لعنة “بيغاسوس”.. لماذا أدرجت واشنطن “إن إس أو” وكانديرو الإسرائيليتين على القائمة السوداء؟

من جديد، تعود شركتا السايبر الإسرائيليتان لأهداف التجسس واختراق الهواتف الخليوية والحواسيب “إن إس أو غروب” و”كانديرو” إلى الواجهة والأجندة العالمية، عقب إدراجهما على القائمة السوداء من قبل أميركا.
المرصد - "بيغاسوس" برنامج التجسس الإسرائيلي
الولايات المتحدة أدرجت شركتي “إن إس أو غروب” و”كانديرو” الإسرائيليتين على اللائحة السوداء مما يؤثر على عملياتهما (الجزيرة)

القدس المحتلة – مرة أخرى، تعود شركتا السايبر الإسرائيليتان لأهداف التجسس واختراق الهواتف الخليوية والحواسيب “إن إس أو غروب” (NSO Group) و”كانديرو” (Candiru) إلى الواجهة والأجندة العالمية، عقب إدراجهما من قبل السلطات الأميركية على القائمة السوداء “التي تعمل ضد المصالح الوطنية والأمن القومي الأميركي وحقوق الإنسان حول العالم”.

وأضحت شركة “إن إس أو” الإسرائيلية -التي تم الكشف عنها مؤخرا في مجموعة متنوعة من التحقيقات حول برنامج التجسس “بيغاسوس” الذي طورته الشركة- “رائدة صناعة الإنترنت الهجومي المتخصص بالتجسس”.

وأظهرت التحقيقات أن عشرات الآلاف من الناشطين الحقوقيين والصحافيين والسياسيين ورجال الأعمال وزعماء بعض الدول -من ضمنهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون- تم اختراق هواتفهم الخلوية وأدرجوا بوصفهم أهدافا محتملة لبرنامج التجسس “بيغاسوس” الذي طورته شركة “إن إس أو” الإسرائيلية.

وسيضع القرار الأميركي شركة “إن إس أو” -على وجه الخصوص- أمام تحديات من شأنها أن تعيق تسويق برامجها، وبالتالي التراجع في أرباحها لحين شطبها من القائمة السوداء الأميركية، وهو ما تسعى إليه “إن إس أو” التي تعتبر كبرى الشركات الإسرائيلية في إنتاج منظومات الهجوم الإلكتروني.

وينص القرار الأميركي -الذي طال شركة كانديرو الإسرائيلية أيضا وشركة استشارات أمن الحاسوب ومقرها في سنغافورة وشركة “بوزيتيف تكنولوجيز” الروسية- على حظر تعامل المؤسسات الأميركية مع الشركتين أو تبادل المعلومات والخبرات أو بيع التكنولوجيا للشركتين، وامتنع التقرير عن فرض عقوبات وتقييدات على الحكومة الإسرائيلية.

اختراق وتجسس

وتعتبر “إن إس أو” أكبر شركة سايبر هجومي إسرائيلية، وتبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار، وتتخصص في ابتكار وتطوير برامج التجسس واختراق الهواتف الخلوية عبر برنامج “بيغاسوس” الذي ابتكرته وطورته.

في حين أن كانديرو -وهي شركة منافسة ولكنها حديثة العهد- تختص بتطوير برامج التجسس واختراق الحواسيب، إذ تجيز برامجها اختراق الحواسيب اللوحية ومنظومات الحواسيب، وسرقة معلومات وبيانات والتسبب في أضرار للمضامين والأجهزة التي يتم اختراقها.

ويعد برنامج التجسس “بيغاسوس” الأكثر تقدما في العالم في الاختراق عن بعد للهواتف الخلوية وقرصنة المضامين وجمع المحتوى الموجود عليها أو الذي تم تصويره بها.

كما يتيح البرنامج الإسرائيلي التجسس على مدار 24 ساعة على مستخدم الهاتف الخلوي، عبر مراقبة الهاتف الشخصي والاطلاع أولا بأول على الرسائل والبيانات والصور والفيديوهات والمكالمات وجهات الاتصال، وأيضا تشغيل الميكروفون والكاميرا عن بعد.

إيرادات وأرباح

من شأن القرار الأميركي المساس بأرباح الشركتين المدرجتين ضمن القائمة السوداء، ومن شأن القرار كذلك أن تكون له تداعيات وانعكاسات على الشركتين، وأيضا التأثير على المزيد من الشركات الإسرائيلية التي تنافس على الابتكارات وتطوير المنظومات الإلكترونية الهجومية والدفاعية.

وتدر الصناعة الإسرائيلية للسايبر الهجومي وحدها مئات الملايين من الدولارات سنويا على الخزينة الإسرائيلية، وتعتبر شركة “إن إس أو” الرائدة في المجال والأرباح أيضا، حيث توظف 750 شخصا في إسرائيل وبلغاريا.

وبلغ إجمالي إيرادات “إن إس أو” عام 2020 أكثر من 243 مليون دولار، إذ حققت الشركة أرباحا بلغت 99 مليون دولار، بحسب ما أفادت صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية.

