قصة نجاح الملياردير العربي طلال أبو غزالة

"أشكرُ الفقرَ؛ لأنَّه اضطرني أن أكونَ الأول في كلِّ مراحلِ تعليمي لكي أحصلَ على منحةٍ مجانيَّةٍ، ممَّا جعلني على ما أنا عليه الآن"، إنَّهُ طلال أبو غزالة المُلقَّبُ بـ: قائدِ المُحاسبةِ العربيَّةِ، ويُلقِّبُهُ مُوظَّفوه بـ: المُعلِّمِ.

Share your love

وُلدَ طلال أبو غزالة في 22 أبريل عام 1938 في مدينةِ يافا الفلسطينية، من أبٍ فلسطيني وأمٍّ سورية، وكانَ والدهُ رجلاً مُقتَدراً وميسوراً، وكانَ أولَ من أنشأ شركةَ نقلٍ عامٍّ بين يافا والقدس، وكما أنَّ والدهُ أيضاً هو أوّل من أدخل صناعة الثلج إلى يافا. هُجِّرَ هو وعائلتهُ بعدَ النكبةِ الفلسطينةِ عام 1948م إلى مدينةِ صيدا اللبنانيَّة، وأقاموا في بلدةِ الغازيةِ لمدة خمس سنواتٍ، ودَرسَ المرحلتين الإبتدائية والمتوسطة في صيدا، بسببِ عدمِ وجودِ مدرسةٍ في الغازية. كانَ أبو غزالة مُضطراً لمشي ما مِقدارهُ ساعتينِ ونصفٍ يوميَّاً للذهابِ إلى المدرسةِ، وساعتينِ ونصفٍ للعودةِ إلى المنزلِ؛ واستمرَّ هذا الحالُ لمدةِ خمس سنواتٍ، ولكن يقولُ طلال أبو غزالة أنَّه كانَ يَجدُ مُتعةً في المشي كلَّ هذهِ الساعاتِ، وبأنَّ صِحّته وما هو عليهِ الآن من العافيةِ، يعودُ فضلهُ إلى هذا المشي المُتواصلِ. وبعدها، انتقلَ إلى بيروت من أجلِ الدراسةِ الثانويَّة، وكانت دراستهُ في كلِّ هذهِ المراحلِ بمنحةٍ مجانيَّةٍ؛ لأنَّه كانَ الأوّل دائماً، وحصلَ على منحةٍ دراسيَّةٍ في الجامعةِ الأمريكيَّة في بيروت، من قبلِ هيئةِ إغاثةِ اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

مجموعة طلال ابو غزالة الدولية:

مجموعة طلال ابو غزالة الدولية

نعم، إنَّهُ طلال أبو غزالة، مؤسِّسُ مجموعةِ طلال أبو غزالة العالميَّة، هذهِ المجموعةُ التي توصف بالإمبراطورية، إذ لا يوجد مجالٌ موجودٌ في العالم يخصُّ التكنولوجيا وتقنيات المعلومات لم تدخل مؤسسات طلال أبو غزالة فيه. وقد نَمت هذه المجموعةُ منذُ عام 1972م إلى عام 2015م بمعدَّلاتٍ تزيدُ عن 5 إلى 10%، لتُصبح بذلكَ من أهمِّ وأقوى 20 شركة في الخدماتِ المهنيَّةِ، والوحيدة على القائمةِ في تخَصُّصِها -حَسبَ موقع فوربس- والأولى بالمُلكيَّة الفكريَّة ب 400 ألفِ علامةٍ مُسَجَّلةٍ، وتَخطَّى نموُّ المجموعةِ في عام 2016م إلى 20%، كما أنَّ هذهِ المجموعةُ لها 85 مكتباً في 85 دولةً حولَ العالمِ، نَذكُرُ مِنها: الولاياتُ المُتحدةِ الأمريكيةِ، وكندا، وبريطانيا، والصين، والهند، والمكسيك، وأفغانستنان، وألمانيا، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والكويت، والبحرين، والإمارات العربية المُتحدة. وتَعمل مجموعتهُ في: التدقيقِ، والمُحاسَبةِ، والاستشاراتِ على كافةِ أنواعها، وإدارةِ الأعمالِ، وتكنولوجيا المعلومات، والعلوم، والقانون، والمُلكيَّة الفكريَّة، والتعليم. حيثُ أنشأ العديدَ من المُنشآت التعليمية، نذكر بعضاً منها:

