‘);
}

حال الإنسان في القبر

يحيا الإنسان في القبر مرّة أخرى، وتردّ إليه روحه كما أخبر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- وصحّ في نصوص الشريعة، إلا أنّ حياته في القبر لا تكون كحياته في الدنيا، فحياة القبر لا يحتاج فيها إلى طعام أو شراب أو غير ذلك، وإنّما يكون قادراً على سماع أسئلة المَلَكين والإجابة عنها والتفاعل مع ما يشاء الله -تعالى- أن يحصل له في القبر ممّا أخبر به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، فإذا وُضع الإنسان في القبر وذهب عنه أهله جاءه المَلَكان لسؤال الميت عن ربه ودينه ونبيّه، فإن كان مؤمناً أجاب بثقة وقال: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ يسألانه عن قوله بالرّسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فيجيب بأنّه رسول الله جاء ليهدي النّاس ويرشدهم فآمن به واتبعه، فحينها يقول له المَلَكان صدقت ويؤكّدان على إيمانه ثمّ يفتح له باب من قبره يشرف على الجنة فيرى فيها مقعده الذي أعده الله له، ويأتيه من ريح الجنة ومن نعيمها، ويقال له أنّ هذا مكانك إلى أن يشاء الله -تعالى- ببعثك إليه، ويُفتح كذلك له باب من النّار يطلّ على مقعده من النّار لو كان على غير هدى وطاعة في الدنيا، ويُقال له: هذا مقعدك في النّار لو أنّك كفرت بالله -تعالى- أمّا الآن فقد أعاذك الله منه وأبدلك به مكانك في الجنّة.[١]

وإن كان الميت كافراً فلا يتمكّن من الإجابة على أسئلة الملائكة وإنّما يتلعثم ويتلكأ، ثمّ يقول: لا أدري، سمعت ما يقوله النّاس عن ذلك وقلت مثلهم، فتضربه الملائكة بمرزبة من حديد ضربةً يصيح منها صيحةً عاليةً جداً يسمعها كلّ مَن في الكون إلّا الثقلين؛ أي الإنس والجنّ، ثمّ يُفتح له باب إلى النّار فيرى فيها مقعده منها، ويأتيه من سمومها وما فيها من عذاب، ويضيق عليه في القبر حتى تختلف أضلاعه في بعضها، ويكون بذلك قبره حفرة من حفر النّار، ثمّ يُفتح له باب يُشرف على الجنّة ويرى منها مكانه فيها لو كان طائعاً لله مؤمناً تقياً، ويُقال له: هذا مكانك لو كنت مؤمناً بالله، وأخبر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن حال القبر بالنسبة للإنسان في قوله: (إنَّما القبرُ روضةٌ من رياضِ الجنَّةِ أو حفرةٌ من حفرِ النَّارِ)،[٢] ومن ذلك يتبيّن أنّ حال الإنسان في القبر إمّا أن يكون مؤمناً فيرى مقعده من الجنّة ويستبشر بذلك ويكون قبره عليه روضة من رياض الجنّة، وإمّا أن يكون كافراً فيرى مقعده من النّار ويضيق عليه قبره فيكون حفرة من حفر النّار.[١]