كيف تنظم نومك

كيف تنظم نومك

كيف تنظم نومك

بعض المؤثرات الحياتية اليومية السلبية:

أولاً: كثرة التعرض للضوء أثناء النهار

منذ ظهور الكهرباء، والضوء في نظام عملنا، وحياتنا تغيّر الروتين اليومي لدى الكثير تغيّرًا كبيرًا، وهذا أثـّر بشكل كبير على عدد ساعات النوم، ونوعيته، مما ساعد على حدوث تغيّر في الساعة (البيولوجية) في الجسم، التي تنظّم عمل الجسم. فالضوء في النهار يؤثر على الجسم. والضوء هو العامل الأساسيّ الذي يحدّد مستوى هرمون النوم في الدمّ، فالتعرض للضوء الساطع يقلل نشاط مستوى الهرمون في الدمّ حتى يصل إلى الصفر.

في السنوات الأخيرة حدثت تغيرات كثيرة في حياتنا أثرت على إيقاعنا اليومي، ومنها ارتفاع حدة الإضاءة الليلية في منازلنا وأسواقنا، وهو دون شك يؤثر على عدد ساعات النوم وفاعليته.  فمستوى الإضاءة في كثير من منازلنا في الليل يزيد عن مستواها في النهار.

ثانيًا: طول الجلوس أمام الحاسب الآلي (الكمبيوتر)

فالجلوس أمامه ــ أيًا كان الهدف المرجوّ منه (العمل والدراسة، أو اللعب والترفيه) ــ حتى ساعات متأخرة يُعد تعرضًا لضوء شديد.

أما عن التعرض لألعاب الكمبيوتر، فهي أشد خطورة؛ لأنها أكثر وضوحًا على الأطفال مقارنة بالكبار. و يوضّح هذا سبب سهر أطفالنا وزيادة نشاطهم حتى ساعات متأخرة من الليل، وهذه شكوى شائعة من كثير من الآباء والأمهات. ويُعد التعرض للضوء الساطع خلال الليل ولفترات طويلة أحد أسباب تغيّر تلك الساعة البيولوجية عند الأطفال، وينتج عن ذلك أيضًا زيادة النعاس في ساعات النهار الأولى، مما يزيد من احتمال نوم الطفل في المدرسة.

ثالثـًا: عدم تنظيم وقت النوم

إنّ عامل تنظيم الوقت، وضبط الساعة البيولوجية أمر مهمّ جدًّا لنوم صحيّ. فاجعل نومك في ساعات محددة، وقسّمه بين الأوقات، وليكن أكثره في الليل. واحرص على أن تكون ساعات نومك في الليل المبكر، وتستيقظ قبل وقت الفجر، ثمّ تنام بعد طلوع الشمس شيئـًا، وتمارس حياتك بنشاط وحيوية بعد ذلك.

فإن أتاك النعاسُ بعد الظهيرة فلا ترفضه ــ إن أمكن ــ فإنّ في الجسم منوّمًا طبيعيًا، وهو هرمون (السيروتونين) الذي يتولى مهمة تنويم الجسم، والطريف أن إفراز هذا الهرمون يعتمد على درجة الإضاءة المحيطة بك، فيزداد إفرازه في الظلام. مما يجعل النوم الطبيعيّ لا يكون إلا ليلاً، وما عدا ذلك يُعد شاذًا عن القاعدة. وعليك أن تستسلم للنوم عند اللزوم، وإلا ستكون عرضة للدخول في متاهات أنتَ في غنى عنها، مثل أخذ المنومات الدوائية، وما تسببه من مشكلات عديدة.

فمن الأفضل أن يخلد الإنسان للراحة في فترة القيلولة، وهي الفترة من بعد وقت الظهر إلى وقت العصر، ولا يلزم أن تكون هذه الراحة بالساعات فيمكن أن تجعلها نصف ساعة فقط، كمجرد فاصل لليوم يستعيد بعده الجسم نشاطه حتى الليل.

(روشتة) لتنظيم النوم:

في ظلّ غياب ثقافة النوم السليم.. ينصح خبراء اضطرابات النوم، والأخصائيون النفسيون بوجوب عودة ثقافة النوم السليم، وانتشارها فيما بيننا، وذلك من خلال الآتي:

  1. إعطاء النفـْس فرصة للسكون يوميًا.
  2. التقليل من الارتباطات الاجتماعية، خاصة قبل النوم، وفي أيام الإجازات.
  3. نشْر ثقافة ترشيد استعمال وسائل الاتصال مثل الجوّال، والإنترنت، وعدم تحولها إلى (هاجس اجتماعي).
  4. تجنـّب السهر، وانتظام ساعات النوم، والاستيقاظ حتى أيام العطلات الأسبوعية.
  5. التخلص من التوتر قبل النوم عن طريق إغلاق الهاتف الجوّال، أو وضعه في وضع الصامت، وممارسة تمارين الاسترخاء، وخفض شدة الإضاءة.
  6. تجنب الإثارة الذهنية، وذلك بالبعد عن تناول المنبّهات، ومشروبات الطاقة، خاصة جميع أنواع المشروبات التي تحتوي على مادة “الكافيين”، فهي تؤثر سلبًا على النوم، سيما إذا تمّ تناولها في فترة المساء، أو قبل موعد النوم. وقد أثبتت الدراسات أن مادة “الكافيين” تسبب الأرق حتى عند أولئك الذين يدّعون أنها لا تؤثر على نومهم. كما أن مادة “النيكوتين” هي أحد أنواع المنبهات، فتدخين السيجارة يؤدي إلى اضطراب النوم، ونوم متقطـّع، فننصحك بالبعد عن التدخين، وتجنب المدخّنين.
  7. يُستحَب تجنـّب تناول الوجبات الغذائية الثقيلة قبل موعد النوم بنحو يتراوح من (3-4) ساعات؛ حيث إنه من الثابت أن تناول الوجبات الثقيلة في أي وقت من النهار يؤثر سلبًا على فاعلية النوم، وأيضًا يمكن لوجبة خفيفة في العشاء قبل موعد النوم أن تشجِّع على النوم، كما ننصحك أيضًا بشرب كوب لبن محلـّى بالعسل، وتناولْ ثمرة موز، أو بعض المكسرات، وأخذ حبوب ماغنسيوم؛ حتى تساعدك على النوم.
  8. تخصيص الفراش، بل وتحديد غرفة بالكامل إن أمكن لاستعمالها للنوم فقط، مما يجعل مخ الإنسان، وجسمه يتأهبان للدخول في النوم بمجرد الاستلقاء على الفراش الذي اعتدتَ عليه.
  9. حاول أن تثبّت ميعادًا للنوم، والاستيقاظ، ولا تنم حتى الظهيرة؛ لأن ذلك أيضًا من شأنه اضطراب هذه الساعة، ولا تنمْ عصرًا. نمْ على ظهرك، أو جنبك، وتجنـّب النوم على البطن.
  10. الحرص على النوم المتقطـّع (ليلاً، ونهارًا).. إذ يظنّ الكثيرون أن النوم المتواصل بالليل هو الأفضل صحيًا، إلا أنه قد ثبت عكس ذلك تمامًا؛ حيث تبين للعلماء أن النوم أثناء الليل لا يكفي للإنسان، بل لا بدّ من النوم أثناء النهار لفترة قصيرة، وقد وجدوا أن الدماغ يتعب أثناء النهار من تراكم المعلومات فيصبح أقل كفاءة، وبالتالي يحتاج لشيء من الراحة، هي له بمثابة إعادة ترتيب المعلومات، وتنظيم اهتزازات الخلايا، وتثبيت المعلومات التي اكتسبها الإنسان أثناء النهار، ويقوّي الذاكرة. وعليه فقد ثبت عندهم ــ من خلال التجربة التي تمت على بعض الأشخاص الذين اعتادوا النوم لفترة قصيرة أثناء النهار ــ أنّ أداءهم العلميّ أفضل، وتذكرهم للأشياء أسرع، مقارنة بغيرهم ممن ينامون بالليل فقط.

كل ما سبق.. إذا طبقناه في نومنا سنزيد من فرص الهدوء النفسي، ونقلل من تعكـّر المزاج، ونبتعد عن الشد العصبيّ، الأمر الذي يؤدي بنا للهروب من الحرمان النومي، والأرق اليوميّ، مما يجعلنا نتخلص من الكثير من المضاعفات السلوكية، والنفسية، التي كانت مسيطِرة علينا لفترات طويلة من حياتنا.

معلومة.. وختام

بالرغم من شهرة قول الشاعر العربي الشهير في “رباعية الخيّام” التي يقول فيها هذا البيت: (فَمَا أطالَ النّومُ عُمْرًا… ومَا قصَّر فِي الأعَمَار طُولُ السَّهَر)، إلا أنّ أبحاثًا كثيرة أكدت أن الإكثار من النوم إلى حد كبير، أو التقليل منه إلى حد كبير، كلاهما ضار بالإنسان، وأن النوم من (6-8) ساعات يوميًّا هي المدة شبه المثالية التي يمكن أن ينامها الفرد الطبيعيّ.

ولك أن تعلم أن أيّ إنسان يمكنه أن يحيا حياة طبيعية جدًا بفترة نوم لا تزيد عن 6 ساعات يوميًا إذا تمت بالصورة التي رسمناها سابقـًا. فهي مدة كافة جدًّا لاحتياجات الجسم، وراحته، واستعادة كفاءة أجهزته المختلفة.

ها قد عرفتَ بعضًا من أسرار النوم، فحاول جاهدًا أن تجعلها واقعًا في حياتك. ونتمنى لكم نومًا صحيًّا هادئًا، وأحلامًا سعيدة.

 

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!