  1. جامعة طلال أبو غزالة الدولية TAGI-UNI.
  2. كلية طلال أبو غزالة للدراسات العُليا في إدارةِ الأعمالِ – الأردن TAG-SB.
  3. كلية طلال أبو غزالة الجامعية – البحرين TAG-UCB.
  4. مركز طلال أبو غزالة – كونفوشيوس، لإبراز القيم المُشتركة للثقافتين العربية والصينية TAG-Confucius.
  5. مركز طلال أبو غزالة – كامبردج لتقنية المعلومات، عمان – الأردن.
  6. المنظمة العربية لضمان الجودة في التعليم AROQA.
  7. الشبكة العربية لشبكات البحث والتعليم ASREN.

طلال أبو غزالة وعشقه للموسيقى:

كما أنَّ طلال أبو غزالة يُعدُّ من كِبار رُعاةِ الموسيقى، وقام برعاية العديدِ من الحفلاتِ الموسيقيةِ العالميِة، نذكرُ منها:

  1. راعي السيمفونيات العربية لوليد غنيمة.
  2. راعي أوبرا باريس عام 2001م.
  3. راعي حفل قصر غارنييه فرنسا لعام 2016م.
  4. راعي الأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية.
  5. راعي جمعية إشعار الأوبرا الوطنية لباريس.
  6. راعي مهرجان سالزبورغ الموسيقي.
  7. راعي الجمعية العمومية للمجلس الدولي الموسيقي – بترا، الأردن.

وهو يُحِبُّ، بل يَعشقُ الموسيقى الكلاسيكية، ولهُ قصَّةٌ يرويها في أغلبِ مُقابلاتهِ التلفزيونيةِ، فيقولُ: “قصَّتي مع الموسيقى قصَّةٌ طريفةٌ، بدأت عندما كنتُ صغيراً. كنتُ بحاجةٍ ماسةٍ إلى العملِ من أجلِ أن أحصلَ على أيِّ دخلٍ ماديٍّ؛ لأساعدَ بهِ عائلتي، فوالدي رجلٌ كبيرٌ لا يقوى على العملِ. وبالصُدفةِ، وجدتُ محلاً لبيعِ الأسطواناتِ الموسيقيةِ Long Play، دخلتُ المحلَ وسألت صاحِبَه إن كان بالإمكان أن يوظِّفني لديه، فسألني: هل تَفهمُ في الموسيقى؟ فأجبتهُ: بالنفي، فسألني مُجدَّداً: كيف ستبيع؟ فقلتُ لهُ: أعطني فرصةً لمُدة شهر فقط، إذا أثبتُّ لكَ جدارتي، فأعطني راتباً؛ وإذا حدث العكس، فأنتَ لن تكونَ قد خسرتَ شيئاً. فاقتنعَ. وفعلاً، بدأتُ العملَ في المحلّ بعد انتهائي من دوامِ المدرسةِ، وصَرفتُ كُلَّ وقتي في هذا الشهرِ لتعلُّمِ الموسيقى، فأحبَبتُها وتَعلَّقتُ بها. وبَعدَ مرورِ سنةٍ تقريباً، قرَّرَ صاحبُ المحلِ أن يُعيِّنَ ابنه بدلاً عني، وأن يستغني عن خدماتي، فقلتُ لهُ: اتركني أعمل مع ابنك، فأجابني: ليسَ لديَّ ما يكفي لراتبين، فقلتُ لهُ: أنا من قبل كنت أستمعُ إلى الموسيقى وأخذُ راتباً، الآن يكفي أن أستمعَ إلى الموسيقى. فأجابني: بما أنَّكَ مجنونٌ هكذا، فَابقَ في عملكَ وسأعطيكَ راتباً. هذهِ التجربةُ التي بدأت بحاجتي إلى العملِ، وانتهت بحُبي لهذا العمل؛ علَّمتني شيئاً هامَّاً في الحياة، وهو: أيُّ عملٍ سأعملُ فيه عليَّ أن أحبَّهُ”.

