سؤال هام جدا لكل أب و لكل أم و نحن لا نريد الرد بل نريد أن يقف الوالدين و يفكروا في هذا السؤال جيدا , و يبادروا لحضن طفلهم و إعطاؤه المزيد من الحب و الحنان الضروريان لنموه السليم فالحضن مهم جدا جدا للأطفال و علينا الحديث عنه بشكل مفصل :
أتعجب جدا من الوالدين عندما أسألهم عن كم مرة يحضنوا أطفالهم و لا اجد رد و بعضهم لا يتذكر متى أخر مرة حضن طفله و نأتي في النهاية نشتكي من أمراض الطفل النفسية و العصبية و نستعجب لماذا يعاملنا الطفل هذه المعاملة القاسية و يضايقنا و يزعجنا , بل إني قرأت مرة عن طفل أحزنني كثيرا حينما سألته الأم “لماذا تضايق أباك حتى يمد يده و يضربك؟ -فأجاب: لأني أريد أن تمسني يده بأي طريقة حتى لو بالضرب “. أليست إجابة مفجعة و محزنة ؟
الطفل هذا الكائن الصغير الذي لا يرى في عالمه الصغير سوى الأب و الأم والمفترض أنهما مصدر الحب و الحنان و الأمان لكن و للأسف أصبحت معظم علاقات الوالدين بالأبناء – إلا ما رحم ربي – علاقة جافة جدا بدون أي مشاعر , و ساعد على ذلك رتم الحياة السريع الذي نعيشه فالأب معظم الوقت بالعمل و عندما يعود يبحث عن الراحة و يقضي باقي اليوم مع الأصدقاء على القهوة أو على الشات و الفيس بوك و مشاهدة التليفزيون و الأم متعصبة مستعجلة عليها القيام بأشياء كثيرة من ضمنها أكل و ملابس الطفل , فكلاهما يجتهد لتلبية طلبات الطفل الجسدية – يشكرون على ذلك – لكن لا يسعون بنفس الجهد لتلبية متطلبات طفلهم العاطفية و النفسية.
فكما يحتاج الطفل للمأكل و المشرب و الملابس و الآيباد و الكمبيوتر و الألعاب و الحلوى بالتأكيد يحتاج للحضن و الحب والحنان و الدفء الذي سيبحث عنه خارج الأسرة بعد ذلك , فنجد إن الطفل أول شئ يبحث عنه عندما يستطيع الخروج خارج الأسرة شخص يشعره بالحب والحنان و يعطيه إشباع عاطفي قد حرم منه طوال السنوات التي كان أثناءها في أشد الحاجة للشعور بحب و عطف و حضن والديه.
كبف يعرف طفلك انك تحبه؟
إن سألت أي أب أو أم كم مرة قولتم لطفلكم اليوم أنكم تحبوه , أتوقع أرقام قليلة في الإجابة , فهل يتوقع الوالدين أنهم طوال يوم مشغولون عن الطفل و لا يتعاملوا معه سوى بالأمر : ( كل طعامك – اغسل يدك – لا تضرب إخوتك – لا تلعب الآن – اكتب الواجب – اذهب للنوم ………..) وهكذا يقضون اليوم في أوامر و نواهي و عقاب و لا تربطهم بالطفل لحظات حب وحنان و دفء سوى القليل ثم من المفترض أن يعرف الطفل الصغير أن أبواه يحبانه . كيف؟؟؟؟؟؟؟؟
الوالدين لم يخبروا الطفل أنهم يحبوه و لا أحتضنوه و لا قاموا بأي شئ يخبروه من خلاله أنهم سعيدين بوجوده , فالطفل يحتاج أن يعرف أنه محبوب من الوالدين و أنه مرغوب فيه و أنهم سعداء بوجوده و لا يشعر أنه عبء أو أنه ليس له أي أهمية سوى الأكل والشرب والنوم , قيجب أن تعرفوا أطفالكم أنكم تحبوهم و تسمعوهم كثيرا كلمة “بحبك” حتى لا يبحثوا عنها عند غيركم بعد ذلك.
أما عن الحضن فالطفل يحتاج لأكبر عدد ممكن من الأحضان التي تستطيعوا أن تعطوها له , و لا تقولوا لم نفعل ذلك من قبل فكيف سنفعله الآن , لا بل أفعلوه الآن , أول شئ بعد الإنتهاء من قراءة المقالة اذهبوا لأطفالكم و احضنوهم بشدة و كلما سنحت الفرصة أحضنوهم فأثناء الحضن يفرز الجسم هرمونات مهدئة و مفيدة للراحة النفسية و بالتالي إن كثرة الأحضان تعني هدوء و راحة و سكينة أكثر .
رصيد الحب:
عليكم أن تزيدوا من رصيد الحب بينكم و بين أطفالكم كلما سنحت الفرصة من خلال الحضن أو الكلمات و أخبروهم بكلمات صريحة أنكم تحبوهم فهذا الرصيد الذي اختزنتموه في ساعات الرخاء ستحتاجونه في ساعات الشدة , فالطفل الذي لديه رصيد كبير جدا يخص أبويه من الحب والحنان عندما يغضبوا منه أو يعاقبوه لتصحيح سلوكه بالتأكيد سيغضب و سيسحب جزء من رصيد الحب فبالتالي عليكم زيادة هذا الرصيد المملوء بالحب حتى إذا سحب منه الطفل أثناء الغضب و العقاب و التوجيه يظل به مخزون كافي من الحب للمرات القادمة و إياكم أن يكون رصيدكم من الحب عند الطفل “0” و أنتم مازلتم تعاقبوا و توجهوا و توبخوا و لا يوجد رصيد حب فسيحدث شئ مؤلم جدا لكم و لهم وهو زيادة في رصيد الكره و الحقد و بالتأكيد هذا ما لا تريدوه , أليس كذلك؟
فلا شك أن كل أب و كل أم يحبوا أطفالهم و لكن ربما نسوا أو انشغلوا أو حتى لم يتعلموا كيف يعبروا عن هذا الحب فأبسط و أسهل طريقة هي الحضن.