‘);
}

حكم الحجاب

إنّ الحجاب واجبٌ على الفتاة المسلمة عند بلوغها سنّ التكليف، وكما ويلزمها ببلوغها القيام بالأوامر التي نصّت عليها الشريعة الإسلاميّة، والانتهاء عمّا نهت عنه، وبناءً على ذلك يترتب كتابة الأجر والثواب لها على قيامها بالأوامر والتكاليف المأمورة بها، وفي المقابل فإنّها تعاقب إن لم تنتهِ عن المنهيات والمنكرات، والحجاب ممّا يميّز المسلمات عن غيرهنّ، كما أنّه يرمز إلى تخلّقهنّ بالحياء، وهو علامةٌ ودلالةٌ على العفّة والطهارة والحشمة، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ)،[١] فأمر الله تعالى رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- بإلزام أمهات المؤمنين ونساء المسلمين بالحجاب، وذلك بستر جميع البدن عند الخروج، وبالحجاب تتميّز النساء الحرائر عن غيرهن من النساء، ولا يتعرّض لهنّ أحدٌ من الرجال والسفهاء، بأيّ فعلٍ يخدش حياءهنّ وعفّتهن وطهارتهنّ.[٢]

الحكمة من فرض الحجاب

شرع الله تعالى الحجاب وفرضه على المرأة؛ تحقيقاً للعديد من الفضائل والحِكم، فالتزام الفتاة المسلمة بالحجاب يدلّ على امتثالها وانصياعها لأوامر الله تعالى وأوامر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، كما أنّ الالتزام بالحجاب الشرعيّ من علامات وأمارات العفّة والطهارة؛ فالحجاب يمنع الأذى عن الملتزمات به، إذ إنّ ظهور محاسن المرأة ومفاتنها من الأسباب التي تدفع إلى إلحاق الأذى بها، إلّا أنّ النساء اللاتي كبرن في السنّ بحيث لم يبقين موضع فتنةٍ؛ رخصّ لهن الله تعالى، حيث قال دلالة على ذلك: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)،[٣] كما أنّ الحجاب يحقّق طهارة القلوب والنفوس من الرذائل والأفكار الخبيثة، ويحقّق كامل الستر للفتاة، وفق ما يريده الله تعالى ويرغبه، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللهَ تعالى حييٌّ سِتِّيرٌ، يُحبُّ الحياءَ)،[٤] كما أنّ الخطاب والأمر بالحجاب كان موجّهاً للمؤمنات؛ ممّا يدل على أنّ الحجاب من الإيمان، ومن الجدير بالذكر أنّ التبرّج وعدم الالتزام بالحجاب الشرعيّ يترتّب عليه الكثير من المفاسد والمضار؛ فعدم الالتزام بالحجاب فيه معصيةٌ لله تعالى، ولرسوله عليه الصّلاة والسّلام، كما أنّ ذلك من الأسباب التي تؤدي إلى اللعن والطرد من رحمة الله تعالى، ودليل ذلك ما أورده الإمام مسلم في صحيحه، حيث قال رسول الله: (صنفانِ من أهلِ النارِ لم أرَهما، قومٌ معهم سياطٌ كأذنابِ البقرِ يضربون بها الناسَ، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مميلاتٌ مائلاتٌ، رؤوسُهنَّ كأسنِمَةِ البختِ المائلةِ، لا يدخلْنَ الجنةَ ولا يجدْنَ ريحَها)،[٥] فالحديث السابق دلّ أيضاً على أنّ التبرّج من صفات أهل النار، فالفطرة الإنسانيّة لا ترغب بالتكشّف والتبرّج، وإنّما ترغب بالستر والصون، فالله تعالى أكرم الإنسان وأنعم عليه بمكانةٍ رفيعةٍ ومنزلةٍ جليلةٍ لا تتحقّق بالتبرّج، والتبرّج من العلامات التي تدلّ على الفطرة غير السليمة والقويمة، وقلّة الحياء والعفة والطهارة، وانعدام الغيرة، ومن الجدير بالذكر أنّ التبرّج يترتّب عليه العديد من العواقب الوخيمة على الأفراد والمجتمعات، ومن ذلك: فساد وانعدام الأخلاق الكريمة الحسنة، وتفكّك الروابط الأسريّة، وعدم الثقة بين أفراد الأسرة الواحدة، وانتشار ظاهرة الطلاق بشكلٍ كبيرٍ، وانتشار وتفشّي الأمراض الخبيثة، وتسهيل معصية زنا النظر، والتبرّج من الأسباب التي تُنزل العقوبات الإلهية على العباد.[٦]