منشأ السمات الشخصية

نظرة عميقة على بعض الأنواع المختلفة من السمات الشخصية

غالبا ما يتحدث علماء النفس عن السمات الشخصية، ولكن ماذا تعني كلمة سمة؟ وكيف يعرف اختصاصيو الصحة النفسية هذا المصطلح؟

السمات الشخصية هي التي تحدد نمط شخصية كل منا وهي التي تجعلنا أشخاص فريدين من نوعنا،أما بالنسبة لعدد الصفات المختلفة الموجودة لدى أفراد البشر فهو لا يزال غير محدد وغير متفق عليه،فبعض الباحثين يرون الشخصيات مكونة من سمات ضيقة ومحددة جداً، في حين أن آخرين ينظرون إليها على أنها مزيج من سمات واسعة جدا.

دعونا نلقي نظرة فاحصة على كيفية تعريف الصفات، وأنواع مختلفة من الصفات الشخصية الموجودة، والمؤثرات المختلفة التي تسهم في تطوير سمات الشخصية.

كيف يتم تعريف السمات الشخصية؟

وعادة ما تعرف السمات الشخصية على أنها الخصائص المختلفة التي تشكل مجتمعة شخصية الفرد. وورد في كتيب الشخصية ” النظرية والبحوث” الذي وضعه المؤلفين روبرتس و وود وكاسبي تعريف آخر للسمات الشخصية والذي يقول “السمات الشخصية عبارة عن أنماط من الأفكار والمشاعر والسلوكيات الدائمة نسبياً والتي تميز الأفراد عن بعضهم البعض.”

وبحسب نظرية السمة فإن شخصياتنا تتكون من عدة السمات واسعة مختلفة. فالانفتاح على سبيل المثال هو بعد شخصي يصف كيف يتفاعل الفرد مع الناس الآخرين والعالم، وهنا نجد بعض الأفراد اجتماعيين وشديدي الانفتاح في حين أننا نجد بعضهم الآخر أكثر انطوائية وتحفظ وعزلة.

سابقاً ومنذ زمن ليس بالبعيد كان يعتقد أن السمات الشخصية يمكن أن يحدث عليها تغير طفيف جدا على مدى العمر. حديثاً ووفقاً لبعض الدراسات الطولية الأمد وجد أن السمات الشخصية ليست ثابتة وهي أكثر تعقيداً مما كان يعتقد سابقاً ومن الممكن أن تحدث عليها بعض التطورات والتغيرات على مر الزمن.

كيف تظهر التغييرات على السمات الشخصية؟

غالبا ما يكون ظهور تلك التغيرات صعبة نسبياً ولا سيما عندما يكون الحديث عن السمات الشخصية الواسعة السائدة. وفي حال ظهر عليها تغير فسوف يكون طفيف دقيق جدا.

فعلى سبيل المثال قد يصبح الشخص المنفتح متحفظاً إلى حد ما مع مرور الزمن. ولكن هذا لا يعني أنه سيتحول إلى شخص انطوائي معزول.

أي ببساطة حدث تغير طفيف في شخصية الفرد. فذلك الفرد لا يزال منفتح واجتماعي، إلا أنك تجده أحيانا يستمتع بالعزلة والأجواء الأكثر هدوءاً.

ومن ناحية أخرى نجد الشخص الانطوائي يميل إلى الانفتاح قليلاً مع تقدمه في السن وبالطبع هذا لا يعني أنه يتطور فجأة وتصبح لديه رغبة في أن يكون مركز اهتمام الآخرين أو يريد قضاء ليلة الجمعة في حشد كبير إلا أننا قد نجد أن هذا الشخص بدأ يشعر بمتعة أكبر قليلا عند حضور المناسبات الاجتماعية وكما يقل شعور الإنهاك والتوتر لديه بعد قضائه بعض الوقت في التنشئة الاجتماعية.

مبادئ السمات الشخصية

يصف روبرتس وزملاؤه في كتيبهم الخاص بالشخصيات بعض المبادئ الأساسية المستمدة من بحوث استهدفت دراسة الشخصية:

مبدأ النضج:

فالناس يميلون إلى أن يصبحوا مستقرين عاطفياً ومنفتحين اجتماعياً وأكثر ايجابية مع تقدمهم في السن.

مبدأ تطوير الهوية:

تتطور هوية الأفراد مع تقدم في السن لتصبح أكثر قوة ونضج مما يجلب مزيداً من الالتزام ويرفع قدرتهم على الاحتفاظ بمشاعرهم واستيعاب الصدمات العاطفية. أما الأطفال الأصغر سناً يكونون في مرحلة الاستكشاف باحثين عن ذاتهم وعن هويتهم التي لم تتكون بعد.

ومع التقدم بالسن يبدءون بالشعور بالولاء للهوية الأقوى التي زرعوها في أنفسهم خلال مراحل حياتهم.

مبدأ اللدونة:

فهي تميل للثبات ولكنها قد تتغير، فهي ليست راسخة حتماً. وهي تخضع للتأثيرات البيئية خلال أي مرحلة من مراحل الحياة.

