‘);
}

حجّة الوداع آخر حجة حجّها الرسول

تُعرَّف حجّة الوداع بأنّها: الحجّة التي ودّع فيها النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- الصحابةَ -رضي الله عنهم-؛ إذ كان يقول لهم أثناء أدائه مناسك الحجّ: (يا أَيُّها الناسُ خُذُوا عَنِّي مناسكَكم، فإني لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بعد عامي هذا)،[١] وكانت حجّة الوداع في العام العاشر للهجرة، وتُوفّي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في شهر ربيع الأوّل من العام الحادي عشر للهجرة،[٢] وقد اختُلِف في عدد المرّات التي حجّ فيها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-؛ فقِيل إنّه -عليه الصلاة والسلام- حجّ مرّةً واحدةً في الإسلام؛ وهي حجّة الوداع، ولم يرد ما يُثبت أنّه حجّ قبل الهجرة، أو لم يحجّ، بل ورد ما يدلّ على أنّه حجّ مرّةً واحدةً بعد الهجرة؛ لِما ثبت في الصحيح عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: (إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ في النَّاسِ في العَاشِرَةِ، أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حَاجٌّ، فَقَدِمَ المَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ)،[٣] وقِيل إنّه -عليه الصلاة والسلام- حجّ قبل البعثة، وبعدها، إلّا أنّه لم يرد ما يُؤكّد عدد مرّات حجّه، ويمكن القول إنّ الثابت والصحيح أنّه -عليه الصلاة والسلام- حجّ مرّةً واحدةً بعد الهجرة؛ وهي حجّة الوداع.[٤][٥]

صفة حجّة الوداع

فرض الله -سبحانه وتعالى- الحجّ في أواخر العام التاسع للهجرة، وأَذِن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالخروج إلى الحجّ في العام العاشر للهجرة، ثمّ خرج -عليه الصلاة والسلام- في الخامس والعشرين من ذي القعدة من المدينة المُنوَّرة باتّجاه مكّة، ولمّا وصل ميقات ذي الحُليفة، اغتسلَ للإحرام، وتطيَّب، ولَبِس الرداء والإزار، ثمّ صلّى في المسجد، وأهلَّ بالحجّ والعُمرة، وأخذ يُلبّي قائلاً: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ، لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ، وَالْمُلْكَ لا شَرِيكَ لكَ)[٣] إلى أن وصل إلى ذي طوى؛ بالقُرب من مكّة المُكرَّمة، فنزل وبات فيه ليلة الرابع من ذي الحِجّة، ثمّ صلّى بالمسلمين صلاة الفجر، واغتسل، ودخل مكّة نهاراً، وتوجّه إلى الكعبة المُشرَّفة؛ فمَسح الحجر الأسود، وقبّله، ثمّ شرع بالطواف، وكان قد أسرع بالمَشي مع تقارُب خُطاه في الأشواط الثلاثة الأولى، وأتمّ سبعةً بالمَشي دون إسراعٍ، ثمّ توجّه إلى مقام إبراهيم -عليه السلام-، وقرأ قَوْل الله -تعالى-: (وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)،[٦] وصلّى ركعتَين مُستقبِلاً المَقام، فقرأ في الركعة الأولى سورة الكافرون، وفي الركعة الثانية سورة الإخلاص، ثمّ رجع إلى الحجر الأسود، ومسح عليه، وقبّله، ثمّ خرج من باب الصفا.[٧][٨]