من يحترق.. غزة أم النظام العربي؟

من يحترق غزة أم النظام العربي ما الذي يمكن أن يكتب في هذه اللحظات التي تذبح فيها غزة على يدي النازيين الجدد في الكيان الصهيوني الذي طالما أحرق الأرض وهتك العرض واستباح الحرمات واحتل المقدسات على مرأى ومسمع من العالم وبمباركة دولية صفحات الصحف العربية ستمتلئ اليوم بـ التنديد والشجب والاستنكار على المجازر..

من يحترق.. غزة أم النظام العربي؟

ما الذي يمكن أن يكتب في هذه اللحظات التي تذبح فيها غزة على يدي النازيين الجدد في الكيان الصهيوني، الذي طالما أحرق الأرض، وهتك العرض، واستباح الحرمات، واحتل المقدسات، على مرأى ومسمع من العالم، وبمباركة دولية؟ size=3>size=3>

صفحات الصحف العربية ستمتلئ اليوم بـ “التنديد” و”الشجب” و”الاستنكار” على المجازر الوحشية التي ارتكبت أمس في غزة هاشم الصامدة رغم كل الجراح، ورغم سقوط مئات الشهداء والجرحى، ولكن ماذا يمكن أن تقدم هذه الشعارات الرنانة التي أعلنت عنها الأنظمة العربية لأولئك الضحايا الأبرياء؟

العالم العربي أمام اختبار حقيقي، كفانا شعارات “رنانة” أمام كاميرات الفضائيات، ها هي “إسرائيل” تذبح الشعب الفلسطيني من الوريد إلى الوريد، دون أن يقول لها العالم العربي ـ وتحديدا الأنظمة العربية ـ كفى، وآن الأوان لإيقاف هذا العدوان المتواصل على أهلنا في هذا القطاع المحاصر منذ أكثر من عام.

ما يحدث في غزة اليوم أعدت له الآلة العسكرية الصهيونية، ومن المؤكد أُبلغت به دول، لتنفرد بهذا الشعب الأعزل والمحاصر بمنطقة جغرافية لا تتجاوز 150 ميلا، بها أكثر من مليون ونصف مليون إنسان، لتقدم على هذه المجازر الوحشية في وضح النهار، بل اختارت توقيتا لتوقع أكبر قدر من الخسائر البشرية حتى في صفوف الأطفال الذين خرجوا للتو من مدارسهم يحملون كتبهم على أكتافهم الصغيرة، ولتقول للعالم العربي: أضرب أبناءكم جهاراً نهاراً فماذا أنتم فاعلون؟
في كل مرة تعربد الطائرات “الإسرائيلية” في السماء العربية، وتعيث جيوشها الفساد في الأرض العربية، دون أن يكون هناك رادع حقيقي بالفعل وعلى الأرض، لا نقول تحريك الجيوش العربية لمواجهة هذه الاعتداءات على شعوبنا، بل على أقل تقدير مواجهة ذلك عبر رد فعل سياسي أو اقتصادي…، وإذا لم يكن بالإمكان حتى ذلك، فليترك الأمر أمام الشعوب العربية لتقوم بدورها، ولتفتح الحدود حتى يشعر أولئك المنكوبون أن لهم إخوة يقاسمونهم الهمّ ويحملون معهم الآلام.

العربي في جاهليته يتنادى إذا ما تعرض أحد من أبناء جلدته لاعتداء، بل حتى إذا ما كان معتديا فإن العربي في جاهليته كان ينصر أخاه، فكان شعارهم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فما بال العرب اليوم يدسون رؤوسهم في التراب أمام صرخات النساء وبكاء الأطفال ودماء الشهداء التي تروي الأرض العربية في كل مكان؟

لا نريد معتصماً في هذه اللحظة يجهز جيشاً جراراً يحرر به فلسطين، ويطهر به القدس، ويحرر به الأقصى، بل نريد نخوة العربي تنقذ ذلك الشعب الأبي من الإبادة والمحرقة التي أقامتها الصهيونية في أرض فلسطين، ونشاهدها ويشاهدها العالم في غزة.

