كيف تصبح متحفزاً وسعيداً كلَّ يوم في الصباح

إنَّه صباح أول يوم عمل في الأسبوع، والمنبه يرن. ما هي أوَّلُ فكرةٍ تتبادر إلى ذهنك عندما تفتح عينيك؟ مهما كانت إجابتك، اسأل نفسك هذا السؤال: ما الذي يجعلك تشعر بأنَّك متحفِّز؟ وما الذي يدفعكَ إلى أن تشعر بمشاعر سلبية أو إيجابية تجاه يوم بداية الأسبوع المقبل؟ وكيف تصبح متحفِّزاً؟

Share your love

هذا المقال مترجم للكتاتب Leon Ho مؤسس ومدير تنفيذي لموقع LifeHack.org.

دعوني أحدثكم عن نانسي!

كان لي زميلةٌ في العمل اسمها نانسي. لقد اعتادت أن تأتي للعمل كل صباحٍ في نفس التَّوقيت، وأن تغادر في السَّاعة 6:30 مساءً. ليسَ قبل ذلك بدقيقة، وليس بعدها بدقيقة. لقد عُرِفَتْ بِـ “كئيبة المكتب”، وذلك لأنَّها كانت في أغلب الأوقات حادَّة الطباع تجاه الجميع، ولم يكن يعجبها شيء. لدرجة أنَّ الجميع قد قاموا بتجنُّبها ما وسعهم ذلك.

في صباح أحد الأيام في المكتب كان لي محادثة قصيرة معها حين كُنَّا نشرب القهوة سويَّةً. أخبرتني أنَّها تعمل مع الشركة منذ أكثر من 20 عاماً! عندما أخبرتني بذلك، سألتها ما الذي دفعها إلى البقاء لهذه المدَّة الطويلة، وكان جوابها ببساطة: “لا أعلم. إنَّها وظيفة تؤمن لي خبزَ يومي، وهي قريبة من منزلي”. لتغادر بعد ذلكَ المكان تاركةً إيَّايَ وحيداً مع قهوتي السَّاخنة، وفي حيرةٍ من أمري.

كيف يمكن لشخص أن يفعل الشيءَ نفسه لأكثر من 20 عاماً؟ ومع كُلِّ ذلك التَّذمر والسَّلوك الحاد تجاه الجميع، كان من الواضح أنَّها لا تحبُّ عملها. إذاً لماذا لم تقم بأيِّ شيءٍ حيال ذلك؟

نوعَينِ من النَّاس

قد تكون هذه حالة متطرفة، لكنني على ثقة من أنَّك تعرف أشخاصاً ظلوا يقومون بالشيء عينه لسنوات وسنوات، ويبدو أنَّه ليس لديهم أدنى مشكلة في البقاء على ما هم عليه. وسواءً أكان ذلك في زواجهم أم عملهم أم مساعيهم الشخصية، يبدو أنَّهم قد تأقلموا مع الأمر بشكلٍ جيد، من دون أن يسعوا لإنجاز شيءٍ “أفضل”.

من ناحية أخرى، أنا متأكد من أنَّك أيضاً تعرف أشخاصاً يُرَكِّزون على الإيجابيات المتوفرة أمامهم ويضعونَ أهدافاً لهم، ويدفعون بأنفسهم باستمرارٍ إلى مستوياتٍ أعلى. سواءً أكان ذلك عبارةٌ عن ترقياتٍ في العمل، أم بناءُ عائلة أو الاحتفال بالمراحل البارزة في زواجهم أو علاقاتهم، أم تجديد منازلهم وسياراتهم، أم تأسيسَ عملٍ جديدٍ لأنفسهم، أم الدِّراسة مجددأ؛ يبدو أنَّ هؤلاء الأشخاص يتقدمون باستمرار نحو شيء يُحَسِّنُ من حياتهم ويعززها.

إذاً ما الفرق بين هذين النَّوعين من النَّاس؟

إنَّ ما ترغب أو لا ترغب بفعله، يتلخَّص في شيء واحد. وهو الدَّافع (أو الحافز).