مبدأ استمرارية الأدوار:

تعني أن اتساق الأدوار هو الذي يؤدي إلى صقل السمات الشخصية وليس ثبات البيئات.

لنفرض أن شخصاً ما طلب منك أن تذكر سماتك الشخصية الخاصة بك ماذا سيكون جوابك؟

غالباً ما يشعر الفرد بالارتباك أمام هكذا سؤال حيث تدور في ذهنه مجموعة متنوعة من الصفات مثل اللطف، العدوانية، التهذيب، الخجل، الانفتاح، الطموح. ففي حال كان لديك قائمة تضم كل السمات الشخصية ستشتمل تلك القائمة على مئات بل آلاف المصطلحات المتنوعة المستخدمة لوصف جوانب مختلفة من الشخصية.

حقيقية قام عالم النفس غوردون ألبورت بإنشاء قائمة من السمات الشخصية شملت أكثر من 4000 المصطلحات.

كانت مسألة عدد السمات الشخصية الموضوعة في تلك القائمة موضع نقاش معظم علماء النفس في كل مكان، إلا أن العديد من علماء النفس يعتمدون اليوم على ما يعرف بنموذج الخمس سمات الأساسية للشخصية.

تتكون الشخصية من خمسة أبعاد واسعة وفقا لذلك النموذج. وقد تكون الشخصيات الفردية إما مطابقة للنماذج الموضوعة فيه أو بعيدة عنها أو في مكان ما بين الخمسة صفات الأساسية.

نلاحظ من خلال جميع هذه الأمثلة أن سمة الشخصية الأساسية للفرد بقيت ثابتة لم تتغير جذرياً. والتغيرات التي طرأت عليها مع مرور الزمن والتي غالبا ما تكون نتيجة للتجارب أدت إلى ظهور تحولات طفيفة في تلك الصفات الأساسية.

السمات الخمس الأساسية التي تشكل الشخصية

وهي:

• الانبساط
• الضمير الحي
• الموافقة
• الانفتاح
• العصبية

معظم الخصائص التي قد تستخدم لوصف الشخصية تقع تحت أحد تلك العناوين العريضة. السمات الشخصية مثل الخجولة، المنفتحة، الودية، والاجتماعية هي جوانب الانبساط بينما السمات الأخرى مثل اللطف، العمق في التفكير، التنظيم، الطموح ستكون جزءاً من الصفات التابعة لسمة الضمير الحي.

ومن المهم أن نتذكر أن كل واحدة من هذه الصفات الخمس تمثل سلسلة متصلة من المشاعر. وتلك المشاعر تكون منخفضة عند بعض الناس ومرتفعة عند بعضهم الآخر.كما تكون شخصية بعض الناس مزيج بين صفتين وتشتمل على العديد من تلك هذه الخصائص.

السمات الشخصية تنشأ تحت تأثير عامل الجينات أم عامل البيئة؟

الأهم من ذلك ما هو مدى تأثر الحمض النووي للشخص تحت تأثير الطبيعة أو الشخصية المكتسبة أو الطبيعة؟

أمضى الباحثون عقوداً من الزمن يدرسون الأسرة والتوائم والأطفال المتبنين والأسر الحاضنة بهدف فهم الشخصية الوراثية الأصلية والشخصية المكتسبة تحت تأثير الوسط الخارجي. وتشير النتائج إلى أن كل من الوراثة والبيئة له دور في تكوين الشخصية على الرغم من أن عدداً من الدراسات المطبقة على التوأم والواسعة النطاق تشير إلى وجود عنصر وراثي قوي مؤثر في الشخصية.

دراسة التوائم مينيسوتا أحد الدراسات المطبقة في هذا المجال والفريدة من نوعها، طبقت هذه الدراسة على 350 زوج من التوائم بين عامي 1979 و1999. وشمل المشاركين مجموعات توائم متطابقة وتوائم أخوية نشأت سوية وفي نفس البيئة ومجموعات أخرى فصلت وعاش كل منهم على حدة.

وكشفت النتائج أن شخصيات التوائم المتطابقة كانت متشابهة جداً سواء كانت تعيش في نفس المنزل أو فصلت عن بعضها البعض، مما يشير إلى أن بعض جوانب الشخصية تتأثر إلى حد كبير بعلم الوراثة.

وهذا بالتأكيد لا يعني أن البيئة ليس لها أي دور في تشكيل الشخصية، توحي دراسات التوأم أن التوائم المتطابقة تمتلك صفات مشتركة بنسبة تصل إلى حوالي 50%، في حين التوائم الأخوية تمتلك صفات متشابهة بنسبة 20% فقط.

نستنتج أن السمات الشخصية كثيرة التعقيد وتشير البحوث العلمية إلى أن صفاتنا تتشكل تحت تأثير الوراثة والعوامل البيئية وتتفاعل هاتان القوتان بطرق مختلفة لتشكل في النتيجة شخصياتنا الفردية من نوعها.