ما هو شهر رمضان
Share your love
}
شهر رمضان
شهر رمضان هو الشهر التاسع في السنة القمرية، وسُمي بالشهر؛ لشهرته من بين الشُهور، وسمي رمضان نسبة للرمض؛ وهي شدّة العطش،[١] وقد فضلّه الله -تعالى- على باقي أشهر السنة؛ لأنّه أحد أركان الإسلام، كما أنَّ صيامه فرض على كلّ مسلم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)،[٢] وقد جُعل قيام ليله من السُنن التي حثَّ الإسلام عليها، ورتّب على ذلك مغفرة ما تقدّم من الذُنوب، ومن النعم التي يمكن أن ينعم الله -تعالى- بها على المُسلم بأن يُبلّغه شهر رمضان؛ فيستقبله بالفرح، وشكر الله -تعالى-، وعقد النية على التوبة، والاستعداد التام لصيامه وقيامه؛ لينال الأجر والثواب.[٣]
سبب تسمية رمضان بهذا الاسم
اختلف العُلماء في سبب تسمية رمضان بهذا الإسم على عدة أقوال، وهذه الأقوال فيما يأتي:[٤]
‘);
}
- رمضان من الرمض، وهو شدة الحر؛ لأنّه غالباً ما كان يأتي الصيام وقت الحر في جزيرة العرب؛ فقد كانت العرب تُسمي الشهر بالزمن الذي يقع فيه، فرمضان كان يأتي في زمن الرمضاء وهو الحر الشديد.
- رمضان بسبب رمضه للإنسان الصائم، ومن ذلك شدة الجوع.
- رمضان بسبب كثرة تفكر القلب في أُمور الآخرة، تشبيهاً للرمل والحجارة التي تأخذ الحر من شدة الشمس.
- رمضان مأخوذ من المصدر رمض؛ أي بمعنى احترق، فرمضان يحرق الذنوب؛ لما يفعله المُسلم فيه من الأعمال الصالحة.
- رمضان مأخوذ من الرميض؛ أي الغسيل، وهو المطر الذي يكون في آخر الصيف وبداية الخريف؛ لأنه يدفع حر الشمس، وكذلك رمضان فهو يدفع ويغسل الذنوب بالأعمال الصالحة.
- رمضان بسبب رمض الأسلحة؛ أي تجهيزها؛ فقد كانت العرب تتجهز للحرب بعد شهر رمضان.
صيام شهر رمضان
حكم صيام شهر رمضان
جعل الله -تعالى- صيام رمضان من فرائض الدين، وركناً من أركان الإسلام الخمس، وقد ثبتت فرضيّة الصيام بكتاب الله -تعالى-، وسُنة نبيّه -عليه السلام-، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[٥] وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ) -وذكر منها- (صَوْمِ رَمَضانَ)،[٢] وقد أجمع المُسلمون على وجوب الصيام على المُكلّف ولم يُخالف في هذا الحُكم أحد.[٦]
كيفية الصيام في بداية تشريعه
تدرّج الله سُبحانه و-تعالى- في فرض الصيام على المُسلمين، ففي بداية الأمر كان الصيام بتحريم جميع المُفطرات على المُسلم من حين نومه، أو من حين صلاته للعِشاء، فإن نام أوّلاً قبل العشاء يحرم فعل الفطرات من لحظة نومه وإن كانت صلاته للعشاء قبل نومه يحرم فعل المفطرات من لحظتها، ثُم كانت المرحلة الثانية من تشريع الصيام؛ بإباحة جميع المُفطرات في الليل إلى حين طُلوع الفجر، وقد جاء ذلك صراحة في الحديث الذي يرويه البراء بن عازب قال: (كانَ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا كانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الإفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ ولَا يَومَهُ حتَّى يُمْسِيَ، وإنَّ قَيْسَ بنَ صِرْمَةَ الأنْصَارِيَّ كانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإفْطَارُ أتَى امْرَأَتَهُ، فَقالَ لَهَا: أعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قالَتْ: لا ولَكِنْ أنْطَلِقُ فأطْلُبُ لَكَ، وكانَ يَومَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قالَتْ: خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عليه، فَذُكِرَ ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نِسَائِكُمْ} فَفَرِحُوا بهَا فَرَحًا شَدِيدًا، ونَزَلَتْ: {وَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأسْوَدِ})،[٧] وقد فرض الله الصيام في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة، ويكون بذلك قد صام النبي -صلى الله عليه وسلم- رمضان تسع مرّات.[٨]
الحكمة من مشروعية صيام رمضان
فرض الله -تعالى- الصيام لِحكمٍ كثيرة، ومن هذه الحِكم ما يأتي:[٩]
- الصوم يُطهّر نفس الصائم من الأخلاق السيئة ويزكّيها؛ فهو يضيّق على الشيطان الوصول إلى الإنسان.