تكريم طلال ابو غزاله:

تكريم طلال ابو غزالة

طلال أبو غزالة الذي استطاع تحويل واقعه الفقير إلى إمبراطوريةٍ لا تُقَدَّرُ بثمن؛ إذ أنَّه يَرأسُ أكثر من 30 مجلس إدارة، ويُعَدُّ أحدَ القيادات الأكثر نُفوذاً في العالم، ولا يزالُ يقولُ: “أنا تلميذٌ في هذهِ الحياةِ وأتعلَّمُ مِنها كُلَّ يومٍ”، كما أنَّهُ حائزٌ على أعلى الأوسمة التكريمية والشهادات الفخرية، والتي نذكرُ بعضاً منها أيضاً:

  1. وسام الاستقلال الأردني من الدرجة الأولى، من جلالةِ الملك عبد الله الثاني – قصر رغدان في الأردن، عام 2016م.
  2. دكتوراه فخرية في الآدابِ من جامعة كانيسيوس – نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1988م.
  3. الدكتوراه الفخرية في العلوم الإنسانية – جامعة بيت لحم، فلسطين، عام 2014م.
  4. رجلُ الإنجازِ لعام 2012م من مؤسسة فلسطين الدولية.
  5. الجائزة الدولية للإبداعِ في إنجازاتِ الحياة المهنية – دبي، الإمارات العربية المُتحدة.
  6. الدكتوراه الفخرية في الإدارة والإقتصاد – جامعة جرش، الأردن.
  7. الجائزة العربية للإبداع الإعلامي من المُلتقى الإعلامي العربي – الكويت.
  8. وسام الجمهورية التونسي.

وقد مرَّ طلال أبو غزالة بمراحلٍ مُتعددةٍ بين الطفولةِ والشبابِ؛ وتنقَّل بين فلسطين، ولبنان، والخليج العربي، والأردن. ولكن متى بدأت انطلاقة طلال أبو غزالة في عالم الأعمال؟

يُمَثِّل عام 1960م بداية مسيرةِ طلال أبو غزالة المهنيَّةِ من الكويت. ولكن، لماذا من الكويت؟

وذلكَ لأنَّ الظروفَ شاءت أن يَلحقَ بقلبهِ، وحُبِّ حياتهِ، ورفيقة دربهِ؛ نهى سلامة.

ومع أنَّه لم تكن لهُ قاعدةٌ ماليَّةٌ قويَّةٌ، حيثُ بدأ بعملهِ من صندوقِ سيَّارتهِ الخاصة، ثمَّ أسسَ شركتهُ عام 1972م؛ إلَّا أنَّ الانطلاقة للمجموعةِ بدأت بِخُطى ثابتةٍ، وكانت تَضُمُّ 12 مكتباً مُوَّزعاً في مختلفِ أنحاءِ الوطنِ العربي. وفي إحدى المُقابلاتِ التلفزيونيةِ على قناةِ سكاي نيوز العربية، يقولُ طلال أبو غزالة عندما سُئِلَ عن أهميَّةِ الكويت في حياتهِ: “للكويت كُلَّ الأهميَّةِ، إذ أنَّ الإنسان يجبُ أن يكونَ صادقاً -وأنا صادقٌ- وأقولُ: أنَّ كُلَّ هذهِ المؤسسة التي أصبحت تَنتشِرُ في 85 دولةً، وأصبحت ما أصبحت عليهِ اليوم؛ كان الفضل الأوّل فيها لدولةِ الكويت، حيثُ وجدتُ بيئةً لا يُمكِنُ أن أصِفها من الاحتضانِ، والمحبةِ، والتشجيعِ، والرعايةِ -وخصوصاً من العائلةِ الكريمةِ الحاكمةِ: آل الصُباح، والمُجتمعَ الاقتصادي الذي اعتبرني مواطناً من الدرجةِ الأولى- وانطلاقتي كُلُّها كانت بِفَضلِ ما يَسّرتهُ لي هذهِ الدولةُ من وسائلِ النجاح”.