إنَّها القدرة -أو عدم وجودها- هي ما يدفعك قدماً للتغلّب على التحدّيات والعقبات التي تحول دون تحقيق أهدافك. فبدون حافز، سوف تستسلم بعد عدة محاولات فاشلة، أو في أول تحدٍّ صعب يعترض طريقك حتَّى. أو تصبحُ مثل نانسي، تبقى تراوحُ في مكانك؛ غير سعيد، لكنَّكَ لا تفعل شيئاً لكي تمضيَ بنفسكَ قُدُمَاً.

ما هو الحافز إذاً؟

سواءً أَكنت تدرك ذلك أم لا، فإنَّ الدَّافع يُمثل قوَّة هائلة في حياتك؛ ويجب أن يتمَّ تسخيرها من أجل التَّفوق والاستمتاع فعلياً بكل ما تقوم به بشكلٍ يومي. لكن ولسوء الحظ، يبالغ الكثيرون في تعميم كلمة حافز. فنحن نفكر في أنَّ كلمة متحفّز أو غير متحفِّز، كَتفكيرنا بكلمتَي “نعم” أم “لا”.

ولكنَّ الحافز ليس عبارةً عن تحوُّل، وإنَّما هو اندفاع. ولكي تشعر بالحافز عليكَ أن تغوص أعمق من السَّطح. فمجرَّد قراءة اقتباس تحفيزي، أو تلقي التشجيع من أصدقائك أو مُرشدك (mentor) حتَّى؛ لن يساعدك على بناء دافعٍ يدوم على المدى الطويل.

يمكنك تشبيه الحافز الذي نريد تحقيقه بالشَّمس (ذاتية الاستدامة وطويلةُ الأمد)، والتي توفِّر دفقاً مستمراً من الطاقة لجميع أشكال الحياة على هذه الأرض. وتماماً مثل الشَّمس، يحتوي “محرك التحفيز” خاصتك على مستوياتٍ مختلفة تبدأُ من النَّواة، وتنتشر إلى السَّطح. والسَّطح هو كُلُّ ما تستطيع أن تراه، لكنَّ العملية الحقيقية تكونُ مدفوعةٌ من القلب (الأعماق)؛ وهذا هو الجزء الأكثر أهمية… سأشرح لك السَّبب بعدَ قليل.

إذا كان بإمكانك بناءُ محرك تحفيز ذاتي الاستدامة، فلن تكون قادراً فقط على إيجاد معنىً أكثر وهدفٍ أكبر لحياتك، ولكنَّكَ ستكون قادراً على الاستمتاع بكل دقيقة فيما تقومُ به، مما يجعلُ أدوارك ومسؤولياتك أقلَّ رتابة.

والآن، أليس هذا كفيلاً بتغيير قواعد اللُّعبة؟

اسمح لي أن أساعدكَ على فهم تدفق هذا الحافز بشكلٍ أفضل، وذلكَ عن طريق تقسيم محرك التَّحفيز إلى 3 أجزاء:

  1. النَّواة: الغاية.
  2. الدَّعم: عوامل التَّمكين.
  3. السَّطح: الإقرار.

أود أن أقول إنَّنا أكثر دراية بالجزئين 2 و3، حيث أنَّنا على صلة مباشرة بكل منهما وبشكلٍ متكرر.

الطبقة الثانية: الدَّعم (عوامل التمكين)

في جوهرها، فإنَّ الطَّبقة الثانية من محرِّك التَّحفيز (والتي تُعرف أيضاً باسم عوامل التَّمكين – Enablers) هي ما يدعم أهدافك. يمكن لعوامل التَّمكين أن تقويَ أساس التحفيز لديك، أو تسرعَ الزَّخم الذي تبنيه. لكن وبشكلٍ أساسي، هم يخلقونَ ظروفاً مواتية من أجل أن تسير الأمور بسلاسة.

الطبقة الثالثة: السطح (الإقرار)

تشمل الطبقة الثالثة، والمعروفة أيضاً باسم “الإقرار – Acknowledgement”، أيَّ نوعٍ من الاعتراف الخارجي الذي قد يمنحك دافعاً. قد يأتي على شكل احترام أو اعتراف، مثل المديح والثناء. أو يمكن أن يكون دعماً معنويَّاً من خلال التشجيع، والتَّغذية الراجعة والنقد البناء. كما قد يكون ذلك أيضاً عبارةٌ عن انتماء، حيث يكون لديك رفاق أو أصدقاءَ يشاركوَك نفس الهدف أو العبء. هذا هو ما تراه على السطح عموماً عندما تنظر إلى أشخاصٍ آخرين. ترى الاعتراف الخارجي والاحترام والتقدير الذي يتلقونه.

