‘);
}

التقوى وقود الروح

إنّ المُتأمّل والمُلاحِظ لطبيعة الإنسان يُدرك على نحو لا يترُك مجالاً للرّيب وجود الحاجات الروحية باعتبارها ضرورات لا يُمكن الاستغناء عنها، وتتمثّل هذه الضرورات على شكل أعمال تعبُديّة وشعائر طُقوسيّة هدفها النّهائي شُعور الإنسان المُمارس لها بالرّاحة والسّكينة والاسترخاء. وكلمّا كانت هذه الأعمال تُنمّي باطن الإنسان فتُخلصُه من الأحقاد والحسد والضّغائن على الناس وأنْ يكون مُحاسِبًا لنفسه ويُقوّم أخطاءها، وذلك يرجع إلى الإيمان بالله واليوم الآخر وما يُرشد إليه العقل السليم من اجتناب كل قبيح ومُحاولة فعل كل ما هو حسن وجميل.

المعنى المذكُور هنا بخلاف الفِكرة الرّاسخة في أذهان الناس عن السعادة وأنّها تكون فقط خارج حُدود النّفس والعقل من خلال جمع الأموال والبيوت والعقارات والذّهاب إلى المطاعم والتنّزُه والسّفر والزّواج وإنجاب الأبناء واكتساب المناصِب، والحُصول على الترّقيات التي ترفع من صِيت الفرد في المُجتمع وتجعل الناس ينظرون إليه باحترام وتوقِير، هذا لا شكّ أنّه مطلوب ومُهم في حياة الناس؛ لأنّ الإنسان يُحب أنْ ينتزِع اعتراف النّاس به وبكينونتِه، لكن الخلل كلّ الخلل في هذه الطريقة يكمُن في أنّ يتّخذها الناس وحدها كسبيل مُحفّز وقوة دافِعة للحياة.