‘);
}

عناية الشريعة بحفظ النفس

يُعَدّ حِفظ النفس من أهمّ المقاصد والضروريّات الخمس* التي دعَت الشريعة الإسلامية إلى حِفظها من خلال أحكامها، وقد أولَت الشريعة هذا الجانب عنايةً فائقة، ومن ذلك ما جاء في النصوص الشرعيّة من تأكيد على حُرمة دم الإنسان، أو أيّ عُضوٍ من أعضائه؛ إذ لا يجوز إيقاع الضرَرَ، ولا الاعتداء عليه؛ بقَتلٍ، أو جَرحٍ، أو خَدشٍ، أو غير ذلك، وهذا الأمر مُحرَّم -كما ذُكِر- باستثناء ما كان لمُوجِبٍ شرعيٍّ فقط، كبَتْر عُضو مريض؛ خوفاً من وقوع ضرر أكبر، أو موتٍ بسببه، ومِمّا يُبيّن اهتمام الشريعة بحِفظ النفس أيضاً ما شُرِّع من الجزاء والعقوبات التي تردع الإنسان عن الاعتداء على غيره، أو الإضرار به، كالدّية*، والقَصاص*، والإثم، والكفّارات*.[١] والأدلّة على ذلك كثيرة، منها قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (كلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ)،[٢][٣]

وبالإضافة إلى تأكيد النصوص الشرعيّة على حُرمة دم المسلم، فقد أكّدت أيضاً على حُرمة دماء غير المسلمين، وأموالهم؛ قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن قَتَلَ مُعاهَدًا لَمْ يَرِحْ رائِحَةَ الجَنَّةِ، وإنَّ رِيحَها تُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ أرْبَعِينَ عامًا)،[٤] وقال -عليه الصلاة والسلام-: (مَنْ أَمَّنَ رجُلًا عَلَى دَمِهِ فقَتَلَهُ فأنَا بَرِيٌء مِنَ القاتِلِ، وإِنْ كانَ المقتولُ كافِرًا)؛[٥][٦] إذ إنّ غير المسلمين من أهل الذمّة* لهم ما للمسلمين من الحقوق، وعليهم ما على المسلمين من الواجبات، وحقوقهم مُصانة تحظى بالرعاية والحماية والاهتمام كحقوق المسلمين، ومن ذلك: حماية أنفسهم، وأموالهم، وأعراضهم، ودينهم، ومُمتلكاتهم، ويدلّ على ذلك قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ألا مَن ظلَم معاهَدًا، أو انتقصَهُ حقَّهُ، أو كلَّفهُ فوق طاقتِهِ، أو أخذ له شيئًا بغير حقِّهِ، فأنا حجيجُهُ يومَ القيامَةِ، وأشارَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بيدِهِ إلى صدرِهِ: ألا ومَن قتلَ رجلًا له ذمَّةُ اللهِ ورسولِهِ حرَّمَ اللهُ عليهِ الجنَّةَ).[٧][٨]