معرض «إسكندرية وعيد الحب» للمصري عادل مصطفى البهجة مدينة خيالية

القاهرة ـ «القدس العربي»: تستمد مدينة الإسكندرية من تاريخها، ومن ثمّ وجودها في مخيلة عشاقها أكثر منها مكاناً حقيقياً ضربته التشوهات، ككل المدن المصرية الآن. هناك إحساس أسطوري بجمال يستعيد دوماً صورة المدينة الكبيرة، أو يصوغها وفق خيال يجد إرثه في العديد من القصص والحكايات والأعمال الأدبية. المدينة الساحلية الكبيرة التي تضم العديد من الأجناس […]

معرض «إسكندرية وعيد الحب» للمصري عادل مصطفى البهجة مدينة خيالية

[wpcc-script type=”1559fe1e383a00a633b63280-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: تستمد مدينة الإسكندرية من تاريخها، ومن ثمّ وجودها في مخيلة عشاقها أكثر منها مكاناً حقيقياً ضربته التشوهات، ككل المدن المصرية الآن. هناك إحساس أسطوري بجمال يستعيد دوماً صورة المدينة الكبيرة، أو يصوغها وفق خيال يجد إرثه في العديد من القصص والحكايات والأعمال الأدبية. المدينة الساحلية الكبيرة التي تضم العديد من الأجناس والثقافات، والتي تسع الجميع بدون استثناء. مدينة يسودها التسامح.. يسودها الحب. من هذه الرؤية الرومانتيكية تأتي لوحات الفنان المصري عادل مصطفى، من خلال معرضه المقام حالياً في غاليري الزمالك للفن في القاهرة، والمعنون بـ«إسكندرية وعيد الحب». لتبدو المدينة وكأنها تعيش حالة دائمة من البهجة، وتتنفس شخصياتها السعادة وراحة البال. حالة تخلقها مخيلة الفنان وتصر على وجودها، من خلال ألوان مبهجة وتكوينات تمحو الواقع تماماً، في سبيل تحقيق حالة جمالية تبتعد بالمتلقي عما يحياه ويعيشه بالفعل، وكأنها نغمة مستمرة تؤكد أن هناك ثمّة أملا.

المكان أساس اللوحات

بما أن المعرض يدور عن مدينة، فالمكان هنا هو أساس اللوحات، فنجد الكثير من معالم المدينة الشهيرة.. الكورنيش، الشاطئ، فندق فلسطين في المنتزه، الميناء الشرقي، بنايات حي الرمل، تمثال سعد زغلول لمحمود مختار، وغيرها من الأماكن التي تدل بذاتها على عاصمة مصر الثانية. إلا أن الفنان وعن طريق أحجام اللوحات، أو اللقطات الحيّة يستعرض في شكل توثيقي أقرب إلى الفوتوغرافيا هذه الأماكن، ومن خلال الألوان تبتعد آلية الفوتوغرافيا أو المباشرة لصالح التشكيل، لتأتي ألوان احتفالية، في درجة عالية من النقاء اللوني، مثل الأزرق، البرتقالي، البنفسجي، الأحمر، الأصفر، والفضي، وكأن المدينة في عيد دائم، في تناغم ما بين البحر والبناية، وصولاً إلى الشخوص. هنا يبدو الحِس الاحتفائي والعجائبي، فرغم الحفاظ على المكان وتفاصيله، إلا أن اللون ينفي واقعيته، فيحيله إلى مكان آخر لا يتواجد إلا في مخيلة صاحبة. وتأتي لوحة (الميناء الشرقي) لتجتمع بها كل هذه التفاصيل، التي جاءت متفرقة بعض الشيء في العديد من اللوحات. فهنا نرى بنايات المدينة في عمق اللوحة من خلال تفاصيلها الفوتوغرافية، المستوى الثاني من اللوحة يأتي البحر وألوانه غير المعهودة، الأبيض والفضي والأصفر، وفيه الكثير من المراكب الطافية، حتى نلمح شخصية تجلس في أحد المراكب، وصولاً إلى مقدمة اللوحة وهي عدة مراكب راسية على الشاطئ تمتليء بالورود. هذه اللوحة هي أكبر اللوحات حجماً (170 x 250) وكأنها الأكثر تجسيداً لفكرة المعرض ورؤية الفنان.

الدمى السعيدة

الدُمى السعيدة. ولكن.. وفي ظل كل هذه الحالة من البهجة، كيف سيكون حال الشخوص؟ يأتي الفنان هنا بمجموعة من الدُمى الشهيرة، التي تبعث بدورها على الفرح ـ دُمى لرجال ونساء تباع كتذكارات في الأسواق المصرية ـ هؤلاء هم أصحاب الأماكن وساكنو الأحياء ورواد الشواطئ ومراكب التنزه. ربما ينجح الإنسان يوماً ما في التمثل بها ومجاراتها على محاولتها العيش الدائم في هذه الحالة. وهو ما يؤكد بدوره حالة التباين ما بين الفوتوغرافي والخيال التشكيلي، مُقترباً أكثر من أسلوب (الكولاج) ولكن في صيغة أكثر حِرفية وجمالية من المباشرة المُستَهلَكة.
من ناحية أخرى نجد أن هذه الشخوص تتماهى والحالة التي تعيشها، كما في عدة لوحات جاءت بعنوان (دقوا الشماسي) ـ المُستمدة من أغنية عبد الحليم الشهيرة ـ تعبيراً عن حالات السعادة والاسترخاء على الشاطئ.
وصولاً إلى مهنة الشخصية التي تتوحد معها، وكأنها في حالة من التماهي لا تنفصم، كما في لوحات.. (غزل البنات وآيس كريم) وهي من الأطعمة الشهيرة على الكورنيش، إضافة إلى الألعاب المُبهجة، كما في لوحتي.. (بالونات منوّرة، وبالونات صفراء). بخلاف حالات العشاق المختلفة، من همسات وقبلات وضحك.
ومن الإيحاء بالتشيؤ ـ الدُمى ـ إلى التشيؤ الكامل، للحكي عن حيوات المراكب، التي وإن بدت في أغلب اللوحات مكاناً بدورها للعشاق ومناجاتهم، إلا أنها في إحدى اللوحات تتراص على الشاطئ في حالة من الهدوء، وهي لوحة (مراكب مُنتَظِرة) هنا لا تبدو معالم المدينة، وكأن للمراكب الحق في الحديث بمفردها، بدون أي شكل من أشكال التشوّش.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!