوم والكواكب، والدوابّ والخلائق، لن يعجزه أن يعيد واحداً من عباده إلى سيرته الأولى، ولو تفرّق رفاته في الهواء. وكذلك كان الحال، وبكلمة (كن) عاد الرّجل كما كان، فسأله ربّه عزّ وجل : ( ما حملك على الذي صنعت ؟ ) . لم يكن السؤال متعلّقاً بمعاصيه السابقة وذنوبه الفائته، إنما توجّه إلى وصيّته التي أوصى بها قبل موته، ويأتي جوابه : ( خشيتك وأنت أعلم ) ليدلّ على أن الخوف قد ملك على الرّجل قلبه فأعماه عن إدراك حدود قدرة الله المطلقة وإرادته الشاملة، ونظراً إلى ما قام في قلبه من التعظيم والهيبة تجاوز الله عنه فغفر له .

العبرة من  القصة:

  1. اعمال القلوب عند الله تعالى اعظم من اعمال الجوارح.
  2. ان الله غفور رحيم.
  3.  بعض العصاة قد يحسنون إلى أولادهم ويتعاهدونهم بالتربية.