كورونا يفشل في إيقاف طقوس هذا البلد للاستعداد لعيد الفطر

"لا كورونا ولا غيره يمكن أن يثني المصريين عن عاداتهم فى الأعياد"، هكذا علق مواطن كان يقف بالقرب من الزحام

“لا كورونا ولا غيره يمكن أن يثني المصريين عن عاداتهم فى الأعياد”، هكذا علق مواطن كان يقف بالقرب من الزحام على محال الملابس في أحد الشوارع بمنطقة الجيزة.

فرغم الزيادات المطردة في أعداد المصابين بفيروس كورونا في مصر يوميا، وتأكيدات الحكومة عدم السماح بالخروج أيام العيد للمتنزهات والحدائق، فإن محال الملابس شهدت الأيام الماضية تكدسا من المصريين لشراء ملابس العيد بشكل كبير.

وكذلك شهدت المخابز حركة واسعة من إقبال المواطنين على كعك العيد، وهي العادة الشهيرة لدى المصريين قبيل كل عيد فطر، حتى أنهم يطلقون عليه اسما إضافيا باللغة الدارجة “عيد الكحك”.

عادة لا تنقطع

تقول السيدة الخمسينية حمدية إنها حرصت على ارتداء الكمامة منذ خروجها من المنزل في طريقها إلى شارع العريش بمنطقة الهرم، متوقعة وجود زحام على محال الملابس هناك، لكنها لا تستطيع أن يأتي العيد دون أن تشتري ملابس جديدة لأبنائها.

وأجابت حمدية حول فائدة الملابس الجديدة إذا لم تكن هناك أي فرصة للخروج في العيد، بقولها “ربنا ما يقطعها عادة”، إذ يجب أن يفرح الأطفال بملابس العيد الجديدة حتى لو ارتدوها وجلسوا بها في المنزل، بحسب قولها.

أما الشاب الثلاثيني محمد عبد الحليم الذي خرج من محل للملابس وعلامات الرضا بادية على وجهة، بعد نجاحه في شراء ملابس العيد لابنتيه الصغيرتين، فقال “ربك هو الستار”، وذلك ردا على سؤال: لماذا لا يلبس كمامة في هذا الزحام؟

زحام في الأحياء الشعبية بالقاهرة لشراء مستلزمات العيد

لا تضاهيها فرحة

وأضاف عبد الحليم أن الفرحة التي سيراها في عيون ابنتيه بالملابس الجديدة التي ألححن عليه -وأمهما- في شرائها، تستحق المغامرة بالخروج في هذه الظروف، وأن الإصابة بهذا الفيروس اللعين يمكن تأتي الشخص وهو في منزله بطرق كثيرة.

صلاح عادل أحد أصحاب المحال، يؤكد أن النصف الثاني من رمضان كان بمثابة التعويض لهم عن أكبر المواسم العجاف منذ عمله في بيع الملابس، وأن موسم العيد جاء بمثابة هدية من السماء في زمن كورونا.

وأضاف عادل أنه يحرص على تطهير وتعقيم المحال عقب انتهاء العمل مساء، ورشه مرة أخرى بالماء المضاف إليه الكحول صباحا قبل بدء العمل، إضافة إلى تخصيص أحد عماله لتنظيم دخول المشترين كي لا يتكدسوا جميعا بشكل كبير ربما يسهل نقل العدوى.

ملابس الأطفال

يؤكد حمدي -وهو أحد الذين يبيعون الملابس والأحذية على الرصيف، ولا يملك دكانا- أن ملابس الأطفال هي التي شهدت رواجا مذهلا مقارنة ببقية الملابس، وأنه منذ اليوم الأول لبدء الرواج أدرك ذلك، مما جعله يكثر منها على حساب ملابس الكبار.

وأرجع حمدي التكدس الكبير إلى ضيق وقت فتح محال الملابس التي تغلق أبوابها قبيل وقت حظر التجوال، مشيرا إلى أن الزحام لا يقتصر على منطقة بعينها وإنما هو في كل مناطق الجمهورية، ناهيك عن الزحام الرهيب في منطقتي العتبة والموسكي.

على جانب آخر، شهدت المخابز حركة عالية معتادة في هذا التوقيت من كل عام، حيث يأتي المواطنون لعمل كعك العيد في هذه المخابز.

إقبال المصريين على شراء ملابس العيد جاء تعويضا لأصحاب المحلات عن فترة الحظر بسبب كورونا

زحام الكعك

رضا أنور العامل في أحد المخابز، يؤكد أن الإقبال على عمل الكعك هذا العام لم يختلف كثيرا عن العام الماضي رغم التحذيرات من فيروس كورونا، ويقول “هناك من يجهز الكعك كاملا ثم يأتي لخبزه فقط، وهناك من يعطينا أموالا لنعمل له الكعك من الألف للياء، ويستلمه جاهزا”.

وأشار أنور  إلى أن الإقبال على المخابز لا يمثل خطورة كالزحام على محال الملابس، خاصة أن المخابز تعطي مواعيد محددة للزبائن، فيأتون في الوقت المحدد لأخذ ما يريدونه والمغادرة فورا.

إصرار على طقوس الكعك

بابتسامة عريضة، أرجع محمود عطية -الذي ذهب لاستلام صواني الكعك الخاصة به- سبب استمرار هذا الإقبال إلى السيدات، قائلا “أنا مثلا حاولت كثيرا إثناء زوجتي وحماتي عن عمل الكعك هذا العام وشرائه جاهزا، دون جدوى، لأنها عادة تتوارثها السيدات جيلا بعد جيل”.

وأكد عطية أن السيدات يشعرن بلذة خاصة في ممارسة طقوس عمل الكعك بأيديهن، إذ يتجمع الأطفال حولهن وهن يصنعونه، ثم يرسلن الآباء -أمثالي- مع الأطفال إلى المخابز لخبزه.

تاريخ الكعك

تاريخيا يعود كعك عيد الفطر إلى عهد ابن طولون، حين كان يصنع في قوالب خاصة مكتوب عليها “كل واشكر”، توزع على الناس صدقات وهدايا، ثم احتل مكانته المتميزة في العيد بداية من العصر الإخشيدي، واستمر حتى الآن رغم محاولات صلاح الدين الأيوبي القضاء عليه باعتباره أحد عادات الدولة الفاطمية، ويستطيع من يزور المتحف الإسلامي في القاهرة أن يرى قوالب الكعك والعبارات المكتوبة عليها.

رسائل الحكومة المصرية الخاطئة حول انتشار كورونا دفعت المصريين للاستهانة بخطورة الوباء

رسائل الدولة الخاطئة

وأرجع اختصاصي الطب النفسي سمير كمال إصرار المصريين على ممارسة عاداتهم وطقوسهم السنوية والتزاحم على الأسواق قبيل رمضان أو العيد، رغم مخاوف انتشار فيروس كورونا، إلى الرسائل الخاطئة التي أرسلتها الدولة ببعض ممارساتها.

وأشار كمال إلى الحديث الدائم عن عودة الحياة بشكل تدريجي بعد العيد، إضافة إلى إصرار الدولة على العمل بشكل شبه كامل في العاصمة الإدارية، والمشروعات القومية التي أعلنت عنها؛ متسائلا ما الذي يمكن أن يصل للمواطن العادي؟

ويبدو أن هذه الرسالة وصلت للجمهور بأن الأزمة ليست كبيرة، وأن المخاوف المعلن عنها مبالغ بها، وأن تحذيرات الحكومة المتوالية تأتي من باب الاحتياط ليس إلا.

Source: Tamol.om
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!