- الصوم يحُثٌّ على زهد النفس في الدُنيا، ويزيد في رغبتها للآخرة.
- الصوم يعزّز شعور الإنسان بالمساكين وآلامهم؛ لأنّه يذوق ما يذوقه الصائم من شدَّة الجوع والعطش.
فضل شهر رمضان
يُعد شهر رمضان أفضل شُهور السنة، وكُل ذلك لما له من الفضائل التي تُميّزه عن باقي الشُهور، ومن هذه الفضائل ما يأتي:[١٠]
- شهر تُفتح به أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، وتُصفّد فيه الشياطين.
- شهر تُضاعف به الحسنات، لحديث النبي -عليه السلام-: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِئَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وَأَنَا أَجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ وَلَخُلُوفُ فيه أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ).[١١]
- شهر يزيد الله -تعالى- في رزق عباده المؤمنين، ومن فطَّر به صائماً، فإن الله يفغر له ذُنوبه، ويُعتق رقبته من النار.
- شهر جعل الله -تعالى- فيه الرحمة، والمغفرة، والعتق من النار، وفيه مواطن كثيرة للدعاء.
- شهر أنزل الله -تعالى- فيه القُرآن، وجعل فيه ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر.
- شهرٌ قيام ليله بطاعة الله -تعالى-، يوجب غُفران الذنوب، وصيامه يكفّر الذنوب أيضاً.
الأعمال المستحبة في شهر رمضان
الدعاء والذكر في رمضان
يُستحب للمؤمن الإكثار من الذكر والدُعاء في شهر رمضان؛ لأنَّ الصائم له دعوة مُستجابة، وفيه تُفتح أبواب السماء، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ للهِ تعالى عتقاءَ في كل يومٍ و ليلةٍ ، لكل عبدٍ منهم دعوةٌ مُستجابةٌ)،[١٢][١٣] ولِعِظَمِ الدُعاء فقد وصفه النبي -عليه السلام- بأنّه هو العِبادة، رمضان هو شهر العِبادة؛ فيستغلّ المسلم شهر رمضان ليدعو الله -تعالى- لنفسه، وخُصوصاً بأن للصائم عند الله -تعالى- دعوة لا تُرد، قال عليه السلام-: (ثلاثُ دَعَواتٍ مُستجاباتٍ:) وذكر منها (دعوةُ الصائِمِ)[١٤][١٥] ومن الأدعية الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان، ما روته عائشة -رضي الله عنها- عندما سألت النبي ماذا تقول إذا جاء رمضان، فقال لها: (قولي: اللهمَّ إنك عفوٌّ تحبُّ العفوَ، فاعْفُ عنِّي)،[١٦][١٧] وهو شهرٌ يفتح الله -تعالى- فيه للمُسلم في باب الذِكر مسالك كثيرة؛ كالتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، قال -تعالى-: (لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ).[١٨][١٩]
الصدقة في شهر رمضان
تُعد الصدقة من أفضل الأعمال التي يتقرّب بها المُسلم إلى خالقه سبحانه وتعالى، وإذا كانت الصدقة في شهر رمضان كان الأجر مُضاعفاً؛ لاجتماع شرف الزمان وهو شهر رمضان مع شرف العمل، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان أجود الناس بالخير، وكان أكثر جوده في شهر رمضان، قال عبدالله بن عبّاس عن النبي -عليه السلام-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ)،[٢٠] ومن الصدقات في رمضان؛ تفطير الصائمين، قال النبي -عليه السلام-: (من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجرِه ، غير أنه لا ينقُصُ من أجرِ الصائمِ شيءٌ).[٢١][٢٢]
