كيف تؤسس لروتين صباحي راسخ

استيقظت في فترة الظهيرة من يوم الأربعاء ولم أرَ سبباً للنهوض من السرير، إذ كنت قد سهرت حتَّى الخامسة من صباح ذلك اليوم. مشيت ببطءٍ إلى المطبخ، وحَضَّرتُ كوباً صغيراً من القهوة، وجلست على الأريكة. لقد كان زميلي في السكن يعمل لمدة ثلاث ساعات. هذا المقال مأخوذ عن تجربة شخصية للمدون مايكل بيترزاك، والذي يحدثنا في عن تجربته في تكوين روتينه الصباحي.

Share your love

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن تجربة شخصية للمدون مايكل بيترزاك، والذي يُحدّثنا فيه عن تجربته في تكوين روتينه الصباحي.

سألت نفسي: “كيف وقعتُ في هذا الروتين الرهيب؟” بعد ذلك أخذت قيلولة.

في عام 2012، تركتُ وظيفتي اليومية لإعطاء فرصة لكوني كاتباً ومقاولاً، ولكن بدون أن أعمل من 9 صباحاً إلى 5 مساءً.

استيقظت أمس في السادسة صباحاً، وركضت لمسافة 3 كيلو مترات إلى الشاطئ، وقمتُ بتمرينات رفع الأثقال مع تأمُّل شروق الشمس. بعد ذلك، عدت إلى المنزل، وتناولت وجبة فطورٍ صحيَّة، وتصفَّحت بعض صفحات المجلات، وأعددت قائمةً بما سأنجزه في اليوم؛ ثمَّ جلست لأكتب هذا المقال. كانت الساعة التاسعة صباحاً، وكان صباحاً عادياً إلى حدٍّ ما في هذه الأيام.

إذاً كيف حوَّلت نفسي إلى منتور في غضون سبع سنواتٍ قصيرة؟ وفي حين أنَّني سأشارككم أسراري، لكن لنبدأ بسؤالٍ أكثر إثارةً للاهتمام: لمَ سأتكبَّد عناء القيام بذلك؟

لمَ يتعيَّن عليّ تكبّد عناء بدء يومي بقوة؟

“مفتاح النجاح: تناول الغداء في الوقت الذي يتناول فيه معظم الناس وجبة الإفطار” – روبرت برولت.

في البداية، يمكن أن يكون الاستيقاظ باكراً أمراً مؤلماً يُشبه عملية مضغ الزجاج، فلمَ يقوم جميعنا بذلك؟ كانت إجابتي البسيطة: أنَّني قد تعبت من الشعور بالضعف. لا تتحدَّد طبيعة حياتنا من خلال الأشياء التي نجمعها أو بطولاتنا اليومية، ولكن من خلال المشاعر التي نعيشها في معظم الوقت. لم أكن سعيداً بما يكفي لتجربة أيِّ شيء.

إنَّ النهوض باكراً مع عادات قوية يفتح لك نوعاً من الفرح لن تدركه إلَّا عندما تختبره. فقط عندما نعيش بفرح يمكننا أن نصبح أفضل نسخة من أنفسنا.

أصغ إليَّ جيداً: ارتقى أعظم الناس عبر التاريخ بالنهوض في وقتٍ مبكِّرٍ مع عاداتٍ قوية، مثلاً: بن فرانكلين، بيتهوفن، إرنست همنغواي، نابليون، أوبرا، وارن بافيت، غاري فاينرتشوك، والكثير غيرهم؛ كلُّهم كانوا ينهضون مع صخب الطيور المبكِّرة. بالتأكيد، يوجد من يعارض هذا التوجُّه، ولكن هل تراهن على أن تكون واحداً من هؤلاء؟ هل تنجز الكثير في الأيام التي تستيقظ فيها في وقت متأخر؟

كيف أستيقظ باكراً؟

“أنا أستيقظ باكراً إرضاءً لنفسي، وليس إرضاءً لشخصٍ آخر”- جيم جافيجان.

