لا داعي للرواتب يا دولة الرئيس

كتب: جمال شتيوي الرسميون في بلادنا يتدخلون في الإعلام كلما تنفس، وهذه مسألة لا تحتاج لإثبات في العالم الثالث، ليس للإعلامي الحق في الأحلام غير الرس
لا داعي للرواتب يا دولة الرئيس

كتب: جمال شتيوي

الرسميون في بلادنا يتدخلون في الإعلام كلما تنفس، وهذه مسألة لا تحتاج لإثبات في العالم الثالث، ليس للإعلامي الحق في الأحلام غير الرسمية، وكلما أصابه فزع في نومه عليه أن يسبّح بحمد الحكومات، فكل خروج عن الرواية، أضغاث أحلام، و أفاعيل شياطين.

 يتسلل إلى النفس الأمارة بالسوء توق للحرية في لحظة ضعف، رغبة جامحة في عدم الخضوع لولي النعمة، لكن سرعان ما يعود الإعلامي إلى رشده، ويكثر الاستغفار، فالرواية الحكومية تخضع للتنقيح المستمر، ولا أحد أصدق من الحكومة، فيدرك أنه بات يمارس شذوذا فكريا ليس من طبعه، يعود بكل هدوء للحظيرة، وقد تخلص من آثام الفكرة، يمسح رأسه كي لا يعلق في ذهنه شيء من أفكار سوداء.

تراوده في منامه مرة أخرى، وساوسه اللعينة تجاه الحكومة، فأموال الضمان ملك للشعب واستثماراته كلها ناجحة،  والسياسات الضريبية أثبتت جدواها في “جرجرة” الاقتصاد إلى بر الأمان، وليس مهما تزايد أعداد الفقراء والمعوزين، أو اتساع رقعة البطالة وتمددها، هي مجرد سحل ناعم لشرائح اجتماعية، تتداخل فيما بينها لمزيد من التعارف.

المهم أن يؤدي الإعلامي مهنته على أفضل وجه، دون تزوير لوعي الناس، فليس هناك شيء اسمه رفع أسعار، والباحث في قاموس الإعلام الرسمي لا يجد سوى كلمة تعديل أسعار، وليس هناك شيء اسمه غاز احتلال، ليس هناك تغول من البنوك في الفائدة، ورواتب المسئولين متدنية، وبالكاد تسد الرمق.

في بلادنا ليس هناك فقر وبطالة، وإعلامنا حر، ولا يوجد شائعات، فمن حقك أن تعرف، تعرف كل شيء، حتى أنك تعرف رواتب المستشارين الذين لا يستشارون، في بلادنا الإعلام حر، حر أكثر من أي دولة متقدمة، ألا نكتب عن  عطسة المسؤول، وارتفاع درجة حرارته في الصيف؟ وننتقده لأنه فضل العقار الأجنبي على المحلي .

إذن ،أعلامنا حر، و لنا أن نباهي بذلك، بل ونتلو سورة الفلق لنعمي بها أعين الحاسدين، لا أحد يتدخل في التعيينات وخصوصا الوظائف القيادية، فالكل في التنافس سواء، ولا فضل لواسطة على أخرى، وتقدم الجميع للوظيفة القيادية دليل كفلق الصبح على النزاهة، فمن يستطيع أن يبرهن أن هناك تدخلات؟ بالقطع لا توجد تدخلات، إي والله؟.

أكتب ما شئت، فلديك الحق في الحصول على المعلومة، لا أحد يخفي شيئا، وقانون الجرائم الالكترونية مجرد ديكور للزينة، ولا حبس للصحفيين بمن فيهم المارقون.

 نعم، لدينا حكومات متسامحة جدا مع الإعلام، وبإمكاننا أن نكتب دون حرج أو خوف عن ارتفاع أسعار البطاطا، وبإمكاننا أن نجلد الكورونا اللعينة ثمانين أو مئة جلدة، ونستطيع أن نتهمها بالردة أيضا.

فاجرة هي الكورونا، اعتقدنا أن” كوفيد 19″ مستجد، فتبين أنه يمتلك خبرة كبيرة، خبرة في تكميم الأفواه، أخذنا على حين غرة، والآن تتم محاصرته على صفحات الجرائد، فيمنع صدورها، كونها البيئة الوحيدة التي ينمو فيها الكوفيد ويتكاثر ويتطور، أما رواتب الإعلاميين فلا ضير من عدم قبضها في مواعيدها، فالغذاء الفكري أهم بكثير من إنفاق الرواتب على التبضع.

نعم، فرصة كبيرة لنا يا دولة الرئيس أن نقبع في بطون الكتب، نتفيأ ظلالها، نستزيد من ثمراتها، ونتجول في حدائقها، فلا داعي للرواتب، فالنقد ينقل الفيروس، ونعلم بأن الحكومة حريصة على صحتنا، لذا تبعدنا عن كل ما قد ينقل العدوى، لكي نبقى في خدمة الوطن. 

لا داعي لصرف الرواتب للإعلاميين، فهم كالعسكر يستطيعون أن يصبروا، ويكفيهم الدعم المعنوي، والحل الوحيد للأحلام البغيضة حياكة صور الفريق الوزاري في حجاب ووضعه تحت الرأس قبل المبيت، أو حمله على الصدر كتميمة تكفينا شر الكورونا.

 معنوياتنا عالية جدا في قطاع الإعلام، وقد اشترينا براويز لصوركم سنعلقها في كافة أرجاء المنزل، عرفانا منا بجميل تجويع الإعلاميين في الرأي والدستور والمواقع الإخبارية.

Source: khaberni.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!