فضل الصيام في شهر رمضان
جعل الله -تعالى- للصيام الكثير من الفوائد، منها ما يأتي:[٢٣]
- الصوم لا مثيل له، وقد أضاف الله -تعالى- الصوم إليه، وهذه إضافة تشريف له، وتعريفٌ الناس بِعَظيمِ قَدره، لقوله -تعالى- في الحديث القُدسي الذي رواه النبي -عليه السلام-؛ فقال: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به).[٢٤]
- الصوم فيه رفع لِدَرجات المُسلم في الجنة، وفيه تشريفٌ من الله -تعالى- والملائكة بالصلاة على الصائمين، قال النبي -عليه السلام-: (إنَّ اللَّهَ وملائِكتَه يصلُّونَ على المتسحِّرينَ).[٢٥]
- الصوم فيه وقاية وبُعد للصائم عن النار، كما أنّ الصوم في الحر يورث السُقيا يوم العطش، لحديث النبي -عليه السلام- قال: (إنَّ اللهَ تبارك وتعالَى قضَى على نفسِه أنَّه من أعطش نفسَه له في يومٍ صائفٍ سقاه اللهُ يومَ العطشِ).[٢٦]
- الصوم طريق إلى الجنة، لقول النبي -عليه السلام-: (ومَنْ صامَ يومًا ابتغاءَ وجهِ اللهِ خُتِمَ لهُ بِها دخلَ الجنةَ ).[٢٧]
- الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، قال النبي -عليه السلام-: (الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامةِ، يقولُ الصيامُ: أيْ ربِّ إنِّي منعتُه الطعامَ و الشهواتِ بالنهارِ فشفعْنِي فيهِ).[٢٨]
- الصوم سبب من أسباب استجابة الله -تعالى- للدُعاء، قال النبي -عليه السلام-: (ثلاثُ دَعَواتٍ مُستجاباتٍ : دعوةُ الصائِمِ ، ودعوةُ المظلُومِ ، ودعوةُ المسافِرِ).[٢٩]
العمرة في رمضان
تُعد العُمرة خلال شهر رمضان من الأعمال التي حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على فِعلها، وقد بيّن النبي -عليه السلام- أنّ فضلها يعدل حجة معه؛ قال: (فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أوْ حَجَّةً مَعِي).[٣٠][٣١]
رمضان شهر القرآن
أنزل الله -تعالى- القُرآن في شهررمضان؛ لهداية الناس، قال -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)؛[٣٢] فيحرص المسلم على قراءته والعمل به في كُل ليلة من ليالي رمضان، وقدوته في ذلك النبي -عليه السلام-، فقد كان يعرض القُرآن كُل ليلة على جبريل -عليه السلام-، وفي العام الذي مات فيه النبي -عليه السلام- عرض القرآن على جبريل مرتين، وكان هذا العرض يزيد من طاعته لله -تعالى-.[٣٣]
التوبة في رمضان
كتب الله -سُبحانه وتعالى- الخطأ على الإنسان، والإنسان في ذلك بين مُكثرٍ للأخطاء والسيئات وبين مُقلّ لها، وقد جعل الله -تعالى- للإنسان أوقاتاً ومواسماً يغفر الله فيها الذنوب، ومن هذه الأوقات شهر رمضان، والذي سمّي بشهر التوبة، وشهر الرُجوع إلى الله -تعالى-؛ لأنّه شهر تُغلق فيه أبواب النار، والله -تعالى يغفر للذي يتوب إليه قال -تعالى-: (وَإِنّي لَغَفّارٌ لِمَن تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا ثُمَّ اهتَدى).[٣٤][٣٥]
الصلاة في رمضان