وبينما تمكنت شركة “إن إس أو” خلال العام الجاري من إبرام العديد من الصفقات الضخمة التي تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات لكل منها، وقعت الشركة المنافسة كانديرو اتفاقيات أكثر تواضعا.

مزايا وتنافس

ويعتقد محرر شؤون العلوم والتكنولوجيا في صحيفة “غلوبس” غلعاد أساف أن القرار الأميركي يأتي للحد من نفوذ الشركتين الإسرائيليتين في عالم السايبر والاختراقات والتجسس.

وأشار إلى أن “إن إس أو” أصبحت الشركة الأكثر طلبا في مجال منظومات التجسس والاختراق من قبل الدول حول العالم، وذلك بسبب مزايا برنامج التجسس الذي طورته ولم تتمكن الشركات المنافسة -ولا حتى الدول العظمى- من اختراق برنامج “بيغاسوس” والتصدي له وكشفه.

وأوضح أن الشركات الإسرائيلية للسايبر الهجومي التي تنشط وتعمل تحت إشراف ورقابة وزارة الدفاع الإسرائيلية منحتها رواجا وانتشارا حول العالم وحتى إقبال بعض الدول لإبرام صفقات معها، إذ أصبحت شركة “إن إس أو” -على وجه الخصوص- عبر ترويج منتجاتها رافعة لتعزيز العلاقات والمصالح والاستفادة المتبادلة بين الدول وإسرائيل.

ورغم أن شركة “إن إس أو” الإسرائيلية تلقت انتقادات كبيرة وقد تكون كبش الفداء بالمرحلة الراهنة، فإنها -والكلام للصحفي الإسرائيلي- “مهدت الطريق لعشرات الشركات الإسرائيلية التي تنافسها حاليا وتحاول تقليدها”.

وإلى حد كبير، يقول محرر شؤون العلوم والتكنولوجيا “الشركات الإسرائيلية هي الرابحة على حساب شركة ’إن إس أو‘، فبعد التحقيقات الأخيرة، اضطرت الشركة إلى إبطال بعض الصفقات وإغلاق حسابات العملاء الذين تبين أنهم خالفوا شروطها، وفي دول مختلفة، يفكرون في ما يجب فعله مع الشركة الإسرائيلية”.

تنافس وتكتم

ورغم أن شركة “إن إس أو” تتكتم ولا تتحدث عن عملائها وصفقاتها، فإنها تتحدث عن نفسها وتتواصل مع الجمهور عبر مقرها الرئيسي الموجود في مدينة هرتسيليا شمال تل أبيب، كما أن لديها موقعا على شبكة الإنترنت، وتجري وسائل الإعلام مقابلات مع مديري الموقع والشركة.

وفي المقابل، تنشط الشركات المنافسة -وعلى وجه الخصوص- كانديرو و”كفادريم” من وراء الكواليس وبسرية تامة، إذ تتكتم على أنشطتها والصفقات التي تبرمها والخدمات التي تقدمها للعملاء، والجهات التي تبيعها المنظومات والمعلومات التكنولوجية، وكثيرا ما تغير العديد من شركات السايبر الإسرائيلية اسمها من دون أن تكشف عن مقراتها وأماكن وجودها.

وفي ظل هذا التنافس ومن أجل تجاوز رقابة وإشراف وزارة الدفاع في تل أبيب، تعمد العديد من الشركات الإلكترونية الهجومية الإسرائيلية على العمل والنشاط من مقرات في جزيرة قبرص؛ لتكون حرة في بيع منتجاتها من دون أي رقيب أو تقييدات.

دلالات وعقوبات

وأبلغت واشنطن الحكومة الإسرائيلية بقرارها قبل ساعة من الإعلان عنه رسميا، ويقول مراسل الشؤون السياسية في موقع “والا”، بارك رافيد، إن جهاز الأمن الإسرائيلي يدرس دلالات القرار الأميركي، علما بأن وزارة الدفاع هي المكلفة بالإشراف على كل ما يتعلق بتسويق وتصدير المنتجات السيبرانية من إسرائيل، وفقا لقانون مراقبة الصادرات الدفاعية لعام 2007.

وسبق أن ناقش الكنيست قضية الشركة السيبرانية الإسرائيلية ومنتجاتها الإلكترونية الهجومية، إذ شكل أغسطس/آب الماضي لجنة برلمانية سرية، لكنها لم تحدد موقفا بعد بشأن هذه القضية، علما بأن النهج السائد بينهم في الواقع هو تعزيز نشاط الشركات السيبرانية الهجومية في إسرائيل، وليس فرض عقوبات عليها، وفقا لرافيد.

ورجح رافيد أن إدراج شركتي “إن إس أو” وكانديرو الإسرائيليتين ضمن القائمة السوداء للمعاملات التجارية سيدفع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى فرض عقوبات عليهما، وأيضا تقييد نشاطاتهما حتى الحد من صادراتهما وتسويق منتجاتهما من دون أن يتم فرض أي عقوبات على الحكومة الإسرائيلية.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!