‘);
}

علم الفرائض

الفرائض جمع فريضةٍ، وهي في اللغة الحصة الواجبة والنصيب، والفرائض في الشرع هي النصيب المقدّر في الشرع للوارث من الميراث، وعلم الفرائض والمواريث في الإسلام له شأنٌ وفضلٌ عظيمٌ، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (تَعلَّموا الفرائضَ وعلِّموه، فإنَّه نصفُ العلمِ، وهو يُنسَى، وهو أوَّلُ علمٍ يُنزعُ من أمَّتي)،[١] وقد نبغ فيه زيدٌ بن ثابت رضي الله عنه، وألّف في علم الفرائض والمواريث المارديني رحمه الله، وكذلك الجعدي، وقد كان الميراث في الجاهلية وقبل مجيء الإسلام، يعطى للقادر على رعاية الأسرة، فتحرم منه النساء والصغار، ويكون للرجال فقط، وكان نظام الميراث في الجاهلية يقوم على الأولوية للأبناء على الآباء والإخوة والأعمام، ويعدّ الأبناء المتبنون جزءاً من الأبناء، فيشملهم الميراث أيضاً، وقد كان التبني شائعاً لديهم في ذلك الزمن، ثم جاء الإسلام بعلم الفرائض، وجعل يتدرج في تشريعه على خطواتٍ، فكان يقوم في البداية على الحِلف والنصرة، حتى وإن اختلف الدين بين المتوارثين، فكان يقول الرجل للآخر (أنت وليي ترثني وأرثك).[٢][٣]

ثم نُسخ حكم التوارث بالموالاة، وصار التوارث بالإسلام والهجرة، وجاء ذلك في قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا)،[٤] وكذلك قطع التوارث بين المؤمن وغيره ممن لم يؤمن أو لم يهاجر، ثم نُسخ ذلك الحكم أيضاً، وصارت الولاية للأقرباء والأرحام، ونزل قول الله تعالى: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ)،[٥] ولم يكن هناك نظامٌ مقدّرٌ في توزيع الأنصبة حينها، فكان للرجل أن يوّزع ماله قبل موته كيفما شاء، لكنّهم كانوا يخصون بعضهم دون بعضٍ، فيخصون الرجال دون النساء، إلى أن جاء بعدها بيان نصيب كلّ وارثٍ، بتقديرٍ من الله -تعالى- في القرآن الكريم تفصيلاً، فبيّن القرآن الكريم نصيب الأصول والفروع، ثم نصيب الزوجين، ثم نصيب الإخوة والأخوات، وراعى التشريع الإسلامي أن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين عند تساويهما في الدرجة، وتشاركهما في سبب الإرث؛ لأنّ الغالب من حال المرأة أنّها لا تنفق، بل يُنفق عليها، وقد يزيد نصيب المرأة على نصيب الذكر في حالاتٍ أخرى؛ كالتي لا تتساوى فيها درجتهما، أو لا يشتركان فيها بنفس سبب الإرث.[٣]