“إسرائيل” عندما رأت أنها لم تستطع تركيع غزة الصامدة، وانه لا فائدة من الحصار المفروض على هذا القطاع الحر، وأن الإرادة الشعبية لا يمكن أن تجعل من أهل غزة إلا أبطالا حتى وهم في رمقهم الأخير، فما كان إلا أن تعلن الحرب الشاملة وبأحدث الأسلحة الفتاكة ضد شعب أعزل لا يملك إلا قليلا من البنادق العتيقة، وصواريخ بدائية لا تتجاوز ربما حدود نظر الإنسان ـ وإن كانت تشكل رعباً في قلوب الإسرائيليين ـ تطلقها قوى المقاومة البطلة، التي تمثل بارقة الأمل في ليل العرب المظلم.

مطلوب اليوم موقف عربي حازم تجاه كل ما يحدث من عدوان على هذه الأمة، آن الأوان ليكون للعرب موقف يحفظون به كرامتهم من “البهدلة”، “فإسرائيل” تريد إعادة هيبتها بعد هزيمتها على يد المقاومة اللبنانية البطلة في صيف 2006، فلم تجد إلا غزة الصامدة لتلقي عليها بحمم قنابلها وصواريخها لتحيل غزة إلى محرقة.

من المؤكد أن “إسرائيل” لم تجرؤ على القيام بمثل هذه المجزرة لولا الصمت العربي المطبق، الذي سبق في مجازر شتى، ولم تجد أي ردع سوى كلمات “التنديد” و”الشجب” و”الاستنكار”، وهو ما تعودت عليه، وبالتالي مثل لها ذلك الصمت “غطاء” لتمارس كل أشكال العدوان، وهو ما يدعونا اليوم للتساؤل عن الموقف الذي سيتم اتخاذه تجاه “إسرائيل” بعد جريمتها الأخيرة.

“إسرائيل” تراهن على الغضب الوقتي الذي يصاحب اعتداءاتها في كل مرة، دون أن يترجم ذلك على أرض الواقع، لذلك فهي لا تبالي بأي صوت عربي يخرج، لأنه سيظل “صوتا” لا تصاحبه أية خطوة عملية.

النظام العربي سيحترق قبل غزة إذا ما استمر هذا الصمت ـ حتى مع الضجيج الإعلامي العربي ـ دون تحرك عملي، ليست غزة هي التي تحترق فقط، النظام العربي هو الذي يحترق.

نعم هناك تحرك عملي قامت به دول عربية بصورة عاجلة عبر مساعدات طبية وعلاجية وإنسانية، كما هو الحال بالنسبة لدولة قطر، وهو أمر يحسب لكل من قام بذلك، ولكن نريد وقفة عربية موحدة تعيد للأمة مكانتها، وللشعوب كرامتها، وللمستضعفين والخائفين أمنهم، …، نريد هبَّةً تقول للعالم: نحن أمة عربية لها وزنها ودورها على الساحة، نريد عملاً يعلن للعالم وحدة هذه الأمة وإنها معنية بكل أبنائها في مشارق الأرض ومغاربها، …، الشعوب ستكون أول المدافعين عن الأنظمة العربية إذا ما أقدمت على أي خطوة تجاه استعادة الحق العربي السليب.

ما الذي يمنع الكيان الصهيوني من مهاجمة أي عاصمة عربية؟ فعليا لا شيء، لأن السكوت على الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بحق أهلنا في فلسطين سيدفع لانتهاج نفس الأمر.

النظام الرسمي العربي إذا ما أراد أن تكون له مصداقية أمام الرأي العام يجب أن يتحرك، ويكون له موقف تجاه ما يحدث في غزة، فهل سنجد ذلك على أرض الواقع؟ وهل ستحرك دماء الشهداء في غزة النخوة العربية؟ وهل سيبدأ العرب صفحة جديدة في تاريخ معركتهم ليس مع “إسرائيل” إنما مع عودة كرامتهم إلى الوجود؟

size=3>size=3>

ـــــــــــــــsize=3>size=3>

جابر الحرمي (الشرق القطرية 28/12/2008م).size=3>size=3>size=3>

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!