‘);
}

حكم بر الوالدين

وردت في القرآن الكريم مجموعة من الآيات الدالّة على وجوب برّ الوالدين، وعلى الفضل العظيم المتحصّل منه،[١] ومنها قوله -تعالى-: (وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)،[٢] وقوله -تعالى-: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا * وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا)،[٣] وقوله -عزّ وجلّ-: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)،[٤][٥] وعليه فبرّ الوالدين يعدّ واجباً وفرضاً،[٦] وقد وردت في السنّة النبوية الشريفة العديد من الأحاديث الدالّة على وجوب برّ الوالدين، وحرمة عقوقهما، ومنها ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ).[٧][٨]

وبرّ الوالدين لا يقتصر على الوالدين المسلمين؛ وإنّما يجب أيضاً للوالدين غير المسلمين ما لم يتعارض برّهما مع طاعة الله -تعالى-، وإن أمرا ابنهما بالشرك أو المعصية فلا طاعة لهما فيما يأمران به؛ لقوله -تعالى-: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)،[٩] ويتضمّن البرّ بالوالدين أن يقول لهما الولد كلاماً ليّناً ويرفق بهما، ويظهر حبّه لهما، ويبتعد عن الكلام القاسي الذي يؤدّي لنفرتهما منه، ويحرص على أن يناديهما بما يحبّانه من الأسماء، ويتحدّث معهما بما يكون نافعاً لهما في دنياهم وآخرتهم، ولا يقابلهما بالملل والتأفّف، ولا يضيق منهما أو يرفع صوته عندهما، وإنّما يتحدّث معهما بالحديث الكريم الليّن، وذلك فرض عين على كلّ ابن.[١٠]