‘);
}

قيام الليل عند الصحابة

بيّن الله -عزّ وجلّ- من خلال آيات القرآن الكريم والسُّنة النبويّة الشريفة أفضليّة الليل على النهار؛ لأن فيه قيام الليل، تلك العبادة العظيمة التي حرص عليها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وصحابته الكرام، ومَن بعدهم من عباد الله الصالحين، ففي ذلك الوقت من اليوم يتنزّل الله -سبحانه وتعالى- إلى السماء الدُّنيا، ويستجيب لعباده السائلين،[١] ومن ذلك:

  • روى أبو عثمان النهديّ -رضي الله عنه- فيقال: (تضيَّفتُ أبا هريرةَ سبعًا فكان هو وامرأتُه وخادمُه يقسِمون اللَّيلَ ثلاثًا يُصلِّي هذا ثمَّ يوقظُ هذا)،[٢] وقد كانوا يتلذّذون بأداء العبادات ويتسابقون إليها، واتّخذوا قيام الليل وسيلةً تُحبّبهم في الحياة الدنيا.[٣]
  • صحّ عن عمر بن الخطاب أنّه حين كان يمرُّ بورده من الليل فتؤثّر به الآية كأنّما يُغشى عليه، وكان يُسمَع لعبد الله بن مسعود صوتاً كصوت النحل في القيام وهو يردّد الآيات.[٤]
  • كان عثمان يقرأ القرآن كاملاً في ليلةٍ واحدة ولا يدري عن نفسه.[٥]
  • كان عبد الله بن عمر يصلّي الليل كاملاً إن فاتته صلاة العشاء جماعة.[٦] وكلّما صلّى ركعتين يسأل نافعاً إن كان قد أتى وقت السحر، فإن قال له لا صلّى ركعتين أخريتين،[٥]
  • حرص الصحابة على القيام حتى كأنّه فُرِض عليهم، ومنهم من أصابه الجهد فيه، مثل ما روت عائشة أن زينب ربطت في المسجد حبلاً تتكئ عليه في قيامها حين تتعب، فلمّا رآه رسول الله سأل عنه، فأخبروه عن أمرها، فأمر بقطعه، وأوصاهم بالقيام قدر الإستطاعة، وعدم المشقة في العبادة.[٧]

وواظب الصحابة على القيام في شهر رمضان؛ طمعاً في الأجر المترتّب عليه، وابتغاءً في تحقيق قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)،[٨] وإرادة منهم بتحصيل الأجر العظيم الذي أعدّه الله -تعالى- لعباده في ليلة القدر، ويدخل في قيام الليل في شهر رمضان صلاة التراويح، فقد قال -عليه السلام-: (إنَّهُ من قامَ معَ الإمامِ حتَّى ينصرِفَ كُتِبَ لَه قيامُ ليلةٍ)،[٩][١٠] وروى السائب فقال: (أمر عمرُ أُبَيَّ بنَ كعبٍ، وتَمِيمًا الدَّارِيَّ أن يَقُومَا للناسِ في رمضانَ بإحْدَى عَشْرَةَ ركعةً، فكان القارئُ يقرأُ بالمِئِينَ، حتى كنا نَعْتَمِدُ على العَصَا من طولِ القيامِ، فما كنا ننصرفُ إلا في فُرُوعِ الفجرِ)،[١١] وكان ابن عمر يقوم الليل في بيته، حتى ينصرف الناس إلى بيوتهم، فيأخذ الماء ويتوجّه إلى المسجد، ولا يخرج منه إلّا بعد صلاة الصبح،[١٢] وأخبرت عائشة عن حرص رسول الله على قيام الليل، فلو كان مريضاً صلّاه قاعداً، وكان يجهر ويسرّ في الصلاة، وكذلك أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-.[١٣]