‘);
}

الحروب الصليبية

اندلعت شرارة الحروب الصليبية في السابع والعشرين من شهر نوفمبر من عام 1095 ميلادية، على إثر خطبةٍ ألقاها البابا أوربان الثاني في مدينة مونت الفرنسية، حيث حرض الأوروبيين وأثار الطمع والحقد في نفوسهم، وشجعهم على النهب والسلب والسيطرة على أراضي الآخرين، ودعى إلى احتلال بيت المقدس وانتزاعه من أيدي المسلمين، ووعد كلّ من يشارك في الحملات الصليبية بالحياة السعيدة في الدنيا، والمغفرة في حال قتلوا خلال تلك المعارك، ولاقت تلك الخطبة الكثير من الأذان الصاغية من عامة الشعب في أوروبا، وبدأ الدعاة إلى تلك الحروب يُشعلون حماس الجماهير، وحميّتهم الدينية، وكان من ضمن الدعاة بطرس الناسك، ووالتر المفلس، الذَين أثارا حماس الفلاحين والرعاع، وقطّاع الطرق، واللصوص بقوّة الخطاب، والبلاغة، وفصاحة اللسان، واستطاع الدعاة أن يجمعوا الناس وينطلقوا بهم، وعرفت تلك الحملة الصليبية تاريخياً بحملة الرعاع، ولمّا وصلوا إلى القسطنطينية أسرع الإمبراطور البيزنطي وتخلّص منهم، من خلال نقلهم عبر مضيق البسفور إلى آسيا الوسطى، ولكنّ السلاجقة استطاعوا أن يتصدّوا لهم، وإلحقاق الهزيمة القاسية بهم.[١]

ثمّ انتقلت الحروب الصليبية من المرحلة الشعبية إلى مرحلةٍ جديدةٍ حيث أصبحت تلك الحملات منظمةً تحت قيادة الأمراء والفرسان، واستطاع البابا أوربان حشد مليون صليبي في القسطنطينية استعداداً لغزو آسيا الوسطى، فتقدّمت تلك الجيوش، وحاصرت نيقية التي كانت حاضرة الأمير السلجوقي ألب أرسلان، واستمرّ الحصار لأكثر من عشرين يوماً، وسقطت نيقية بعدها في أيدي الصليبين، ثمّ استمر الزحف على مدن آسيا الصغرى حتى أصبحت كلّها تحت سيطرتهم، ولم يكتفِ الصليبيون بذلك بل استمر زحفهم إلى الشام، واستطاعوا السيطرة على أنطاكيا بعد حصارٍ طويلٍ، وسيطروا على إمارة الرها وأقاموا فيها أولّ إمارةٍ صليبيةٍ في المشرق العربي، ثمّ توجّهوا نحو بيت المقدس، وتمكّنوا من احتلال الكثير من القرى والمدن في طريقهم إليه، و في عام 1099 للميلاد حاصر الصليبيون أسوار بيت المقدس، واستمر الحصار والقتال الشديد إلى أن استطاعوا دخول المدينة في 15 يوليو 1099 للميلاد، وارتكبوا مختلف الجرائم.[١]