بدأت الحياة بالخروج عن نطاقها المألوف. يقولون: “لا توجد طرائق مختصرة، على الإنسان -فقط- القيام بالعمل”، هذا بالتأكيد غباء، لذا إليك بعض الطرائق المختصرة التي تساعدك على أن تكون ممَّن يستيقظون باكراً:

1. ابدأ من الليلة السابقة:

  • اضبط وضع عدم الإزعاج: يصدر المنبه صوتاً في الساعة 10 مساءً يخبرني فيه أنَّه حان الوقت لخفض إضاءة الشاشة والنوم، وهي إشارةٌ إيكولوجيةٌ تنظِّم إيقاع الساعة البيولوجية للجسم.
  • اخفض إضاءة الشاشة: يُعطِّل الضوء الأزرق المُنبعث من أجهزتنا بأطوالٍ موجيةٍ في نطاق 460-480 نانومتر، النوم بطريقةٍ تنافس الكافئين. لذا خفِّف الإضاءة قبل النوم.
  • حدِّد السبب الذي يدفعك إلى الاستيقاظ باكراً: وجود سببٍ مقنعٍ لوضع القدمين على الأرض هو أفضل مُحفِّز.
  • اقرأ في السرير: لديَّ دائماً كتابٌ جيدٌ على المنضدة. القراءة الشرهة عادةٌ فتاكةٌ بحدّ ذاتها. فبعد 20 دقيقةً فقط من هذا النشاط المهدِّئ، أُصبِحُ جاهزاً للنوم بعمق.

2. اشترِ منبه استيقاظ ضوئيّ:

تستخدم المنبهات التقليديَّة ضوضاء صاخبةً لإيقاظك، وغالباً ما تكون في وسط نومٍ عميق، غارقاً في الأحلام. يعمل هذا المنبِّه على مبدأ شروق الشمس على مدى 30-60 دقيقة، وينشِّط استجابتك اليومية، فيستيقظ جسمك بشكلٍ طبيعيٍّ وسليم. وعندما تبدأ الطيور بالتغريد، تكون مستيقظاً تماماً.

3. استخدم قاعدة الثواني الخمس:

عندما يبدأ صوت منبه الغفوة، ابدأ العد 5-4-3-2-1. وحينما تصل إلى 1، ستكون في وضع الاستيقاظ. يعمل العدُّ التنازليُّ على تنشيط قشرة الفصِّ الجبهي، وهي منطقة الدماغ التي تنظِّم السلوك والانتباه، ناهيك عن إرادتك في الحياة.

4. اشرب القهوة:

يكون الكافئين -في بعض الأحيان- أفضل دواء. أعِدَّ القهوة في الليلة السابقة، ودع رائحتها تتغلغل في أثناء التأمُّل أو الاستحمام.

5. استحمَّ بالماء البارد:

إنَّ الاستحام بالماء البارد أمرٌ مُروِّع، لكنَّه ينفع. تزيد البرودة على جلدك من إنتاج النورأدرينالين في دماغك حتَّى 5 مرات، هذا الناقل العصبي هو الذي يزداد في أثناء استجابة الكرِّ والفر، ووظيفته: تهيئة العقل والجسم للعمل، كما ويزيد الإثارة واليقظة.

وصفتي السريّة لروتين صباحيّ راسخ:

“عندما تستيقظ صباحاً، فكِّر كم هو امتيازٌ عظيمٌ أن تكون على قيد الحياة؛ أن تتنفَّس، وتفكِّر، وتستمتع، وتحب”- ماركوس أوريليوس

كما تطرَّقتُ سابقاً، الغرض من روتين الصباح القوي هو السعادة التي تحصل عليها. وتحصل على هذا الشعور من خلال استغلال أربعة مجالاتٍ من حياتك، جميعها قبل الساعة 9 صباحاً، مثل: المجالات البدنيَّة، والعاطفيَّة، والعقليَّة، والروحيَّة.

