‘);
}

العدل في الإسلام

أمر الله -تعالى- بالعدل، وحرص على تحقيقه في شرائع الإسلام، والناظر في القرآن الكريم يجد فيه آيات عديدة تحثّ على العدل وتدعو إليه، منها قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)،[١] وفي سنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أمثلة كثيرة وواضحة على اهتمامه بقيمة العدل؛[٢] ففي قصة المرأة المخزومية التي سرقت على عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مثالٌ جليٌّ على ذلك، فقد حاول أسامة بن زيد -رضي الله عنه- أن يشفع لها عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فما كان منه إلّا أن غضب وخرج يخطب بالناس معلّماً إيّاهم درساً عظيماً في أهمية العدل بقوله: (إنما أَهلَك الذين قبلَكم، أنهم كانوا إذا سرَق فيهمُ الشريفُ ترَكوه، وإذا سرَق فيهمُ الضعيفُ أقاموا عليه الحَدَّ، وأيمُ اللهِ لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سَرقَتْ لقطَعتُ يدَها).[٣][٢]

أراد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في هذه الحادثة وفي غيرها ممّا يشابهها تأكيد مبدأ العدل، وترسيخه في الإسلام، حتى لا يحيد المسلمون عنه أبداً، ويبقوا متمسّكين فيه دائماً، مؤمنين ألّا فرق بين إنسان وآخر بحسب جنسه، أو لونه، أوعرقه، أو غير ذلك، فكلّ الناس سواسية، وبذلك يتحقّق العدل، ويرتقي المجتمع المسلم، ويصل إلى الرخاء والنمو والازدهار، وينتشر دين الإسلام حتى يكون قائداً للعالم أجمع، فيتحقّق بذلك مراد الله -تعالى- من إعمار الأرض ونشر التوحيد فيها،[٢] ومع كل هذا الحرص وهذه الأهمية التي أولاها الإسلام للعدل إلّا أنّ من الناس من يتهمونه بأنّه دين يميّز بين الذكر والأنثى في الإرث، فيفضّل الذكر على الأنثى ويجعلها تساوي نصف إنسان لا إنساناً كاملاً، ويستشهدون لذلك بقول الله -تعالى- في آيات الميراث: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ)،[٤] وفيما يأتي بيان مقصود الآية الكريمة ووجه العدل الإلهي فيها.[٥]