لمن تؤول اللوحات التشكيلية في الورش والمسابقات؟… قراءة في العلاقة الملتبسة بين المُبدع والممول

صنعاء ـ «القدس العربي»: هل يحق للمؤسسات الثقافية امتلاك اللوحات التشكيلية، التي مولت تنفيذها ضمن ورش أو مسابقات؟ سؤالٌ أُثير في صنعاء، مؤخراً، على خلفية مشكلة نَشبت بين إحدى المؤسسات الثقافية وفنانة شابة عقب مطالبة الأخيرة بلوحتها؛ وهو ما رفضتهُ المؤسسة، باعتبارها تكفلت بتمويل إنجاز اللوحة ضمن ورشة وقّع خلالها الفنانون عقوداً تنصّ على ذلك. […]

Share your love

لمن تؤول اللوحات التشكيلية في الورش والمسابقات؟… قراءة في العلاقة الملتبسة بين المُبدع والممول

[wpcc-script type=”71ba5d45ef74b44409402465-text/javascript”]

صنعاء ـ «القدس العربي»: هل يحق للمؤسسات الثقافية امتلاك اللوحات التشكيلية، التي مولت تنفيذها ضمن ورش أو مسابقات؟ سؤالٌ أُثير في صنعاء، مؤخراً، على خلفية مشكلة نَشبت بين إحدى المؤسسات الثقافية وفنانة شابة عقب مطالبة الأخيرة بلوحتها؛ وهو ما رفضتهُ المؤسسة، باعتبارها تكفلت بتمويل إنجاز اللوحة ضمن ورشة وقّع خلالها الفنانون عقوداً تنصّ على ذلك.

ودأبت مؤسسات ثقافية يمنية ودولية في صنعاء على تنظيم ورش عمل ومسابقات تشكيلية، لأطفال وفنانين واعدين، توفر لهم خلالها المواد الخام لإنجاز أعمال وفق معايير واتجاهات معينة، وتنتهي اللوحات بحيازة تلك المؤسسات للأعمال الفنية.
وقبل هذا فإن هذه المؤسسات لا تُقدِم على مشاريع إلا وقد حصلتْ على تمويل من مانحين، وبالتالي فإن خروج المشاركين من هذه الورش أو المسابقات، وقد آل حق التصرف بأعمالهم لغيرهم، يتنافى مع الأهداف التي أُنشئت من أجلها هذه المؤسسات، وهو تشجيع المبدعين وتعزيز حضورهم في المشهد، وفق رأي أحدهم، فيما يرى آخر أن للمؤسسات برامج بالإضافة إلى عقود تضمن (ملكية مشتركة) للوحة، وفي الوقت نفسه تحمي اللوحة من البيع ما يجعلها متاحة للعمل الثقافي العام، على حد تعبيره.

تقدير الفائدة

الفنانة التشكيلية غادة الحداد، وهي ترأس إحدى المؤسسات الثقافية، دافعت في حديث لـ»القدس العربي» عن موقف المؤسسات، معتبرة أن المؤسسات توقع عقوداً مع المشاركين، «وتبقى الأعمال باسم المبدعين، والحق الفكري للوحة للمبدع بلا شك، لكن بين الفنان والمؤسسة عقد ينص على أن اللوحة للمبدع لكن لدى المؤسسة». وأشارت إلى عملها مع عدد من المؤسسات ضمن عدد من الورش، لكنها لا توافق على المشاركة إلا في حال رأت العائد المادي من العرض أفضل، مطالبة الفنانين مراجعة الشروط قبل المشاركة في أي مشروع. «بالتأكيد أن ظروف البلد تجعل الفنان في اليمن يوافق على أي شيء؛ فهو مضطر في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، لكن، من وجهة نظري، عليه أن يراجع الشروط ويقدّر مدى استفادته من المشاركة» تقول غادة.

