معرض «ولكن» للمصري أحمد عبد التواب: لعبة الحياة وأوهام الانتصارات الزائفة

القاهرة ـ «القدس العربي»: في معرضه الجديد «ولكن»..، المقام حالياً في غاليري الزمالك للفن في القاهرة، يقدم الفنان أحمد عبد التواب من خلال ما يُقارب 30 عملاً نحتياً، فكرة جدوى الصراعات الإنسانية مهما كانت تفاصيلها، وأوهام القوة التي قد يظن الإنسان أنه يمتلكها أحياناً، وكأنها أبد، وهل هذه الانتصارات التي يتوهم تحقيقها هي بالفعل انتصار، […]

Share your love

معرض «ولكن» للمصري أحمد عبد التواب: لعبة الحياة وأوهام الانتصارات الزائفة

[wpcc-script type=”8a1aef447cfe816e915eb976-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: في معرضه الجديد «ولكن»..، المقام حالياً في غاليري الزمالك للفن في القاهرة، يقدم الفنان أحمد عبد التواب من خلال ما يُقارب 30 عملاً نحتياً، فكرة جدوى الصراعات الإنسانية مهما كانت تفاصيلها، وأوهام القوة التي قد يظن الإنسان أنه يمتلكها أحياناً، وكأنها أبد، وهل هذه الانتصارات التي يتوهم تحقيقها هي بالفعل انتصار، أم أنها لعبة تبادل أدوار ليس إلا، وبالتالي لا يوجد لا مُنتصر ولا مهزوم، هي فقط لعبة!

ولكن..
بداية من عنوان المعرض «ولكن».. فالأمر لابد من استدراكه، هناك العديد من مشاهد الحياة، التي جسدها عبد التواب، سواء في صراعات مباشرة والمتمثلة في حلبة الثيران، حيث يقف المصارع متباهياً بانتصاره على الثور القوي، الذي يتزامن دمه النازف وصيحات الجماهير التي تشجع المصارع. كذلك هناك منحوتات لتمثل قطعاناً من العساكر، حيث السيوف والرماح والدروع، الجميع متشابه ككل الجنود في الحقيقة، يتغذون بأوهام الانتصار والمعارك الخيالية، التي لا تدور إلا في مخيلة قادتهم، لكنهم (هم) الذين يخوضون المعارك، وينتظرون مصيرهم.. إما موتا يقينيا أو انتصارا وقتيا سينساهم إلى الأبد، ويُنسب في النهاية لـ(آخر) يعيش دوماً في الظل بعيداً عن المعارك.
السؤال الذي تطرحه الأعمال هنا يدور حول مصادفات هذه الصراعات، وهل بالفعل ندخلها طواعية أم إجباراً، وهي التي بالضرورة تصبح جزءاً من شخصية الإنسان، تحتل ذاكرته وتخلق مصيره بعد ذلك، بحيث يعيش ويموت وتتوارث سيرته من خلال دوره في هذه المعركة أو تلك، فبأي شيء تتفاخر وتزهو أيها المسكين؟

تجاوز الشكل التقليدي

رغم الأشكال المتماثلة التي ينتهجها الفنان، سواء في الشخوص أو الحيوانات، أو التقارب بين الاثنين، تكوين رأس الجنود ورأس الثيران، وهو الإيحاء بإمكانية تبادل الأدوار في لحظة، فمنتصر الأمس هو نفسه مهزوم اليوم، وهو ما يؤكد فكرة المعرض، إلا أن الشكل التقليدي لهذه الصراعات يتم تجاوزه، فلا الشخوص كما نعرفها، وما الحيوانات أيضاً كما نراها حقيقة، فالمنحوتات توحي برسومات الكهوف قبل عصر الكتابة ـ الخطوط الحادة ـ وكأن الأمر يمتد إلى تاريخ طويل، هو تاريخ الإنسان نفسه، حيث الروح البدائية، التاريخ الذي لم يستطع الإنسان حتى الآن تجاوزه، وكأن قرونا من الحضارة لم تستطع أن تمحو أوهام هذا الكائن، الذي يظن دوماً أنه امتلك اليقين والسيطرة على العالم.

التكوينات والخطوط

جاءت المنحوتات من خلال مادة البرونز، وهي بدورها ذات ثقل بصري وصعوبة في التشكيل. كذلك سيطرت الخطوط الحادة على المنحوتات، أقرب إلى التصميم الهندسي للشكل، سواء أجساد الجنود ومصارع الثيران، وصولاً إلى الثيران والخيول، إلا أن هناك منحوتة وحيدة يسيطر عليها الخط المنحني ـ الإنساني أكثر ـ وهو يمثل محاربا يستريح، ارتكن سيفه ودرعه أخيراً، فحط عصفور على يده فجأة، فاكتشف عبث ما كان يقوم به، وكأنه ابتعد عن هذا الصخب المزعوم، زاهداً في مجد زائف، وكأنه وجد الحقيقة في النهاية، من خلال لحظة وعي أوحى له بها هذا المخلوق البسيط، والمغاير لهذا العالم.

الحركة

كما تأتي الحركة أو الإيحاء بها من خلال التكرار، كتكرار اصطفاف الجنود، وكأنهم صورة مستنسخة من جندي واحد، كذلك تكوين الحيوان ثوراً أو حصاناً، من حيث زاوية التجسيد، فهو دائماً في حالة حركة، ولا يستكين لحظة،

وكأنه في صراع مستمر لا يهدأ. وفي منحوتة لافتة أشبه بالأرجوحة، يقف قائد للجنود أثقل من جنديين، ترجح كِفته عنهما، الجنود.. عديمي الوزن والقيمة في نظر قادتهم الأجلاء. فاللعبة في ذاتها تختلق الحركة في وعي المتلقي، إضافة إلى دلالتها الفنية.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!