‘);
}

مظاهر رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم

رحمة النبي بالمسلمين

تتجلّى مظاهر رحمة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالمسلمين من أمّته من الضعفاء، والأطفال، والنساء، والمرضى، والأصحاب، وحتّى الشهداء، في العديد من المواقف؛ ومن ذلك ما يأتي:

  • رحمته بالأطفال: فمن رحمة النبيّ بالأطفال أنّه كان كالأب الحاني عليهم؛ فيُقبّلهم، ويُلاعبهم، ويضمّهم، وقد ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنّ رجالاً جاءوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقبّل حفيده الحسن -رضي الله عنه-، فقالوا: (أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقالوا: نَعَمْ، فَقالوا: لَكِنَّا وَاللَّهِ ما نُقَبِّلُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وَأَمْلِكُ إنْ كانَ اللَّهُ نَزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ)،[١] ومن شدّة رحمته بالأطفال أنه إذا كان يُصلّي بالناس جماعةً وسمع بكاءَ طفلٍ؛ أسرع في الصلاة وخفّف منها، وكان -عليه الصلاة والسلام- يحمل الصّغار وهو يُصلّي، فإذا سجد يضعهم على الأرض، وإذا قام حمَلهم، كما فعل مع حفيدته أُمامة بنت زينب -رضي الله عنها-، وكان يصبر على أذاهم، ويبكي ويحزن لموتهم.[٢]
  • رحمته بالضعفاء: كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يهتمّ بشأنهم، ويأمُر بحُسن مُعاملتهم؛ لأنّهم مظنّة وقوع الظُلم عليهم، وأوصى بهم وبأداء حُقوقهم، فقال -عليه الصلاة والسلام- وهو يوصي الناس بالخدَم الذين يعملون عندهم: (إنَّ إخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ فأعِينُوهُمْ)،[٣] ومن ذلك أيضاً رحمته باليتامى والأرامل، فقد حثّ على كفالتهم، وعدّ ذلك كأجر الجهاد في سبيل الله -تعالى-.[٢]
  • رحمته بالنساء: فقد كان -عليه الصلاة والسلام- أرأف الناس بأهله وأزواجه وبناته، فكان عندما تأتي فاطمة -رضي الله عنها- إليه يقبّلها ويُجلسها في مكانه، وكان إذا أرادت أمّ المؤمنين صفية -رضي الله عنها- أن تركب على البعير؛ يجلس فيرفع لها ركبته لتصعد عليها وتركب البعير، وقد أكثر من الوصيّة بالنساء والبنات، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (أَلَا واسْتَوْصُوا بالنساءِ خيرًا، فإنما هُنَّ عَوَانٌ عندَكم، ليس تَمْلِكُونَ منهن شيئًا غيرَ ذلك إِلَّا أن يَأْتِينَ بفاحشةٍ مُبَيِّنَةٍ)،[٤] وقال: (مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ البَنَاتِ بشيءٍ، فأحْسَنَ إلَيْهِنَّ كُنَّ له سِتْرًا مِنَ النَّارِ).[٥][٢]
  • رحمته بخدمه: فكان يُعاملهم بالكرم والأخلاق، ويُعلّمهم ويُرشدهم، ويبتعد عن توبيخهم فيما يقع منهم من الأخطاء، فقد جاء عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أحد خدمه قال: (خَدَمْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، فَما قالَ لِي: أُفٍّ، ولَا: لِمَ صَنَعْتَ؟ ولَا: ألَّا صَنَعْتَ)،[٦] كما كان يُعامل خدمه الصغار بالحلم والرحمة، وكان يمازحهم ويعطف عليهم، والأحاديث الشاهدة على ذلك كثيرة، خاصة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، إذ كان يخدم النبيّ منذ صغره.[٧]
  • رحمته بالمرضى: فكان يأمر بزيارتهم، والشفقة عليهم، والعناية بهم، وإدخال الفرح على قُلوبهم، وجاءت الكثير من الأحاديث النبويّة التي تحثّ على ذلك، كقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (مَن عادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ في خُرْفَةِ الجَنَّةِ، قيلَ يا رَسولَ اللهِ، وما خُرْفَةُ الجَنَّةِ؟ قالَ: جَناها).[٨][٩]
  • رحمته بالمؤمنين وأُمّته ورعيّته: بلغ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قمّة الرحمة في أُمّته؛ حيث دعا دعوةً وطلب تأخير إجابتها إلى يوم القيامة، وهي شفاعته لأمّته، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنه لم يكنْ نبيٌّ إلا له دعوةٌ قد تَنَجَّزها في الدنيا، وإني قد اختبأتُ دعوتي شفاعةً لأمتي)،[١٠] وبشّر أمّته بأنهم أكثر أهل الجنة، ومن عظيم رحمته وأخلاقه في التعامل مع من أخطأ من أمّته؛ قصّة الرجل الذي قام بالتبوّل في المسجد أمام الناس، فقد نهى الصحابة -رضي الله عنهم- عن تغليظه ونهره، ونصحه وعلّمه وأرشده بلطفٍ،[١١] بالإضافة إلى الاهتمام بالأمّة في جانب العبادات، والتيسير عليهم؛ كمُراجعته لربّه في تخفيف الصلاة عن أُمّته وجعلها خمس صلوات بدلاً من خمسين، وكان يُعرض عن القيام ببعض العبادات أحياناً؛ مخافة أن تُفرض عليهم، كما كان يُكثر من الدعاء لأمّته بالخير والرّفق، والبُعد عن العذاب والهلاك، وقد ضحّى -عليه الصلاة والسّلام- في عيد الأضحى عن نفسه وعن من لم يُضحّي من أمّته؛ رحمةً بالفقراء منهم.[١٢]
  • رحمته بجنوده وبالشُهداء: فيُعامل جُنوده كنفسه، ولا يُعاتبهم أو يُعاقبهم على أخطائهم في الحرب؛ ومن ذلك رحمته بالصحابة -رضي الله عنهم- في غزوة أُحد، وعدم مُحاكمتهم لأخطائهم في مُخالفتهم لأوامره، أمّا رحمته بالشُّهداء فقد تمثّلت في دفنهم دون إرسالهم إلى أهلهم؛ حتى لا يتألّموا على رؤيتهم، وكان يأمر الأهل الذين يأخذون شهداءهم أن يردّوهم إلى أماكنهم؛ حتّى يُدرك الناس فضلهم، ولتخفيف المُصاب والحزن على أهاليهم.[١٣]