ولكن في أثناء الغزو العراقي على الكويتِ، شاءت الأقدارُ أن يكونَ أبو غزالة في فرنسا، ولم يَستطِع العودة إلى الكويتِ بِحُكمِ كونه فلسطينياً، وتَضرَّرَ كثيراً بهذا الغزو، حيثُ جُمِّدت أرصدتهُ في البنوكِ، واحتُجِزَت أملاكُهُ. ويقولُ طلال أبو غزالة عن تلكَ الفترةِ: “هذهِ الفترةُ بالنسبةِ إليَّ كانت فترة ثقةٍ بالنفسِ، وكانت من أصعبِ الفتراتِ وأحلاها؛ لأنَّني كنتُ واثقاً بأنَّني سأُعيدُ كُلَّ ما دَمَّرهُ الاحتلال. وأنا أنظرُ بأبعادٍ كبيرةٍ، فعندما تكونُ القضيَّةُ قضيَّةَ وطنٍ، لا تكونُ مُعاناة الشخصِ مُشكلةً”.

وفي إحدى المؤتمرات في البحرين ألقى “علي فخرو”، وكان رئيسَ غُرفةِ التجارةِ في البحرين، خطاباً يقولُ فيه: “منذ 25 سنةً، جاءني شابٌ وأخذَ يُكلِّمني عن الملكيَّة الفكريَّة، وأنا أنظر إليه بألمٍ وأتساءل: كيف يريد أن يمتلك عقل الإنسان؟ ولكن، وبعد 25 سنةً، اكتشفت أنَّ ما كان يتكلَّمُ عنهُ هذا الشاب موضوعٌ هامٌّ جداً. هذا الشاب هو: طلال أبو غزالة”.

كانت لدى طلال أبو غزالة نظريَّتهُ في العملِ، والتي تقولُ: “دائماً يجب أن أدخلَ في المجالِ الذيَ أكونُ فيهِ سبَّاقاً، أي: أنا لا أنتظرُ أن أنافِسَ الموجودين، بل أريدُ أن أكونَ المُتحرِّك الأول دائماً”.

يقولُ حسين أبو نعمة، وهو عضو مجلس الأعيان الأردني، ومُستشارُ طلال أبو غزالة: “لا يَعرفُ طلال أبو غزالة المُستحيلَ، ولايوجدُ شيءٌ صعبٌ لديه، وأحياناً نختلفُ في تقويمِ أمورٍ كثيرةٍ، ولكن دائماً يُثبِتُ بأنَّهُ على حق، وعندما يكونُ لديهِ تصميمٌ وثقةٌ وقناعةٌ بنجاعةِ الفكرةِ، ونجاعةِ المشروعِ الذي يرغبُ بتنفيذهِ؛ ينجحُ المشروع”.

طلال أبو غزالة في الأمم المُتحدة:

في 21 نوفمبر من عام 2001م، وبعد شهرينِ من أحداثِ 11 سبتمبر، انتُخِبَ طلال أبو غزالة من قبلِ الأمم المُتحدة رئيساً لفريق الأمم المُتحدة لرَسم سياسة واستراتيجية تقنية المعلومات والاتصالات على مستوى العالم، وعندها طلبَ أبو غزالة التَحدُّث، فقالَ: “أشكُركم على ثِقتِكُم وانتخابكُم لي، رُغمَ عِلمكُم بأنَّني فلسطيني، وأردني، وعربي، ومُسلم”. فكانت ردةُ الفِعل آنذاك أن حَلَّ سكونٌ في القاعةِ لمدةِ ثوانٍ، وبعدها بَدَأ المندوبُ الأمريكي ديفيد كروس بالتصفيقِ الحادِ، وبدأت القاعةُ كُلُّها بعدَ ذلكَ بالتصفيقِ، وقالَ لهُ “كوفي عنان” يومها: “لا يُمكنُ لخِطابكَ أن يُثَمَّن؛ لأنَّكَ لم تُهِن أحداً”.

وعندما سُئِل طلال أبو غزالة عن سرِ نَجاحِه، أجابَ: “إنَّني في كُلِّ صباحِ أقرأ مجلة فوربس، وأفتحُ الصفحةَ التي فيها قائمةُ أغنَّى الناسِ في العالمِ، فإذا لم أجد اسمي، أذهب إلى العملِ”. وقالَ أيضاً: “لم نصل إلى ما نُريد أن نصلَ إليه، أي: لا أستطيعُ القولَ أنَّنا اليوم قد حقَّقنا النجاح، النجاحُ لا يتحقَّق إلَّا بعد وفاتي”.

 

المصدر: كتاب سر المجد رجلٌ من بلدي – للكاتبة ليلى الرفاعي.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!