‘);
}

ميقات أهل المدينة

حَدّد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الميقات المكانيّ لأهل المدينة المُنوَّرة كمَوضعٍ لإحرام المسلمين منه؛ وهو ذو الحليفة؛ والحليفة شجرةٌ معروفةٌ تمّت تسمية المكان باسمها؛ لكثرة انتشار شجر الحلفاء بها، فحليفة تصغير حلفاء، وميقات أهل المدينة هو أبعد المواقيت عن مكّة المكرّمة، كما أنّه قريبٌ من المدينة المُنوَّرة، وقد أصبح موصولاً بها بسبب البناء والإعمار حتى أصبح يُجاور المدينة المُنوَّرة، ويرى بعض العلماء أنّ القُرب بين المدينة وميقات أهلها فيه حِكمةٌ؛ ألا وهي التواصُل والتقارُب بين الحَرمَين الشريفَين؛ حيث إنّ المسلم لا يكاد يُودّع المسجد النبويّ حتى يُقابل ما يرتبط بالمسجد الحرام، ومن الجدير بالذِّكر أنّ ذا الحليفة اشتُهِر أيضاً بأسماء أخرى، مثل: الحسا، وآبار علي؛[١] وهو اسم يعود إلى بئرٍ منسوبٍ إلى الصحابيّ الجليل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-،[٢] وقد بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المواقيت المكانيّة لِمَن أراد الحجّ أو العُمرة -كما ذُكِر سابقاً-، ومنها ميقات أهل المدينة المُنوَّرة؛ إذ ورد: (إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِهِنَّ مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ والعُمْرَةَ، ومَن كانَ دُونَ ذلكَ، فَمِنْ حَيْثُ أنْشَأَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِن مَكَّةَ).[٣][٤]

استحباب الصلاة في ذي الحليفة قبل الإحرام

يرى العديد من العلماء استحباب الصلاة عند المواقيت بشكلٍ عامٍ، وعند ذي الحليفة؛ ميقات أهل المدينة المُنوَّرة بشكلٍ خاصِّ؛ بحيث يُؤدّي مَن أراد حَجّ البيت الحرام أو العمرة الصلاةَ؛ سواء كانت فريضةً -إذا كان وقتها-، أو صلاة ركعتَين من النوافل، أو الوضوء وإتباعه بركعتَي سُنّة الوضوء، ومن ثمّ الإحرام؛ فقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه صلّى فريضة صلاة الظهر في حجّة الوداع، ثمّ أحرم، واستدلّ العلماء على استحباب الصلاة عند ميقات ذي الحليفة بفِعْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، بالإضافة إلى ما نُقِل عنه -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِن رَبِّي، فَقالَ: صَلِّ في هذا الوَادِي المُبَارَكِ، وقُلْ: عُمْرَةً في حَجَّةٍ).[٥][٦]