شرع الله -تعالى- لعباده في شهر رمضان صلاة قيام الليل، والتي تُسمى بصلاة التراويح، ورتّب عليها الكثير من الأجر والثواب، فهي طهارةٌ للقلب، وشرفٌ وعزةٌ للمؤمن في الدُنيا والآخرة، كما أنّها تنهاه عن المعاصي،[٣٦] وهي من السُنن المؤكدة عن النبي -عليه السلام-، وقد ورد في فضلها الكثير من الأحاديث، ومنها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).[٣٧][٣٨]
السحور وتعجيل الفطر في رمضان
حثّ النبي -عليه السلام- على فِعل العديد من السُنن، وخاصّةً في شهر رمضان؛ كالسَّحور وهو ما يُأكل من الطعام في وقت السحر؛ وفيه الكثير من البركة، وفيه إعانة للصائم على الصيام، كما أنّه يخفف من مشقّة الصيام، قال -عليه السلام-: (تَسَحَّرُوا فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً)،[٣٩][٤٠] ومن السُنن أيضاً التعجيل في الفطر بعد التحقق من غُروب الشمس، ويُكره تأخيره عمداً إلى ما بعد الغُروب؛ ففي تعجيل الفطور رفقٌ بالصائم، وتقوية له على العبادة، وعندما يعجّل الفطر لا يكون هُناك زيادة على الصيام الذي شرعه الله -تعالى-، قال النبي -عليه السلام-: (لا يَزَالُ النَّاسُ بخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ).[٤١][٤٢]
الاعتكاف في رمضان
حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان على الاعتكاف، والتفرّغ لِذكر الله -تعالى-، وقِراءة القُرآن، وخاصّة في العشر الأواخر منه؛ لإدراك ليلة القدر فيها؛ فقد كان من هدي النبي -عليه السلام- أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، روى عبدالله بن عمر -رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في اعتكافه فقال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ).[٤٣][٤٤]
تفطير الصائمين
يُسن تفطير الصائمين؛ لما فيه من تحقيق المودّة والألفة بين المؤمنين، وتحصيل أجر إطعام الطعام، وقد أخبر النبي -عليه السلام- في الأجر والثواب الذي يناله المسلم في ذلك؛ فقال: (مَن فطَّر صائمًا كان له مِثلُ أجرِه، غيرَ أنه لا ينقصُ مِن أجرِ الصائمِ شيئًا)،[٤٥] وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُفطر عند بعض الصحابة.[٤٦]
تحرّي ليلة القدر
كان النبي -عليه السلام- يتحرى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، ويزيد في طاعته وعبادته فيها عن باقي أيام رمضان، فقد قالت عنه عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ)،[٤٧][٤٨] وذلك من أجل إدراك ليلة القدر وفضلها، ويكون إحياء الليل بأي شكل من أشكال العبادة؛ كالصلاة، والذكر، وقراءة القُرآن، والدُعاء، وقد سألت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- النبي -عليه السلام- بماذا تدعو في ليلة القدر إن أدركتها؛ فقال النبي -عليه السلام-:(قولي: اللهمَّ إنك عفوٌّ تحبُّ العفوَ، فاعْفُ عنِّي).[١٦][٤٩]
كيف نودع شهر رمضان
يُستحب للمؤمن في آخر أيام رمضان أن يقوم بتوديعه بمجموعة من الأُمور، ومنها ما يأتي:[٥٠]
- الاجتهاد في العبادة في الأيام الأخيرة منه؛ اقتداءً بالنبي -عليه السلام-؛ فقد كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها من أيام رمضان، ويَخُصها بأعمال خاصة؛ كالاعتكاف، والقيام، والغُسل، والتطيُّب، وقيام الليل كاملاً.
