‘);
}

بيعة العقبة الأولى

رأى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في المجموعة القليلة التي جاءت من المدينة المنوّرة لمبايعته نواةً للدولة الإسلاميّة، فكان واضحاً من خلال بنود البيعة أنّه يريد الرقيّ بأخلاقهم إلى أعلى المستويات؛ لأنّه يعلم أنّ الأمم لا تقوم على أكتاف المتهاونين بالأخلاق؛ وأنّ مكارم الأخلاق أساس وجودها؛ ولذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّما بُعِثْتُ لأُتممَ صالحَ الأخلاقِ)،[١] وكان الوفد القادم من المدينة المنوّرة مكوّناً من اثنا عشر رجلاً ، وهم: أسعد بن زرارة الخزرجي، ورافع بن مالك الخزرجي، وقطبة بن عامر الخزرجي، وعقبة بن عامر الخزرجي، وعوف بن الحارث الخزرجي، ومعاذ بن الحارث الخزرجي، وذكوان بن عبد القيس الخزرجي، وعبادة بن الصامت الخزرجي، ويزيد بن ثعلبة الخزرجي، والعباس بن عبادة الخزرجي، وأبو الهيثم بن التيهان الأوسي، وعويم بن ساعدة الأوسي، ومن الواضح أنّ الإسلام قد أنهى العداء المتأصل بين الأوس والخزرج؛ فقد كان في الوفد رجالٌ من القبيلتين، فعاهدوا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على مجموعةٍ من البنود، وسمّي هذا العهد ببيعة العقبة الأولى، وسمّي بالعقبة نسبة للمكان الذي تمّت فيه البيعة، وسمّيت بالأولى؛ لتتميز عن الثانية التي تمّت بعدها بعامٍ واحدٍ، وقد سُمّيت هذه البيعة ببيعة النساء؛ لأنّ بنودها لم تتضمّن الجهاد في سبيل الله، والمعلوم أنّ الجهاد ليس مطلوباً من النساء، وأمّا بنود البيعة فهي كما روى عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وحوله مجموعةٌ من أصحابه، قال: (تَعالَوا بايعوني علَى أنْ لا تُشرِكوا باللَّهِ شيئًا، ولا تَسرِقوا، ولا تَزْنوا، ولا تَقتُلوا أولادَكُم، ولا تأتُوا بِبُهتانٍ، تَفتَرونَهُ بين أيديكُم وأرْجُلِكُم، ولا تَعصوني في مَعروفٍ)،[٢] فبايع الأنصار على ذلك وعادوا إلى المدينة المنوّرة؛ ليستكملوا دعوتهم إلى الله تعالى.[٣]

تاريخ بيعة العقبة الثانية

بعد لقاء الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بوفد الأوس والخزرج في منطقة العقبة بالقرب من مكّة المكرّمة واتفاقهم معه على مجموعةٍ من البنود، بما سمّي في التاريخ ببيعة العقبة الأولى، وبعد أن أرسل معهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مصعب بن عمير رضي الله عنه؛ ليُعلّمهم الإسلام، انتشر الإسلام في المدينة المنوّرة، فعاد المسلمون في العام التالي، وهو ما يوافق العام الثالث عشر للبعثة، وبايعوا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بيعة العقبة الثانية، وهي ما سُمّيت في التاريخ ببيعة العقبة الكبرى، ومن الجدير بالذكر أنّ عدد الأنصار من الأوس والخزرج الذين شهدوا تلك البيعة كان ثلاثةً وسبعين رجلاً وامرأتان، وهما أمّ عمارة؛ نسيبة بنت كعب المازنيّة وأمّ منيع أسماء بنت عمرو بن عدي رضي الله عنهم جميعاً.[٤]