الطبقة الأعمق: النَّواة (الغاية)

إنَّ أكثرَ الطبقات أهميَّة، والقوة الدافعة الحقيقية وراء تدفق الحافز لديك، هي النَّواة؛ والتي تُمثِّل غايتك. هدفك هو ما يميِّزُ بينَ المندفعين (المتحفزين) وَالفاقدين للحافز. وبينَ أصحابِ الإنجازات ومَن يفتقرون إليها. فجوهركَ التَّحفيزي هو غايتك، ويدعمه أمرانِ اثنان: وجود معنىً، وحركة إلى الأمام. وبوجود هذين الأمرين كقاعدةٍ صلبةٍ لديك، ستمتلك مصدر طاقة يُغذي طاقتكَ التَّحفيزية إلى أجلٍ غير مسمىً.

لذا كيف يمكنك أن تقوم بهذين الأمرين؟

كيف تُبقي على غايتك؟

إنَّ إيجادَ معنىً للغاية التي تسعى ورائها، هو أمرٌ بسيط. فقط اسأل نفسك هذا السُّؤال: لماذا؟

لماذا تسعى لتحقيق هدفٍ معين؟ إذا كان السَّبب غامضاً أو غيرَ واضح، فستبقى طاقتك التحفيزية هي نفسها. إذ وبينما يوفر لك الدافع الطاقة اللازمة للقيام بشيء ما، إلا أنَّ هذه الطاقة بحاجةٍ إلى أن تتركَّز في مكان ما أيضاً. لذا وبدون وجودِ معنى، لا يوجد اتجاهٌ محدد تتركز طاقتك فيه. ومع ذلك، لا يعني وجود هدف ذي معنى بأنَّه يتعين عليك تغيير العالم أو إيجاد تأثيرٍ كبير على المجتمع. فَسِرُّ العمل الهادف بسيط: وهو أنَّه يجب أن يُسهم في قيمة شيء أو شخص تهتم بأمره.

الخطوة التَّالية هي المُضي قدماً. وهذا يعني باختصار، أن تستمر في الحركة. ومثلَ كرة الثلج، فإنَّ الدافع وراء التَّقدم يخلق زخماً. لذا لكي تحافظ على هذا الأمر، يتوجب عليك أن تستمر في الحركة. والخبر السَّار هنا هو أنَّ تَقدُّمك لا ينبغي له أن يكون تقدماً ضخماً حتى يكون ملموساً بالنسبةِ لك. إذ يمكن للتَّقدم القليل أن يكونَ محفِّزَاً بنفس القدر، طالما استمر هذا التقدم. ومثله مثلُ قيادة السيارة، قد تشعر بنفاذ الصبر إذا توقفت تماماً. ولكن، يقلُّ ذلك الشعور إذا كنت تتحرك إلى الأمام، حتى لو كانت السَّيارة تتحرك ببطء.

يُعَدُّ إنشاء مؤشر بسيط لمعرفة مدى تقدمك مثل قوائم التَّحقق أو نقاط علَّام، طريقة رائعة لعرض انتصاراتك، صغيرها أم كبيرها. إذ إنَّ من شأن ذلكَ أن يُحَفِّزَ عقلك على إدراكهم والتَّسليمَ بوجودهم، مما يوفر لك دفعة صغيرة من الطَّاقة التحفيزية. وهذا ما يجعل ألعاب الفيديو تسبب الإدمان الشَّديد! إذ إنَّها ملأى وفي كُلِّ مكان، بمؤشرات التَّقدم الذي يتُمُّ إحرازه فيها. وعلى الرَّغم من أنَّ ذلك التقدم هو مَحضُ تقدم في العالم الافتراضي، إلا أنَّ تلك المؤشِّرات ما زالت قادرةً على تنبيه مراكز التَّحفيز في عقلك.