- الوقوف مع الله ومع النفس وقفة صادقة؛ فيتذكّر فيها المسلم ما فعل من عبادات، ومدى تغيّره للأفضل في القرب من الله -تعالى- ووصوله إلى درجة التقوى التي قصدت في الصيام، ومدى ثباته على طاعة الله -تعالى- وعدم عودته للمعاصي.
- الاهتمام بإتمام وإتقان العبادة، والابتهال إلى الله -عز وجلّ- لتقبّلها.
- الإكثار من الإستغفار بعد الانتهاء من العبادة؛ فقد أمر الله -تعالى- عباده المؤمنين بالإستغفار بعد الإنتهاء من العبادات، قال -تعالى-: (كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)،[٥١] وكان من فعل النبي -عليه السلام- أن يستغفر ثلاث مرات بعد إنتهائه من الصلاة.
- الابتعاد عن الإعجاب بالعبادة، فقد نهى النبي أن يقول الإنسان أنه صام رمضان، أو قامه، قال -عليه السلام: (لا يقولُ أحدكُم إنّي صمتُ رمضانَ كلّهُ، وقُمتهُ)،[٥٢] ويرى الإنسان نفسه أنّه مُقصر في حقّ الله -تعالى- مهما فعل من الطاعات.
علامات قبول العمل في رمضان
بيّن الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- أنّ هُناك أعمالاً يردّها الله -تعالى- ولا تُقبل من صاحبها؛ لِعدم مُراعاته لأسباب قبولها، وهُناك الكثير من العلامات التي تدلّ على قبول الله -تعالى- للعمل، ومنها ما يأتي:[٥٣]
- العزم على مُداومة الطاعة، وعدم الرجوع إلى المعصية، من علامات قبول العمل.
- الخوف من عدم قَبول العمل عند الله -تعالى-، والإكثار من دُعاء الله -تعالى- ورجاءه لقبول العمل، وكثرة استغفار المسلم دليل على قبول الطاعة.
- التوفيق من الله -تعالى- إلى الأعمال الصالحة بعد كُل عبادة يقوم بها المؤمن، وتيسير الأعمال الصالحة له، وإبعاده عن المعاصي، من علامات قبول العبادة.
- الزيادة في محبة الطاعة وأهلها، وبُغض المعصية وأهلها، من علامات قبول العمل.
المراجع
- ↑جابر بن موسى بن عبد القادر الجزائري (2003)، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير (الطبعة الخامسة)، المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم، صفحة 162، جزء 1. بتصرّف.
- ^أبرواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
- ↑الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 31-32، جزء 93. بتصرّف.
- ↑محمد رفيق مؤمن الشوبكي (28-6-2015)، “سبب تسمية شهر رمضان وحكمه”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-4-2020. بتصرّف.
- ↑سورة البقرة، آية: 183.
- ↑يوسف القرضاوي (1993)، تيسير الفقه في ضوء القُرآن والسُنة (فقه الصيام) (الطبعة الثالثة)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 19-21. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 1915، صحيح.
- ↑محمد حسن هيتو (1988)، فقه الصيام (الطبعة الأولى)، بيروت: دار البشائر الإسلامية، صفحة 12-13. بتصرّف.
- ↑مجموعة من المؤلفين ، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، : مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 151، جزء 1. بتصرّف.
- ↑وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1620-1622، جزء 3. بتصرّف.
- ↑رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1151، صحيح.
- ↑رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة أو أبو سعيد الخدري وجابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 2169، صحيح.
- ↑محمد بن حسين بن يعقوب (2005)، أسرار المحبين في رمضان (الطبعة الأولى)، : مكتبة التقوى، صفحة 318. بتصرّف.
- ↑رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3030، صحيح.
- ↑عادل حسن يوسف الحمد (2010)، برنامجك في رمضان (الطبعة الأولى)، : الكتاب إهداء من جمعية مودة، صفحة 43-44. بتصرّف.
- ^أبرواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3391، صحيح.
- ↑سليمان بن أحمد بن أيوب بن الطبراني، الدعاء للطبراني (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 285. بتصرّف.