نتائج تجربتي التي استمرَّت سبع سنواتٍ مع الاهتمام بهذه المجالات، هي لك. استمتع بقراءتها:

1. النشاط البدني:

لطالما أحببت التمرينات الرياضيَّة، لكن لم أستمتع بممارستها في الصباح إلَّا عندما قرأت كتاب روبن شارما “نادي الساعة الخامسة صباحاً” (The 5 AM club). يقترح روبن قضاء أول 20 دقيقةً من يومك في الرياضة. لم يخطر ببالي أنَّ التمرين لم يكن يعني بالضرورة السير عبر الثلوج في شهر فبراير إلى صالة الألعاب الرياضيَّة لرفع الأوزان لمدة ساعةٍ من الزمن. يمكنك القيام برياضةٍ خفيفةٍ في المنزل، مثل: تمريني القرفصاء والضغط. مازلت أذهب إلى صالة الألعاب الرياضية منذ ذلك الحين.

يشرح شارما من خلال شخصيَّات كتابه: أنَّ ممارسة الرياضة لمدة 20 دقيقة ستخفض -أولاً- الكورتيزول (هرمون الخوف الذي يُضِرّ بأدائك المعرفي) بشكلٍ كبير، والذي يكون في أعلى مستوياته في الصباح؛ وستطلِق أيضاً عامل التغذية العصبيَّة المُستَمَد من الدماغ (BDNF)، الذي يزيد من قوَّة الدماغ؛ وتُطلِق أيضاً الدوبامين والسيروتونين، وهي الناقلات العصبيَّة المسؤولة عن السعادة.

2. العمل العاطفي:

2. 1. التأمُّل:

بعد التمرين، أتأمَّلُ لمدة 10 إلى 20 دقيقة. لهذا تأثيراتٌ إيجابيةٌ على صحتك الجسديَّة والعقليَّة، ويعمِّق اتصالك الروحي بكلِّ شيء. لقد ذكرتُ أن أكثر من 3000 دراسةٍ علميَّةٍ توصَّلت إلى فوائد هذه الممارسة القوية. ووجدت -بناءً على تجربتي- أنَّ التأمل المنتظم يحسِّن كلَّ المشاعر، ويمنحك مزيداً من السعادة والفرح، ويزيل القلق والاكتئاب.

2. 2. الامتنان:

مثل معظم الناس، قضيت الكثير من حياتي في التركيز على ما هو مفقود. يقول توني روبينز: “لم يُخلَق الدماغ البشري لنبقى سعداء وراضين، لقد خُلِق لنعيش”. يتطلَّب الأمر جهداً واعياً لتقدير ما لديك، ولهذا السبب أقضي خمس دقائق بعد التأمُّل في التفكير والشعور بما أنا ممتنٌ له. الشعور بالامتنان يُحفِّز منطقة تحت المهاد، والمنطقة الغشائيَّة البطنيَّة في أدمغتنا؛ ممَّا يُقلِّل التوتر، ويُولِّد المتعة.

3. التمرين العقلي:

3. 1. كتابة اليوميَّات:

إحدى مزايا امتلاك دماغٍ بشريٍّ هي القشرة الدماغيَّة التي تعطينا القدرة الفريدة على التفكير والتخطيط. أمضيت -ذات مرّة- عامين في كتابة ثلاث صفحات كلَّ صباح، وفتحت مستوياتٍ جديدةً من الإبداع والإنتاجيَّة، وحسَّنت علاقاتي. تُظهِر الدراسات أنَّ الكتابة اليوميَّة تساعد في محاربة الاكتئاب، وتجعل الناس يمرضون أقلَّ من المعتاد، وتساعد العاطلين عن العمل في إيجاد وظائف بشكلٍ أسرع. فقد كانت اليوميَّات من العادات الصباحيَّة للعديد من الأشخاص العظماء، منهم: بين فرانكلين، وتوماس إديسون، وونستون تشرشل.