اكتشف ما الذي يدفعك اليوم

لم لا تأخذُ بعض الوقت لتتأمَّلَ بسرعة في المكان الذي وصلت إليه الآن؟ خذ جانباً واحداً من جوانب حياتك، والذي ترغب في تحقيق تقدمٍ أكبرَ فيه. مثل عملك الحالي على سبيل المثال. لذا ابدأ أولاً مع السَّبَبْ. اكتب مبرراتك الخاصة التي تشرحُ سبب وجودك في الوظيفة التي تعمل بها. ثم فكر في دافعك الأساسي: غايتك الأساسيَّة. دَوِّن ما هو الشيء الذي تجده في عملك ويعطي معنىً لحياتك، وما هي الأشياء التي ستساعدك على الدَّفع بنفسك قدماً في هذه الحياة. وبمجرد حصولك على هذه النقاط، يحينُ وقت إجراء مقارنة؛ هل وظيفتك الحالية تساعدك على تحقيق تقدم نحو الغايةِ التي دوَّنتها؟

إن كانت كذلك، سيكون الأمرُ رائعاً! إذ تكونُ وقتها على الطريق الصحيح. ولكن إذا لم يحدث ذلك تماماً، أو أدركت الآن أنَّك قد ابتعدت عن هدفك، فلا داعي للذُّعر. إذ لم يفت الأوان بكلِّ تأكيد!

قمنا هنا في موقع النَّجاح نت، بتقديم خلاصة أعوامٍ من التدريب على تحسين الحياة، على شكلِ إطار عمل الانفراجات.

يساعد إطار العمل هذا على توفير تحوُّلٍ نموذجي شامل لتحويل أي قيود قد تعترض طريقك، إلى فرصٍ ممكنة. وعبرَ المرور بكل خطوةٍ من الخطوات الأربع في هذا الإطار، ستتمكن من قلبِ طريقة تفكيرك وطريقة تنفيذ الإجراءات التي تقوم بها نحو التَّغيير المطلوب للوصول إلى أهدافك النهائية، والتَّحرر بحق من أي شيء يعيقك حالياً.

وخلال كل خطوة من رحلتك، ستستخدم مهارات محددة تشكل جزءاً من 7 مهارات أساسية تم تطويرها لمساعدتك في تحولك هذا.

سوف تساعد تلك المهارات الأساسية السَّبع على تكثيف جهودك، مما يتيح لك اغتنام الفرص التي تتاح لك بشكل أسرع، وأن تغرس تلك التَّغييرات بشكلٍ دائم.

شاهد بالفيديو: 5 خطوات لتحسين نمط حياتك

ألا نرغب جميعنا بأن نكون سعداء؟

لا ينبغي للسَّعادة أن تكون مصطلحاً غامضاً أو وهماً تسعى وراءه من دون وجود أيِّ نهاية تلوحُ في الأفق. فمن خلال إيجاد دوافعك الحقيقية، ستكون على بعد خطوة واحدة من تحقيق سعادتك، وإيجاد معنىً لكل ما تقومُ به. ربما تكون قد جرَّبت العديد من الحلول لمساعدتك على إبقائك مندفعاً، لتجدَ أنَّ أيَّاً منها لم يكن له أي تأثير. وذلك مردُّه أنَّ تلك الحلول ينجُمُ عنها تغييرات تدريجية فقط، أمَّا التغييرات الدائمة فتتطلّب اتِّباعَ نهجٍ شامل. إذ يتطلب الأمر أكثر من مجرد التَّركيز على ناحية واحدة من حياتك، أو تغيير جزء واحد من روتينك وإجراءاتك. لربما تريد إجراءَ تغييرٍ جوهري؛ لكن قد يبدو لكَ أنَّ هذا التَّغيير يشبه منطقةً كبيرةً مجهولة لا يمكنك تحمل الخوض فيها في هذه المرحلة من حياتك. لكن الحقيقة أنَّ نقل حياتك إلى المرحلة التالية لا يجب بالضرورة أن يكون أمراً معقداً. لذا، إن كنت ترغب بالقيامِ بالخطوة الأولى لتحقيق هدف حياتك، فقد حان الوقت الآن!

 

 المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!