- ↑سورة البقرة، آية: 185.
- ↑محمد بن حسين بن يعقوب (2005)، أسرار المحبين في رمضان (الطبعة الأولى)، : مكتبة التقوى، صفحة 156. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1902، صحيح.
- ↑رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن زيد بن خالد الجهني، الصفحة أو الرقم: 1078، صحيح.
- ↑“الصدقة في رمضان.. فضلها كبير وأجرها عظيم “، WWW.ar.islamway.net، 16-5-2016، اطّلع عليه بتاريخ 8-4-2020. بتصرّف.
- ↑سيد بن حسين بن عبد الله العفاني، نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان، جدة: دار ماجد عسيري، صفحة 28-49، جزء 1. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 5927، صحيح.
- ↑رواه ابن الملقن، في شرح البخاري لابن الملقن، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 13/135، صحيح.
- ↑رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2/108 ، إسناده حسن.
- ↑رواه الألباني، في أحكام الجنائز، عن حذيفة بن اليمان ، الصفحة أو الرقم: 58، إسناده صحيح.
- ↑رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم: 5185 ، صحيح.
- ↑رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3030، صحيح.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1863، صحيح.
- ↑عادل حسن يوسف الحمد (2010)، برنامجك في رمضان (الطبعة الأولى)، : الكتاب إهداء من جمعية مودة، صفحة 34. بتصرّف.
- ↑سورة البقرة، آية: 185.
- ↑عادل حسن يوسف الحمد (2010)، برنامجك في رمضان (الطبعة الأولى)، : الكتاب إهداء من جمعية مودة، صفحة 18-20. بتصرّف.
- ↑سورة طه، آية: 82.
- ↑يحيى بن موسى الزهراني، “خطبة رمضان شهر التوبة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-4-2020. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة ، شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان، صفحة 1، جزء 15. بتصرّف.
- ↑رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 759، صحيح.
- ↑مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف، الموسوعة الفقهية، : موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net، صفحة 469، جزء 1. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1923، صحيح.
- ↑سالم جمال الهنداوي (2014)، تذكير الأنام بسنن وآداب الصيام (الطبعة الأولى)، : دار الإمام الشافعي، صفحة 10، جزء 1. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 1957، صحيح.
- ↑سالم جمال الهنداوي (2014)، كتاب تذكير الأنام بسنن وآداب الصيام (الطبعة الأولى)، الكويت: دار الإمام الشافعي للطباعة والنشر، صفحة 20، جزء 1. بتصرّف.
- ↑رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1171، صحيح.
- ↑عادل حسن يوسف الحمد (2010)، برنامجك في رمضان (الطبعة الأولى)، : الكتاب إهداء من جمعية مودة، صفحة 37-38. بتصرّف.
- ↑رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن زيد بن خالد الجهني، الصفحة أو الرقم: 8870، صحيح.
- ↑سالم جمال الهنداوي (2014)، تذكير الأنام بسنن وآداب الصيام (الطبعة الأولى)، : دار الإمام الشافعي للطباعة والنشر، صفحة 86، جزء 1. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2024، صحيح.
- ↑سالم جمال الهنداوي (2014)، تذكير الأنام بسنن وآداب الصيام (الطبعة الأولى)، : دار الإمام الشافعي للطباعة والنشر، صفحة 67، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سالم جمال الهنداوي (2014)، تذكير الأنام بسنن وآداب الصيام (الطبعة الأولى)، : دار الإمام الشافعي للطباعة والنشر، صفحة 76، جزء 1. بتصرّف.
- ↑محمد بن حسين بن يعقوب (2005)، أسرار المحبين في رمضان (الطبعة الأولى)، : مكتبة التقوى، صفحة 335-346. بتصرّف.
- ↑سورة الذاريات، آية: 17-18.
- ↑رواه النووي، في المجموع، عن أبو بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم: 6/375، إسناده حسن أو صحيح.
- ↑أمير بن محمد المدري، “علامات قبول الطاعة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2020. بتصرّف.