‘);
}

نشأة الرومنطيقيّة العربيّة

لا بدّ في حديثنا عن الرومنطيقيّة العربيّة من الإشارة إلى أنّها تسمى الرومانسية أو الرومانتيكية، وهي مذهبٌ فكريّ ظهر إبان الثورة الفرنسية في أوروبا قام على ركيزتين أساسيتين؛ الأولى أن يكون الشعر تعبيراً عن دواخل النفس، والثانية أنّ هذا المذهب قام ليقول إنّ المدرسة الكلاسيكية الحديثة لم تعد تلبي احتياجات العصر، فقد جاءت الرومنطيقيّة لتلبي دوافع برزت داخل الشعر تطمح إلى تغييرٍ في الشكل واللغة، والصورة، والموقف، والمحتوى، وقد كان سبب انتقال الرومنطيقيّة إلى العرب دون ثورة يكمن في أنّ هنالك عدداً من الأسباب النفسية، والاجتماعية، والسياسيّة دفعت لتثبيت الرومانسية في المحتوى العربي، وعلى الرغم من نضوج الوعي السياسي لدى العرب إبّان ما مني به العرب من خيبات إلا أنّ الشعر الرومنطيقي لم يكن انعكاساً للسياسة وحدها بل كان مرتبطاً بالوعي المتنامي بالأوضاع الثقاقية والاجتماعية التي تدور حول حياة الفرد الشخصية وشوقه إلى الحريّة، وكان ما عرفه العرب ولمسوه من حرية في البلاد الأوروبيّة أدى إلى اعتناقهم لفكرة الحريّة وكلّ ما تحمله من أبعاد ونادوا بها في أوطانهم العربيّة.[١]

مفهوم الشعر عند الرومنطيقيين

إنّ فكرة ربط الأدب بالواقع الاجتماعي والثقافي بأبعاده المتعددة، وتحميله وظيفة تغيير هذا الواقع هي جوهر النظرية الرومانسية، فمن هذه الفكرة انطلقت الرومانسية لمعارضة أشكال الأدب السابقة عليها خاصةً الكلاسيكية، فكان الإنتاج الأدبي عاكساً لحركة الحياة والمجتمع وتطوراتها ومُمثّلاً على وجه الخصوص للطاقة الثورية فيها المتمثلة بإرادة التغيير، والضيق بالواقع، والنزوع إلى التمرد.[٢]