برمجة العلاقة

لكن الفنان التشكيلي وليد دله يرى أن الفنان في كل الأحوال، سواء وقّع على عقد، أو لم يوقع، يبقى مالك اللوحة والمتصرف بها، لكن للأسف ـ كما يقول – الجميع هنا يسلبون الفنان حقه في اللوحة، حتى إن وافق على المشاركة بشروطهم، فهو في الأخير مسلوب الحق في امتلاك لوحته والتصرف بها على حد قوله، مضيفاً: «لا يمكن مقارنة تكاليف إنتاج اللوحة بالقيمة الإبداعية للوحة، فأي منطق هذا الذي يتيح للممول ملكية اللوحة، بينما يسلب من الفنان حقه في التصرف بها؟
وأضاف لـ»القدس العربي»: المشكلة لا تشمل الورش ولا تقتصر على اليمن، بل تشمل المسابقات التشكيلية اليمنية والعربية؛ وأنا واحد ممن شارك في مسابقات، وأتمنى استعادة لوحاتي التي شاركت بها، لكنني لا استطيع، فالجميع يؤكد أن جميع اللوحات المشاركة، بما فيها اللوحات الفائزة في المسابقة لم تعد للفنان، وإنما للمؤسسة الراعية، وهذا سلب لحق الفنان، حتى إن بقي اسمه على اللوحة؛ فمن حقه استعادة لوحته؛ لأنها ملكه ومن حقه التصرف بها، حتى إن أنجزها في ورشة أو شارك فيها بمسابقة. «حتى إن وافق الفنان مسبقاً ووقّع على عقد بذلك، فهو مضطر وبحاجة للتشجيع، بخاصة في اليمن، لكن لا يعني هذا أن نسلبه حقه؛ لأن ما يحدث في الورش والمسابقات هو سلب للحقوق. تصوّر عندما يشارك في المسابقة ثلاثمئة فنان، فإن المؤسسة هنا ستحوز ثلاثمئة لوحة، لا تتم إعادتها لأصحابها الذين، بدورهم، لا يعرفون مصيرها ولا يستطيعون التصرف بها» يقول الفنان دلة.

ملكية مشتركة

المديرة التنفيذية لمؤسسة بسمنت (القبو) الثقافية في صنعاء شيماء جمال ترى إن للمسألة قراءة مختلفة، وقالت لـ»القدس العربي»: أنشطتنا ليست ربحية وللمؤسسة التزاماتها، ومن هذه الالتزامات الحفاظ على الأصول، بأفضل ما نستطيع، واللوحات هي من أصول المشروع. «كل الأعمال التي يتم إنجازها في سياق المشاريع هي منتجة لثيمات المشاريع، وهذا يعني أن العمل لم يكن يولد بدون هذه المظلة، هذا عدا الالتزامات المالية من المؤسسة تجاه الفنانين والمانحين. كما تحرص المؤسسة على التوفيق في جعل الملكية مشتركة، ونعني هنا أن المؤسسة ساهمت فكرياً ومادياً في العمل، ولهذا فهي حريصة على بقاء العمل وعدم بيعه، وهذا لا يعني أن الفنان لاحق له في اللوحة؛ هذا غير صحيح، فتوقيعه موجود عليها، ولديه الحق في أخذها من المؤسسة للمشاركة بها في أي مكان، وكذلك يمكنُ للفنان أن يتمتعَ بكافة أشكال البيع غير المباشر للوحة، بدون أن نكسب ريالاً واحداً من عملية البيع هذه»، تضيف شيماء.

وعي جديد

إزاء ذلك يقترحُ فنانون ومتابعون على المؤسسات الثقافية تنظيم ندوات تتفتق عنها آلية جديدة لبرمجة العلاقة بين الفنان ومنظمي الورش والمسابقات، بما يضمن رؤية واعية لعلاقة عادلة لا تثير إشكالاً ولا تفتح باباً لخلاف بين الفنان والممول حول ملكية العمل الفني، «فهذه الندوات كفيلة بخلق وعي جديد كأرضية مختلفة لعلاقة عادلة ومرنة بين المبدع والممول»، يقول أحدهم.

 

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!