‘);
}

قصة أصحاب الفيل

تناول القرآن الكريم في جنبات سوره وضمن آياته الكريمة قصص أممٍ وأقوامٍ سابقين، وذكر مواقف وأحداثاً مرّت لقرونٍ خلت، وما دار مع هذه الأمم في تلك القرون؛ بغية أخذ العبرة والعِظَة منها، ومن بين هذه القصص: قصة أصحاب الفيل، التي تتحدّث عن شخصٍ اسمه أبرهة الأشرم، وهو الذي بنى كنيسةً اسمها: القُليس في صنعاء اليمن، من أعجب ما في الأرض في زمانه، وكان الهدف من بنائها؛ أن يصرف العرب الحجّ إليها، فلما بلغ الخبر للعرب، غضب أحد النسأة -وهم الذين كانوا يحلّون الأشهر الحرم ويحرمون غيرها من الأشهر- فلمّا غضب هذا الرجل، ذهب إلى القُليس وأحدث فيها، ثمّ رجع إلى أرضه، فلمّا وصل الخبر إلى أبرهة الأشرم استشاط غضباً، وقال: من صنع هذا؟ فقالوا له: رجلٌ من العرب من أهل البيت الذي تحُجُ العرب إليه بمكّة؛ لمّا علم أنّك تريد صرف النّاس للحجّ إلى القليس، جاء فأحدث فيها، يقصد أنّها ليست لذلك بأهلٍ، فأقسم أبراهة الأشرم على أن يسير إلى الكعبة ويهدمها، وأمر الحبشة فتجهزت للحرب، وأعدوا الفيلة لذلك، ولمّا سمعت العرب بأنّه يريد هدم بيت الله الحرام، كَبُر عليهم الأمر وأرادوا قتاله وصدّه عن ذلك، ولكنّهم لم يستطيعوا وهُزموا، وأول من هزم؛ الجيش الذي كان بقيادة رجلٍ من اليمن، اسمه: ذو نفر، ووقع ذو نفر في الأسر، واستمر جيش أبرهة في التقدم إلى أن وصل إلى الطائف، فاستسلم أهلها من دون قتالٍ وقالوا لأبرهة: أيها الملك نحن عبيدك وسنبعث معك من يدلك على البيت الذي بمكة، فتجاوز عنهم، وأرسلوا معه أبا رغال؛ ليدله على الطريق، فلمّا وصلوا المغمس مات أبو رغال هناك، وكانت العرب ترجم قبره كلّما مروا عليه، ونزل أبرهة في المغمس وأرسل رجلاً من الحبشة اسمه الأسود بن مقصود إلى مكّة، فسلب بعض الأموال منها، وكان ممّا سلبه مئتي بعيرٍ لعبد المطلب، ثمّ أرسل رجلاً آخر اسمه حناطة؛ ليُبلّغ سيد مكّة وشريفها، بأنّ أبرهة لم يأتي لقتالهم، ولكن جاء ليهدم الكعبة، فإن خلوا بينه وبين ذلك، فلن يقتل أحداً منهم؛ فأجابه عبد المطلب قائلاً: (وَاَللَّهِ مَا نُرِيدُ حَرْبَهُ، وَمَا لَنَا بِذَلِكَ مِنْ طَاقَةٍ، هَذَا بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ، وَبَيْتُ خَلِيلِهِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ -أَوْ كَمَا قَالَ- فَإِنْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ فَهُوَ بَيْتُهُ وَحَرَمُهُ، وَإِنْ يُخَلِّ بَينه وَبَينه، فو الله مَا عِنْدَنَا دَفْعٌ عنه).[١]

عام الفيل

عام الفيل هو العام الذي جاء فيه أبرهة الأشرم بالفيلة؛ ليهدم الكعبة المشرفة، حيث عبّأ جيشه في منطقةٍ اسمها المغمس وتهيأ للدخول، ولمّا أصبحوا جاهزين للدخول، جاء رجل اسمه: نفيل، وهمس في أذن الفيل قائلاً: (ابرُك محمود، فأنك في بلد الله الحرام)، فبرك الفيل ولم يتحرك، فوجّهوه إلى اليمن فقام الفيل يهرول، ثمّ وجهوه إلى البيت الحرام فبرك، ثمّ وجهوه إلى الشام فقام يهرول، ووجّهوه إلى المشرق ففعل نفس الشيء، وبينما هم يوجهونه إلى الحرم، وإذا بطيرٍ قد أرسلها الله تعالى من جهة البحر، يحمل كلّ واحدٍ منها ثلاثة أحجارٍ؛ اثنان برجليه وواحدٌ بمنقاره، حتى إذا غشيت أبرهة وجنوده، ألقت عليهم الحجارة، فما أصابت منهم أحداً إلا أهلكته، وأخذ القوم يموج بعضهم في بعض، ويتساقطون في كلّ طريقٍ ويهلكون في كلّ مهلك، وأمّا أبرهة فسلّط الله تعالى عليه داءً في جسده؛ فتساقطت أنامله وانصدع صدره عن قلبه وهلك، ومن الجدير بالذكر أنّ الله تعالى قد أخبرنا عن هذه القصة في سور الفيل.[٢]