3. 2. تحديد الهدف:

هذا ليس نشاطاً لمرةٍ واحدةٍ في السنة؛ إنَّما هو كالاستحمام، يكون أكثر تأثيراً عند القيام به يومياً. وإلَّا كيف تعرف ما تريده من يومك؟ عندما تدوِّن أهدافك وبنود العمل -حتَّى إذا كانت هي ذاتها أهداف الأمس- فأنت بذلك تهيِّئ عقلك للبحث عن فرصٍ لتحقيقها. يوجد داخل الدماغ مجموعةٌ من الأعصاب، تسمَّى: نظام التنشيط الشبكي (RAS)، والتي تحتوي على معلوماتٍ هامَّة، وتحجب كلَّ ما هو غير ذي أهميَّة.

إنَّ كتابة أهدافك كلَّ صباحٍ يُرسل إشارةً واضحةً إلى RAS الخاصِّ بك، للانتباه إلى الفرص واقتناصها.

4. الممارسات الروحيَّة:

4. 1. المشي:

بالنسبة إليَّ، إنَّ ممارسة المشي، خاصةً قبل استيقاظ الجيران، أمرٌ مقدَّس. إنَّه يوفِّر فوائد بدنيَّة، لكنَّني لا أقوم بذلك بهدف ممارسة الرياضة، إنَّما أفعل ذلك لرؤية بريق ضوء الشارع في بقعة ماءٍ متجمدة، لأشعر بصخب الرياح من خلال أشجار الصنوبر، وأتذوَّق صمت ذهني الهادئ. قال أرسطو: “من يسعد بالوحدة فهو إمَّا وحشٌ بريٌّ أو إله”.

قدَّم إليَّ توني روبنز مفهوم “قوَّة الساعة”، والتي هي ببساطة: استيقظ مبكراً، واخرج إلى هناك (هو يقترح الركض، لكنَّني أمشي)”. إنَّه تمريٌن أعتمدُ عليه عندما أشعر أنَّ روحي مضمحلّة.

4. 2. قراءة الكتُب المُلهِمة:

خُذ شيئاً يرتَقي بك روحيَّاً، واقرأ بضع صفحات منه، حتَّى لو سطراً أو اثنين. لا يأتي الإلهام العميق في جلساتٍ طويلة، فأنا أقرأ كلّ يومٍ كتاب “الرواقيَّة اليوميَّة (The Daily Stoic)”، والذي ينصُّ على أنَّ كلَّ تأمُّلٍ يستغرق حوالي ثلاث دقائق.

هل هذه أعمالٌ كثيرة؟

أقوم بهذه الأعمال في معظم الأيام، بين الساعة 6 و9 صباحاً. وفي بعض الأيام في ساعةٍ واحدة.

ما زلت بعيداً عن جعل صباحي مثالياً، وأدرك أنَّه لا يوجد خط نهاية، لكنَّني أستمرُّ في التدريب خمسة أيامٍ في الأسبوع؛ لأنَّني أستطيع أن أعدك أنَّ بدء يومك بصباحٍ قويٍّ سيكافئك بفرحٍ كبير، ويتيح لك القيام بأفضل ما لديك.

أملي بالنسبة إليك أنَّه من خلال مشاركة سبع سنواتٍ من التجربة والخطأ، يمكنك بناء روتين خاصٍّ بك؛ لتغيير حياتك بشكلٍ أسرع. خذ من هذا ما يناسبك، واترك الباقي.

نصيحةٌ أخيرة: يستغرق بناء هذه العادات وقتاً؛ لذا تحلَّى بالصبر مع نفسك، واستمتع بالمسير.

أراكَ عند شروق الشمس.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!