‘);
}

أهمية الأخلاق في الإسلام

الناظر في الشريعة الإسلامية يجد أنّ للأخلاق فيها أهميةً كبرى، وقد دأبت نصوصها على بيان ذلك في مواضعٍ عديدةٍ، فقد جعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- السبب في بعثته إلى الناس هو إتمام مكارم الأخلاق، حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (إنمّا بُعِثت لأتمّم مكارم الأخلاقِ)،[١] فعلى الرغم من أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بعث لأمورٍ أخرى أهم من الأخلاق؛ كالعقيدة، والعبادة، إلّا أنّه عبّر بهذا الأسلوب للإشارة والتأكيد على أهمية الأخلاق في الإسلام، والسبب أنّ الاخلاق هي الوجه الذي يظهر للناس من الإنسان، وهو أبرز ما يدركونه من أعمال الإسلام في الإنسان المسلم، فهم لا يرون عقيدته لوجودها في قلبه، ولا يطّلعون على عباداته كلّها أيضاً، إلّا أنّهم يرون أخلاقه، وصفاته، ويتعاملون معه بناءً عليها، لذلك فإنّ تقييمهم له سيكون مبنياً بلا شك على ما يرونه من خُلقه، وقد أثبت التاريخ أنّ انتشار الإسلام في الشرق الأقصى من العالم؛ كأندونيسيا، والفلبين، وماليزيا لم يكن بفصاحة الدعاة، ولا بسيف المجاهدين من المسلمين، بل كان بأخلاق تجار المسلمين.[٢]

والإسلام لم يتعامل مع الأخلاق على أنّها مجرّد سلوكٍ إنساني، بل جعلها عبادةً يُؤجر العبد على فعلها، والتمثّل بها، كما جعلها ميداناً للتنافس بين المسلمين؛ لتحصيل أكبر قدرٍ منها، ولذلك ربط الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بين خيرية الإنسان وفضله يوم القيامة، وبين أخلاقه، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (إنَّ أحبَّكم إليَّ، وأقربَكم مني في الآخرة، مجالس أحاسنُكم أخلاقاً، وإنّ أبغضَكم إليَّ، وأبعدَكم مني في الآخرة، أسوؤكم أخلاقاً)،[٣] كما جعلت الشريعة الإسلامية حُسن الخلق من أثقل الأعمال في ميزان الإنسان يوم القيامة، وجعل أجره كأجر العبادات الأساسية؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وجعله أيضاً سبباً في دخول الجنة، والتنعّم بنعيمها، فالأخلاق مؤشرٌ على بقاء الأمم، أو انهيارها، فإذا أوشكت أخلاق أمةٍ على الانهيار، فإنّ كيانها كذلك يصبح مهدّداً بالانهيار، ويدلّ على هذا المعنى قول الله تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا).[٤][٢]